شؤون دولية

إيران تحاول إنهاء مهمة فريق أممي يراقب انتهاكاتها لحقوق الإنسان

أطلق مسؤولون إيرانيون حملة دبلوماسية على هامش اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف؛ لوقف مهمة المسؤول الأممي تفويض مراقبين يحققون في حالة حقوق الإنسان بإيران، وسط مساعٍ أوروبية لتمديد التفويض.

ويسعى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، وراء تحقيق هدفين أساسيين فيما يخص الملف الإيراني، إلى جانب مشاوراته مع نظرائه من الدول الأخرى بشأن الوضع في غزة، في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية وتفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.

وعلى رأس أهداف عبداللهيان، محاولة التصدي لمحاولات تسمية مقرر أممي جديد، مع انتهاء مهمة المقرر الحالي، جاويد رحمان الشهر المقبل.

والمهمة الأخرى التي يسعى وراءها عبداللهيان، إنهاء مهمة لجنة تقضي الحقائق التي أقرّها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في التحقيق بشأن حملة القمع التي أطلقتها السلطات الإيرانية لإخماد الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي هزّت أنحاء إيران بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق بدعوى سوء الحجاب.

وكانت ألمانيا نجحت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 في تمرير قرار بإجراء تحقيق من جانب خبراء تابعين للأمم المتحدة للتحقيق بشأن الحملة المميتة التي أسفرت عن مقتل 500 متظاهر، واعتقال أكثر من 20 ألفاً، وفقاً لمنظمات حقوق الإنسان.

وتعتزم وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إثارة ملف حقوق الإنسان في إيران في محاولة للإبقاء على مهمة لجنة تقصي الحقائق.

ومن المتوقع أن تعرض مجموعة الخبراء الآن تقريرها والمحتمل أن تجري مناقشته في 15 مارس (آذار) المقبل. وتسعى بيربوك إلى تمديد التفويض الممنوح لمجموعة الخبراء. وفي المقابل، رفضت إيران التعاون مع الخبراء الذين تم تعيينهم.

وترى الدول الغربية أن من الصعب حالياً مناقشة هذا الموضوع داخل مجلس حقوق الإنسان الذي يضم 47 دولة؛ إذ ينصبّ التركيز على الوضع في قطاع غزة.

وقاد وزير الخارجية الإيرانية، حسين أمير عبداللهيان، حملة اتهامات للدول الغربية بأنها تطبق «معايير مزدوجة»، حيث تدين الدول الغربية القمع من قِبل الحكومة في إيران، لكنها لا تكترث بما يكفي بانتهاكات حقوق الإنسان ضد السكان المسلمين في قطاع غزة؛ وهو الاتهام الذي تنفيه الدول الغربية.

لجنة تقصي حقائق

وأدان عبداللهيان في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان اليوم تشكيل لجنة تقصي حقائق بعد وفاة مهسا أميني.

وقال عبداللهيان: «لن ننسى كم من صرخات ارتفعت في هذا المكان العام الماضي بسبب فاجعة وفاة فتاة إيرانية عزيزة أثّرت علينا جميعاً في إيران وتم تشكيل لجنة لتقصي الحقيقة، لكننا اليوم نواجه مقتل الآلاف النساء والأطفال أبرياء في غزة، ولا يوجد تحرك جدي على مستوى الأمم المتحدة».

وانتقد عبداللهيان «إنشاء آليات فُرضت ضد بلدي بذرائع مثل تقصي الحقائق»، ومضيفاً أن هذه اللجنة «ليس لها أساس منطقي ولا شرعية قانونية دولية، وهي مجرد ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان كأداة لممارسة الضغط السياسي»، حسبما أوردت وزارة الخارجية الإيرانية.

وزاد: «ومن الضروري أن أكرر هذه النقطة مرة أخرى، وهي أن إنشاء آليات فُرضت ضد بلدي بحجة معرفة الحقيقة، في ظل الظروف التي تنشط فيها هذه الآليات في جمهورية إيران الإسلامية؛ فهو ليس له أساس منطقي ولا شرعية قانونية دولية، ويُعدّ ذريعة لانتهاكات حقوق الإنسان كأداة لممارسة الضغط السياسي».

وتنتخب الدول الأعضاء الـ47 من قِبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لفترة ثلاث سنوات في مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية، وتشغل ألمانيا حالياً مقعداً في المجلس.

ويجري التصويت على قرارات مثل تمديد التفويض الممنوح لمجموعة الخبراء قبيل نهاية الجلسة التي ستستمر حتى الخامس من أبريل (نيسان) المقبل.

وكانت نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان، ندى الناشف، قد زارت طهران لأيام، وأجرت مباحثات خلف الأبواب المغلقة مع مسؤولين إيرانيين، ولم تعرف بعد ما دار في اجتماعات المسؤولة الأممية. وانتقد ناشطون وجماعات معنية بحقوق الإنسان في إيران زيارة المسؤولة إلى طهران.

وكانت الناشطة الإيرانية في مجال حقوق الإنسان، لادن برومند، قد دعت سفراء الدول الديمقراطية الحرة إلى مقاطعة كلمة عبداللهيان. وقالت: «لا يمكنك الوقوف ساكناً والاستماع إلى سيل الأكاذيب التي سيطلقها لملء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بواقع مزيف مقيت».

حرب غزة

وأبدى ناشطون مخاوف من محاولات المسؤولين توظيف حرب غزة لإنهاء مهمة المقرر الأممي التي بدأت في عام 2011. وشكلت التقارير الفصلية التي يصدرها المقرر الأممي مصدر حرج للمسؤولين الإيرانيين.

ومنذ إعادة تسمية مقرر خاص بحالة حقوق الإنسان، رفضت السلطات الإيرانية السماح له بزيارة طهران. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال مقرّر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في إيران جاويد رحمان، في حديث لقناة «صوت أميركا» الفارسية، إن «السلطات في الجمهورية الإسلامية تخشى أن أذهب إلى إيران وأفضحهم».

مطلع الشهر الحالي، قال جاويد رحمن: إنّ الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس شجّعت «القمع» في إيران، مشيراً إلى أن ما تقوم به الجمهورية الإسلامية «هو رد فعل على فقدان المصداقية بعد الاحتجاجات الحاشدة».

وقبل كلمته، أجرى عبداللهيان مشاورات مع رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش. ونقلت وكالات إيرانية قوله خلال الاجتماع: إن «قادة المجموعات الفلسطينية، يريدون الأساليب الديمقراطية والتوصل إلى اتفاق سياسي، بين الفصائل والتيارات الفلسطينية كافة لإدارة غزة ما بعد الحرب».

كما أجرى عبداللهيان مشاورات مع نظيره الأردني أيمن الصفدي. وأفادت الخارجية الأردنية على منصة «إكس» بأن اللقاء «ركّز على جهود وقف العدوان الإسرائيلي على غزة والحؤول دون المزيد من التصعيد في المنطقة».

كما بحث الوزيران الأوضاع في سوريا وخصوصاً خطر تهريب المخدرات من سوريا للأردن، وضرورة وقف هذا الخطر. وأكد الصفدي أن بلاده عازمة على التصدي لهذا الخطر واتخاذ كل ما يلزم من خطوات لدحره.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى