رأي

تحذيرات المفتي و«حوار الطرشان

صلاح سلام – اللواء

يتزايد التباعد في مواقف أهل الحكم من الأزمات المتناسلة في البلد، في حين تقترب خطابات المرجعيات الروحية إلى الحد التطابق في طرح المعالجات المناسبة للخروج من دوامة الإنهيارات المدمرة.

أهل الحكم يتناتشون مغانم الحكومة العتيدة قبل أن تُبصر ولادتها النور، فيما المرجعيات الروحية تضغط على جماعة القرار في السلطة للإسراع في تشكيل حكومة قادرة على الإنجاز، واضعين مصلحة البلد فوق كل الحسابات الأنانية والحزبية والسياسية والفئوية.

كلمة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، التي وجهها إلى اللبنانيين من مكة المكرمة عشية عيد الأضحى، لا تختلف عن العظات الأسبوعية للبطريرك الراعي والمطران عودة، وتتلاقى مع تصريحات شيخ العقل الدكتور أبو المنى، وما يصدر عن المجلس الشيعي من مواقف وبيانات وطنية، تُدين تقصير المنظومة الحاكمة، وتُطالب بإنتهاج سبل الإصلاح والإنقاذ، لإخراج البلاد والعباد من قعر جهنم.

ليست المرة الأولى التي يضع فيها المفتي دريان إصبعه على جروح الوطن، وما أكثرها، حيث كان في كل مرة يصف العلاج، ويُحذر من التأخر في تنفيذه.

ولكن الإشكالية الكبرى تكمن في أن أهل السلطة مُصرّون على تجاهل النداءات الروحية والوطنية، ويتصرفون وكأنهم يعيشون في كوكب آخر، حيث لا عتمة، ولا أزمات رغيف ودواء، ولا إنقطاع في المياه عن العاصمة منذ أكثر من أسبوعين. وحيث لا شعب جائع ولا أزمة بطالة، وكأن العملة الوطنية صامدة، ولم تخسر قيمتها عشرين مرة، أمام الدولار وبقية العملات الأجنبية.

لقد رسم المفتي دريان مشهداً مفصلاً للدولة المريضة التي تتهاوى أسسها الواحد تلو الآخر. وبقدر ما كان الكلام واقعياً فقد كان موجعاً، ومحذراً في الوقت نفسه، المسؤولين من مغبة الإستغراق في خلافاتهم، وتأخير تشكيل الحكومة التي يحتاجها البلد الذي يتخبط في سلسلة لا تنتهي من الأزمات والكوارث.

ولكن إنتقادات المفتي وبقية المرجعيات الروحية للأداء القاصر والفاشل لأهل الحكم، تنزل برداً وسلاماً على كبار المسؤولين، الذين أتقنوا إسلوب «حوار الطرشان» في تعاطيهم مع واقع البلد المتردي، ويخوضون «أم المعارك» ضد بعضهم بعضاً، عند تشكيل الحكومات، وفي كل إستحقاق دستوري، وخاصة إذا كان بمستوى الإنتخابات الرئاسية، التي أصبحت على الأبواب!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى