رأي

لبنان … ما بعد الحرب الاوكرانية

كتب احمد العز في “اللواء”:

زيارة امين عام الامم المتحدة والرئيس التركي الى كييف واجتماعهم مع الرئيس الاوكراني تشكل ما يشبه بداية نهاية الحرب العالمية الاوكرانية مع الحديث عن ضرورة الحبوب الاوكرانية والسماد الروسي لتحقيق الامن الغذائي العالمي مع الاعتراف بحجم هشاشة النظام الدولي المتداعي وظهور أعراض الحروب الاهلية في الدول العظمى كالصين واميركا وخطر النزعات القومية والدينية على وحدة المجتمعات الاوروبية وعلى علاقاتها الأفريقية وفقدان الدول الكبرى هيبتها وريادتها ورمزيتها لدى الدول الصغرى .

مظاهر التحول في النظام العالمي بعد الحرب العالمية الاوكرانية متعددة من التداعيات الاقتصادية والمالية والامنية، الى الطاقة والغذاء والمخاطر النووية وانكشاف هشاشة الدول الديموقراطية وعدم قدرتها على قيادة العالم بعد انتهاء الحرب الباردة، وسقوط هيبة الاحادية الاميركية مع احداث ١١ ايلول ٢٠٠١ ، وتحول العملاق الاميركي الى قوة عسكرية استعراضية باحتلال افغانستان التي كان خروج الجيش السوفياتي منها سبب انتصار اميركا في الحرب الباردة ، ثم احتلال العراق ٢٠٠٣ المنهك من حروب الخليج الاولى والثانية وتفكيك المجتمع والدولة والجيش العراقي، الى تداعيات الانسحاب الاميركي من العراق ثم الانسحاب الاميركي من افغانستان في ختام فشل الاحادية الاميركية منذ ١١ ايلول ٢٠٠١ حتى الان.

الحرب العالمية الاوكرانية كشفت تورط دول المنطقة برهانات خاسرة على ما بعد اعتداءات ١١ ايلول من ايران التي اعتقدت بان احتلال العراق وافغانستان سيكون في مصلحتها، وكانت النتيجة تعرض شرائح مؤيدة لايران لويلات الانهيارات المجتمعية والاقتصادية والامنية بما هم جزء اصيل من شعوب بلاد الشام والخليج واليمن، حيث يعاني هؤلاء مع شركائهم من المكونات الطائفية والقومية من انهيار الفوضى والنزاعات،و تركيا ايضا استثمرت بالفوضى الخلاقة واعتقدت بانها العمق الطبيعي لمكونات اخرى، فكانت النتيجة ان جاءتها تلك المكونات تحمل تشردها وويلات حروبها الاهلية، واصبحت تركيا اليوم تعاني من تأثير النزاعات وتفكك مجتمعات الجوار على امنها واستقرارها، وكذلك اسرائيل التي اعتقدت بان قوتها العسكرية ستتحكم بمستقبل المنطقة من الفرات الى النيل وساهمت في اشعال الفتن والحروب فهي اليوم محاطة بمجتمعات مفككة ومشتته ومسلحة وليس لديها ما تخسره، وبالتالي اصبحت اسرائيل اقرب الى الزوال منها الى الكمال نتيجة ما اشعلته من حرائق وفتن في مجتمعات المحيط والجوار.

المنظومة العربية الذاهبة الى قمة الجزائر بعد طول غياب تنتظرها حرائق فلسطين واليمن وسوريا والعراق وليبيا وازمات السودان وتونس ولبنان والخلافات المغاربية وازمة الغذاء والطاقة مع تحولات خليجية استراتيجية بعد حرب اليمن وتداعيات بلاد الشام ودول البحر الاحمر، مما يحتم تشكيل خلية تفكير رفيعة لتحديد المخاطر والافاق الناتجة عن متغيرات النظام العالمي الجديد ما بعد اوكرانيا والحد من الارتدادات الاقليمية والدولية على المجتمعات الوطنية العربية.

لبنان بعد الحرب العالمية الاوكرانية فقد اهميته كساحة نزاعات بديلة واصبحت منظومات النزاع الامني والسياسي تعاني من تهميش وإهمال القوى الدولية والاقليمية الحاضنة والممولة لتلك المجموعات الطائفية والمذهبية والعقائدية، التي تعيش حالة من التشتت والضياع كالتي اصابت بعض الاحزاب عشية انهيار الاتحاد السوفياتي، ويبقى الامل في نهوض لبنان بجيل من الشباب الانقياء والغير ملوثين بجراثيم النزاعات الاهلية شابات وشباب يمتلكون ارادة التقدم الى الامام وعدم النظر الى الوراء وحمى الله لبنان من مخاطر الحماقات.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى