باسم المرعبي – ناشر موقع “رأي سياسي”…
ما تزال أصداء زيارة الرئيس سعد الحريري الى بيروت عشية أحياء ذكرى استشهاد والده الرئيس رقيق الحريري في الرابع عشر من شباط الماضي، تسمع في الصالونات السياسية الضيقة، وهي الى الآن تخضع الى الكثير من التأويلات والإجتهادات وإن كانت من حيث الشكل حدث عادي، لكنها من حيث المضمون حملت دلائل عدة أبرزها أن الرئيس الحريري ما زال قادراً بالرغم من اعتكافه وغيابه عن المشهد السياسي، على لملمة الشارع السني المشتت الى أكثر من ناحية، كما انها كانت بمثابة رسالة غير مباشرة الى من يعنيهم الأمر بأن الرئيس الحريري ما يزال يتمتع بحضور قوي ليس في بيروت وحسب وانما على مستوى لبنان، وهذا ما يؤهله اذا سنحت الظروف الاقليمية والدولية الى ان يعود ويلعب دوره الوطني على مساحة لبنان.
واذا كانت الظروف التي حملت الرئيس الحريري الى مغادرة الحلبة السياسية والتزام الصمت حيال كل القضايا المطروحة الا ما ندر، لم تتبدد بعد، فإن الرجل أظهر من خلال حركته السياسية والحشد الشعبي الذي وفد الى دارته في وسط بيروت، بأنه ما زال حاضراً وبفاعلية وأن غيابه طيلة الأشهر الماضية عن لبنان، لم يكن له ذاك التأثير الذي يمكن معه القول أن البيت السياسي لآل الحريري قد اقفل، بل على العكس إن ما ظهر خلال وجود الحريري على مدى اكثر من ثلاثة ايام ببيروت حيث التقى في دارته شخصيات من مختلف الأطياف السياسية، عكس مناخات مفادها بأن موقع الحريري ما زال في مكانه، وان الحفاوة التي تلقاها خلال زيارته عين التينة والسراي الحكومي أبلغ دليل بأن الرجل متى شاءت الظروف أن يعود سيجد كل القلوب مفتوحة والأيادي ممدودة ليقوم بما يمليه عليه واجبه الوطني.
لكن هذه الزيارة للرئيس الحريري الى بيروت على هذا النحو ساهم فيها تدخل اكثر من طرف عربي، حيث حصل موقع “رأي سياسي” على معلومات من مصادر عربية تفيد بأن هناك من أوعز أو حرّض الشارع لكي يتحرك على النحو الذي كان عليه قبل مجيء الحريري، وخلال وجوده في بيروت، من باب أن شعبيته ما تزال محافظة على منسوبها العالي وأن غيابه عن المشهد لم يقلل من حجم الكتلة الشعبية السنية المؤيدة له، وقد اراد هؤلاء ايضاً أن يظهروا بأن الحريري ربما يكون وحده القادر على وضع حد للتشرذم الذي يعصف بالسنة على المستوى السياسي، وقد قامت جمهورية مصر العربية بدور فاعل في هذا الاطار، حيث تؤكد المصادر بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يكن للحريري الحب والمودة قد فاتح بناء على طلب من رئيس دولة الامارات محمد بن زايد آل نهيان، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في القمة العربية الأخيرة بضرورة أن تعود العلاقة بين المملكة والحريري الى ما كانت عليه، واعتبار ما حصل في السابق بأنه غيمة ومّرت، وقد انطلق السيسي في مسعاه من أن هناك شرذمة في الشارع السني غير موجودة الى هذا الحد في باقي الطوائف، وأنه في رأيه لا توجد شخصية قادرة على لم الشمل السني الا الرئيس سعد الحريري، فأنا والكلام للسيسي أمام بن سلمان “ليس قصدي احياء الحريرية السياسية بقدر ما هو هدفي توحيد هذه الطائفة قبل أن يكبر الشرخ الموجود، حيث نجد شخصيات سياسية سنية موجودة عند هذا الفريق أو ذاك بدل أن يكونوا كتلة واحدة متراصة ذات فعالية في سلطة القرار”، وقد أبدى الرئيس المصري استعداده الالتزام بأي ضمانات تريدها المملكة، وهنا خاطب بن سلمان الرئيس المصري بالقول: “لن أرفض لك طلب، فيمكن القول اننا نعطي الحريري الضوء البرتقالي أما الضوء الأخضر فيأتي لاحقاً. وهكذا كان حيث حضر الحريري الى بيروت وقام بمروحة اتصالات ولقاءات وكل ذلك كان تحت المجهر المصري.