«إسلاميو» الجزائر يخسرون «معركة» التحقيق البرلماني في نتائج «الرئاسية»
تبون أبطل المسعى دستورياً بعد إعلانه عن إجراء «تحريات دقيقة»
سيضطر البرلمان الجزائري إلى رفض مبادرة أودعت بمكتبه في 22 سبتمبر الماضي، تتعلق بإطلاق «لجنة تحقيق برلمانية» بخصوص «تزوير» انتخابات الرئاسة التي جرت في السابع من الشهر نفسه، بعد أن كشف الرئيس عبد المجيد تبون، الفائز بولاية ثانية، عن «تحريات دقيقة» بخصوص الظروف التي جرى فيها الاستحقاق والأرقام التي تخصه.
وكان الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، المعروف اختصاراً بـ«حمس»، قد أودع عن طريق نوابه طلباً بمكتب «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، يخص إطلاق «لجنة تحقيق برلمانية» تعبيراً عن رفضه للنتيجة التي حصل عليها مرشحه ورئيسه عبد العالي حساني، في الانتخابات وهي 9 في المائة، بعيداً جداً عن تبون الفائز بـ84 في المائة من الأصوات، فيما كان نصيب مرشح «جبهة القوى الاشتراكية» المعارض، يوسف أوشيش، 6 في المائة من الأصوات.
وبينما كانت قيادة «حمس» تترقب موافقة مكتب البرلمان على طلبها، الذي يتيحه الدستور، أعلن الرئيس تبون، السبت الماضي، خلال مقابلة بثها التلفزيون العمومي، عن وجود «تحريات دقيقة لتحديد ما جرى في الانتخابات»، مؤكداً أن ذلك «تم بناء على رغبة المرشحين الثلاثة»، وأبرز تبون بأن «التحريات جارية حالياً داخل السلطة المستقلة للانتخابات، وستنشر نتائجها قريباً؛ لأنها تهم الرأي العام».
وانتقد تبون، ضمناً، رئيس هيئة الانتخابات محمد شرفي، بقوله: «في بعض الأحيان، هناك أشخاص لا يكونون في مستوى مؤسسات دستورية، مثل السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات، التي هي ركيزة دستورية تعزز شفافية الانتخابات»، مشيراً إلى الانتخابات التشريعية والبلدية المقررة عام 2026، عادّاً أنها «ستكون معقَّدة جداً، وستشهد ترشح الآلاف، فإذا لم تكن الآلة في المستوى المطلوب دستورياً، فسيكون لزاماً علينا مراجعتها».
ووفق دستور البلاد، «لا يمكن إنشاء لجنة تحقيق بخصوص وقائع تكون محل إجراء قضائي»، وكلام تبون يوحي بأن أحد الأجهزة الأمنية الثلاثة، الشرطة أو الدرك أو الأمن الداخلي، بدأ بالتحقيق في تزوير محتمل للانتخابات، وكل واحدة منها لا يمكن أن تتحرك قانوناً إلا بطلب من النيابة التي هي جهة قضائية.
وتم توجيه تهمة «التزوير»، سياسياً، إلى محمد شرفي، رئيس «سلطة الانتخابات»؛ لأن النتائج المؤقتة التي أعلنها كانت مختلفة تماماً عن النتائج التي أصدرتها «المحكمة الدستورية». وأكثر ما يؤخذ عليه أنه تحدث عن «معدل نسبة التصويت» لحساب نسبة المشاركة في الاقتراع؛ إذ تم تقسيم نسبة التصويت في كل ولاية على عدد الولايات الـ58. وأحدث هذا التصرف التباساً كبيراً في البلاد، وعكس حرجاً لدى الجهات المنظمة للانتخاب، بسبب الإقبال الضعيف على صناديق الاقتراع، بخلاف ما كانت تتوقعه السلطات العمومية.
ولم يصدر عن شرفي رد فعل على التهم التي تلاحقه، فيما يسود اعتقاد قوي بأنه لن يستمر على رأس «السلطة»، وقد يتعرض لمتابعة قضائية مع طاقمه الذي أشرف على تسيير العملية الانتخابية.
وأفاد أحمد صادوق، رئيس الكتلة البرلمانية لـ«مجتمع السلم» في اتصال مع «الشرق الأوسط»، بأن حزبه «يطالب بأخذ الأمر (التحقيق) بجدية حتى لا تطمس ربما أدلة التزوير بشكل يجعل المعنيين المباشرين يفلتون مما يتطلبه القانون، ويقتضيه واجب التحقيق». وقال إن الأرقام التي أعلن عنها «ضربت مصداقية الانتخاب، بسبب ما طالها من اضطراب وتضارب».
وكانت «حمس» قد أكدت أن إحصائيات الانتخابات «عبث بها العابثون، في استهداف واضح للوطن من خلال العملية الانتخابية، وارتكاب معلل لجرائم انتخابية موصوفة في قانون الانتخابات»، مؤكدة أن «الإجرام الذي استشرى من المستوى المحلي إلى المركزي استهدف استقرار البلاد أمام العالم، وتشويه العملية السياسية والانتخابية المتعلقة بأعلى منصب في الدولة، بغية تأزيم الأوضاع الداخلية، والسير بالبلاد نحو المجهول، دون أدنى تقدير للعواقب والمآلات».