رأي

باسيل حاول إقالة قائد الجيش.. و”السيّد” رفض؟

كتبت ملاك عقيل في “اساس ميديا”:

تفيد معلومات موثوقة لموقع “أساس” أنّ العلاقة مقطوعة نهائياً بين قائد الجيش العماد جوزف عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

معلومة قد تختصر المشهد الذي طغى في الأيام الماضية على واجهة الأحداث لجهة التسريبات “المنظّمة” إلى عدّة وسائل إعلامية مكتوبة، تناقلتها المواقع الإلكترونية، وتحدّثت عن محاولة باسيل طرح بند إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقائد الجيش العماد جوزف عون في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء و”تصدّي” رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لها.

قادت هذه التسريبات باسيل إلى أن يصدر بياناً يوم السبت، ينفي خلاله أنّه طلب إدراج بندَيْ إقالة سلامة وعون على جدول أعمال مجلس الوزراء. كما تضمّن بين سطوره رسائل متعدّدة:

  • تسليم باسيل بأنّه صاحب حقّ كمرجعيّة سياسية في طلب إدراج ما يشاء من بنود على طاولة مجلس الوزراء، لكنّه لم يفعلها في ما يتعلّق بتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان لعلمه، كما قال، بأنّ “رئيس الحكومة ووزير المال يرفضان الأمر ويؤمّنان مع مرجعيّتهما السياسية الحماية الكاملة لرياض سلامة”.

يقول مصدر في السراي: كانت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة مفتوحة على كلّ الاحتمالات بعدما سبقها الحديث عن رغبة باسيل بإقرار تعيينات جزئية في وزارات الطاقة والسياحة والمال والتعليم العالي

  • صحيح أنّ باسيل نفى طلبه تعيين قائد جيش جديد مكان العماد جوزف عون، لكنّ “نَفَس” البيان يعكس حالة الاحتقان “الباسيلي” تجاه قائد العماد عون. وهو واقع استبقه باسيل بتوجيه اتّهامات مباشرة للجيش بالتقصير المتمادي في أكثر من ملفّ وتحميله، تحديداً، مسؤولية غرق زوق المهاجرين قبالة طرابلس.
  • وجّه باسيل اتّهامات “لجهات معروفة جيّداً من قبلنا” تتولّى التسريب، قاصداً، وفق المعلومات، رئيس الحكومة، حيث اعتبر أنّ “هناك من اخترع الكذبة واستعملها، كعادته، وأداؤه السياسي معروف في زرع النميمة والخلاف بين الناس”.

بيد أنّ الاتّهام الأهمّ ساقه ضدّ “الجهات الأمنيّة المسؤولة عن حماية الناس، بالأمن والمعلومات، لكنّها مضلَّلة خطأً، ومضلِّلة عمداً للناس بمعلومات مغلوطة. وهذا يحصل حين تختلط عليها مهامّها وتتحوّل من الأمن إلى السياسة”، آسفاً “ألا ينصبّ جهد كبار المسؤولين السياسيين والأمنيّين على الاهتمام بهموم الناس، بدل الاهتمام بشأن رئاسة الجمهورية”، فيما رئيس التيّار عنها غافل. ورأى كثيرون أنّ اتّهامات باسيل لم تخرج عن إطار ملعب الجيش نفسه، حيث ربط بين الغاية من التسريبات وملفّ رئاسة الجمهورية.

روايتان للتعيينات

هناك روايتان للضجيج والمناخات السياسية التي رافقت الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء:

الأولى تحدثّت، بالوقائع وبمحادثات موثّقة على واتساب، عن مسعى باسيليّ إلى التعيين وصلت أصداؤه إلى رئاسة الحكومة وإلى قيادة الجيش قبل يومين من جلسة مجلس الوزراء وبالتزامن مع وجود رئيس الجمهورية في المستشفى.

ينفي أصحاب هذه الرواية بالشكل أن يكون المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير قد دخل على الخط واجتمع مع ميقاتي والأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية في السراي طارحاً إدراج بندين في شأن تعيين بديلين عن سلامة وعون على جدول أعمال الجلسة الأخيرة. لكن بالمضمون، كما يقول هؤلاء: “الأمر صحيح. إذ سعى باسيل بالتزامن مع طلبه تغيير الحاكم إلى إقالة العماد عون وتعيين ضابط آخر مكانه، وقد وصل الخبر إلى ميقاتي يوم الأربعاء قبل يومين من جلسة الجمعة”.

حزب الله ضدّ إقالة قائد الجيش

وفق الرواية الأولى، لباسيل مرشّحاه لحاكميّة مصرف لبنان ولقيادة الجيش. لكنّ رفض ميقاتي للطرح كان قاطعاً، خصوصاً أنّ أهل السراي يتداولون “خبريّة” أنّ باسيل لا يسعى فقط إلى تعيين بديل عن جوزف عون، بل أيضاً محاسبته على أخطاء ارتكبها، ومنها حادثة التليل وغرق الزورق الطرابلسي. لكنّ الرفض الأكبر، برأي هؤلاء، أتى من جانب حزب الله الذي لم يساير باسيل في توجّهه لإقالة قائد الجيش. وثمّة من يقول إنّ الرفض أتى على لسان السيد حسن نصرالله شخصيّاً.

في السياق نفسه يقول مصدر في السراي: “كانت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة مفتوحة على كلّ الاحتمالات بعدما سبقها الحديث عن رغبة باسيل بإقرار تعيينات جزئية في وزارات الطاقة والسياحة والمال والتعليم العالي، يأتي من ضمنها تعيين حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش”. وفعلاً، طلب الوزير وليد فياض في جلسة مجلس الوزراء إقرار تعيينات في وزارة الطاقة (طارحاً على سبيل المثال اسم خالد نحلة وشخص آخر من آل الموسوي…)، لكنّ ميقاتي “طنّش” عن هذا الطلب، فكان عدم تأمين “اللوبي” السياسي المطلوب للتعيين سبباً لإفشال مخطّط جبران باسيل.

تفيد معلومات موثوقة لموقع “أساس” أنّ العلاقة مقطوعة نهائياً بين قائد الجيش العماد جوزف عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل

باسيل: الحرب مستمرّة ضدّي

الرواية الثانية مصدرها ميرنا الشالوحي، وتتحدّث عن تضليل مقصود يحصل في موضوع رياض سلامة وقائد الجيش أداته بعض الإعلاميين وصالونات النميمة و”اللقلقة” من زاوية المحاربة المستمرّة لرئيس التيار. بالنسبة إلى حاكم مصرف لبنان استسلم باسيل لواقع أنّ ميقاتي والرئيس نبيه بري، وحزب الله مسايرة لبرّي، لن يمشوا بخيار تعيين بديل عن رياض سلامة الآن. ومن دون وجود توافق سياسي على إقالته فأين المنطق في أن يحاول باسيل الضغط لطرح هذا البند على جدول أعمال الجلسة الأخيرة أو أيّ جلسة أخرى، مع العلم أنّ باسيل لم يتوانَ عن وصف سلامة بـinternational crook (المحتال الدوليّ).

يعترف فريق باسيل أنّ الأخير سعى إلى تمرير التعيينات الدبلوماسية، وكان يضغط لتعيينات أساسية على مستوى مديرين عامّين، لكنّه اصطدم بحائط سميك.

أمّا بالنسبة إلى قائد الجيش، يضيف هؤلاء: “هناك لائحة من المآخذ عليه لا تنتهي. ورئيس الجمهورية ميشال عون لم يكن موفّقاً في خياره ببداية العهد. ولو توافر القرار السياسي لكان يجب تعيين قائد جيش آخر مكانه. لكنّ الرغبة شيء والواقع شيء آخر. وباسيل لم يطرح رسميّاً إقالة جوزف عون، خصوصاً أنّ رئيس الجمهورية غير موافق على ذلك. ونحن منذ الآن نلمس وجود انغماس لبعض الأجهزة في العمل لصالح قائد الجيش، وفي الوقت المناسب تُقال كلّ الأمور”.

ينسف خصوم باسيل روايته من أساسها. ويدلّلون بالإصبع على “خبث” جبران في وضع رياض سلامة وجوزف عون في سلّة واحدة عبر الدعوة إلى تعيين بديلين عنهما:

  • الأول هو مشتبه به وملاحَق دولياً ومحلياً بشبهات فساد وتبيض وتهريب أموال والتسبّب بسرقة العصر التي أدّت إلى تبخّر أموال المودعين، وبالتالي “قبعه” من مكانه واجب وطني.
  • أمّا الثاني فهو ضابط يُشهد له باستقامته وابتعاده عن صالونات السياسة و”معارف” الـPR من مالكي مصارف ورجال أعمال ومتموّلين وأصحاب نفوذ، وهو على رأس مؤسسة عسكرية أثبتت أنّها الأكثر صموداً، فيما مؤسسات الدولة في مرحلة الانهيار الكامل. ويكفي أنّه من أصل 75 ألف عسكري وضابط كانوا في وضعية الاستنفار في الانتخابات النيابية، 60 فقط لا غير لم يلتحقوا بمراكزهم. وهو ما يُعتبر “صفر تأثير” على العملية الانتخابية. ولم يكن هذا الأمر ليحصل لولا الإحاطة التي يؤمّنها قائد الجيش لعسكره بكلّ تفاصيلها، فيما تعاني أجهزة أمنيّة أخرى من فقدان تغطية الطبابة والمساعدة الاجتماعية الطارئة.

يشدّد هؤلاء على أنّ “جوزف عون منذ تعيينه قائد جيش تعاطى بندّيّة كاملة مع رئيس الجمهورية. وهذا يعني أنّ أيّ طلب رئاسي لم يكن في مصلحة الجيش كان يردّ عليه قائد الجيش بالمنطق والأرقام، ورئيس الجمهورية كان يتفهّم الأمر بشكل كبير. والتواصل التقليدي مع ميشال عون لم ينقطع يوماً ويسوده كلّ الاحترام والتفهّم المتبادل. أمّا بالنسبة إلى باسيل فالعلاقة مقطوعة تماماً. والأسباب كثيرة، أهمّها أنّ قائد الجيش لا يقبل الإملاءات من أحد، سواء أكان حزباً أو مرجعيات سياسية، ولا يقبل أن يكون الجيش ملكاً لحزب أو طائفة أو شخص”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى