شؤون لبنانية

استقالة القرداحي فتحت ابواب الحوار الايجابي بين لبنان والخليج

كتب المُحرّر السياسي:

خلافًا لما كان يروّجه كثيرون عن “انعدام” فوائد استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، في مقابل إصرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على أنّها “المدخَل” الضروري لتصحيح العلاقة مع دول الخليج من “الشوائب” التي اعترتها في الآونة الأخيرة، فعلت الاستقالة فِعلَها على أرض الواقع، وتُرجِمت سريعًا “ارتياحًا” في الأوساط الشعبية والسياسية.
صحيح أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعب دورًا جوهريًا في تكريس “الإيجابيّة” التي طرأت على المشهد في اليومين الماضيين، من خلال “إحيائه” ما عُرفت بالمبادرة الفرنسية، على هامش الجولة التي قام بها على عدد من دول الخليج، وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية، إضافة إلى الإمارات وقطر، حيث شكّل ملفّ لبنان طبقًا “دسمًا” على اجتماعاته.

لكنّ الصحيح أيضًا أنّ ما فعله ماكرون جاء بدفعٍ من استقالة وزير الإعلام، بعدما استند إليها بوصفها “بادرة حسن نيّة” من الجانب اللبناني، تتجاوز في مضمونها وأبعادها “التطمينات الكلامية”، ليشجّع القادة الذين التقاهم على فتح “نافذة” التواصل مع لبنان، حتى لو بقيت النتائج المتوخّاة في خانة “الوعود” و”الآمال”، حتى يظهر خيطها الأبيض من الأسود.

الطريق فُتِحت “على مصراعيها”

بهذا المعنى، يمكن القول إنّ استقالة وزير الإعلام شكّلت، كما أراد رئيسا الحكومة منذ اليوم الأول، “مفتاح” الحوار اللازم مع دول الخليج لإعادة المياه إلى مجاريها، بحيث جاءت لتؤكد أنّ لبنان الرسميّ توّاق إلى عودة العلاقات بين لبنان وأشقائه العرب إلى طبيعتها، وأنّه يرفض أيّ “إساءة” لدول الخليج، سواء صدرت عمدًا أو عن غير قصد، أو حتى فُسّرت على غير محملها، كما حصل مع تصريحات الوزير قرداحي.

وثمّة من يذهب أبعد من ذلك ليقول إنّ الطريق لم تُفتَح فقط لإعادة المياه إلى مجاريها، التي كانت أساسًا “راكدة” قبل الأزمة الأخيرة، بل ربما تكون فُتِحت “على مصراعيها”، باعتبار أنّ الاتصال الهاتفي الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من جهة، والرئيس نجيب ميقاتي من جهة ثانية، شكّل أول “تواصل” مباشر بين الرياض وبيروت، منذ تشكيل الحكومة، وهو ما ينبغي أن يُبنى عليه.

وإذا كان الاتصال بحدّ ذاته “إنجازًا”، كونه ينهي ما اعتُبِرت “قطيعة” سعودية للبنان، منذ ما قبل تشكيل الحكومة، إلا أنّ الأهمّ يبقى في ما سيتبعه، خصوصًا أنّ كثيرين وضعوا التواصل الذي جرى في خانة “اللياقات والحَرَج”، وهو ما يتطلب من لبنان الرسمي مقاربة مختلفة، “تتناغم” مع “الثوابت” التي حملها البيان السعودي الفرنسي المشترك، علمًا أنّ معظم بنوده “تقاطعت” أصلاً مع بنود البيان الوزاري للحكومة “الميقاتية”.

عودة الحكومة أولاً!

بعيدًا عن جولة ماكرون الخليجية، وحضور “طيف” الملفّ اللبنانيّ على خطّها، والوعود والتعهّدات التي أطلِقت، ثمّة من اعتبر أنّ كلّ ما تحقّق في اليومين الماضيين يبقى “مع وقف التنفيذ”، طالما أنّ مجلس الوزراء معطَّل ومشلول، وأنّ كلّ ما حصل لم يؤدّ إلى “انفراجة” حكومية حقيقية، تتيح عودة الاجتماعات إلى الانعقاد والالتئام.

وإذا كان صحيحًا أنّ أسباب الأزمة الحكومية لم تُعالَج بعد، كما يريده الفريق الذي يصرّ جهارًا على مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، في مقابل رفض فريق آخر “توريط” الحكومة بما لا شأن به، رغم كل ما يُحكى عن “تسوية” قد تسلك طريقها نحو التنفيذ، فإن الأكيد أنّ رئيس مجلس الوزراء “مصمّم” على الاستفادة من “الفرصة” التي برزت من الرياض، لـ”إنعاش” الحكومة وإعادتها إلى الحياة، بعد شبه موت “قسري”، إن جاز التعبير.

وإذا كان رئيس الحكومة “يراهن”، كما يكرّر، على “حكمة ” مختلف الأفرقاء الذين يكوّنون مجلس الوزراء، والتي تتغلّب على “المصالح الفئوية الضيقة” التي قد تلوح في الأفق، فإنّه يصرّ في الوقت نفسه، على أنّ الأمور لا يمكن أن تبقى “تراوح نفسها” إلى ما لا نهاية، خصوصًا أنّ الحكومة جاءت في مهمّة “إنقاذية” واضحة، وأنّ الوقت يكاد “يضيع سدى”، فيما تتفاقم الأزمات التي يتخبّط خلفها اللبنانيون، دون أن يحصلوا على أيّ مقومّات للصمود.

ما رشح في اليومين الماضيين من تفاؤل وإيجابية هو، بلا شكّ، “بداية مشجّعة” لتصحيح “الشوائب” التي وقعت في الأيام الخوالي، لكنّه يبقى برأي كثيرين، “غير كافٍ”، فالمطلوب أن تتحرّر الحكومة من كلّ القيود التي تكبّلها، حتى “تقتنص” الفرص التي تُتاح أمامها، وتقدّم للبنانيين ما وعدتهم به بالحد الأدنى، قبل أن تصبح الانتخابات “الشغل الشاغل” للجميع، وتطغى بحساباتها “الشعبوية” على كلّ الاستحقاقات!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى