لا يمكن هزيمة دولة نووية.. فلماذا الإصرار على دعم أوكرانيا؟
كتب الكاتب المغربي أيوب نصر في “رأي اليوم”:
“القوى النووية لا تخسر أبدا في صراعات كبرى يتوقف عليها مصيرها”هكذا قال دميتري ميدفيديف الرئيس الروسي السابق والنائب الحالي لرئيس مجلس الأمن الروسي، وقوله حقيقة مثبتة لا يمكن إنكارها أو غض الطرف عنها، بل إن الجميع يعترف بها ويقرونها، سواء كانوا موالين لروسيا أو معادين لها، ولكن رغم وضوح هذه الحقيقة وبيانها، إلا أن الدول الغربية تمعن في دعم أوكرانيا و تستميت في دفع الأسلحة إليها، فهل ترغب الدول الغربية في إندلاع حرب عالمية ثالثة؟؟
إن الذي يتخلص عندي هو أن الدول الغربية، وخاصة الأوروبية، لا ترغب في خوض أي حرب عالمية أخرى، وذلك لأمرين، الأول: راجع إلى ما عانته من الحربين العالميتين الأولى والثانية من تدمير الديار وتشريد العوائل والأطفال و انهيار الإقتصاد، وغير هذا من الأشياء التي جنتها الحرب العالمية على الدول الغربية.
وأما الأمر الثاني: فهو رغد العيش الذي شهدته تلكم الدول بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك بعد نهبها لثروات وخيرات الدول التي كانت تستعمرها، وقيام حرب عالمية ثالثة يعني فقدان هذا المستوى من الحياة.
وإذا كان الأمر على هذا النحو، من عدم رغبة الدول الغربية في الدخول في حرب عالمية ثالثة، ومن استحالة هزيمة دولة نووية في حرب تقليدية، إذا كان الأمر على هذا النحو، فلماذا نرى هذا الإعراض الغربي عن دفع أوكرانيا إلى المفاوضات، والإمعان في تقديم الأسلحة إليها؟؟
إن الغرب يصبو من وراء كل هذا الدعم وهذه الأسلحة التي يقدمها لأوكرانيا إلى أحد الحلين، فأما أحدهما: هو دفع روسيا إلى استخدام أسلحة نووية ضد أوكرانيا، وهكذا يكون هناك مبرر معقول لاستسلام أوكرانيا ومن ورائها الغرب، كما أن العالم سينظر إلى روسيا بعين الإزدراء والاحتقار، وربما يؤدي إلى إنعزال روسيا دوليا.
وأما الآخر: فهو جر روسيا إلى حرب طويلة يتم إستنزافها فيها عسكريا واقتصاديا، وهكذا يسهل بعد ذلك العمل على تفكيكها أو قلب نظام الحكم فيها.
وأظن أن روسيا منتبهة لهذا، وانتباهها يظهر في تصريحات المسؤولين الروس والتي تنطوي في مجموعها على أمر مهم، وهو أن لجوء روسيا إلى السلاح النووي لن يقتصر على أوكرانيا وإنما سيتجاوزها ليشمل الدول المعادية لها كلها، وفي هذا رسالة إلى أنه لن تلجأ روسيا إلى السلاح النووي ضد أوكرانيا إلا بعد أن تستعمله ضدد الغرب وعواصم النيتو.
كما أن تحركات روسيا على المستوى الديبلوماسي، في إفريقيا والعالم العربي، لأجل التوسع والبحث عن شركاء جدد على المستوى الاستراتيجي والاقتصادي، يظهر رغبتها في إطالة هذه الحرب، وذلك أن توسعها العربي والإفريقي سيكسبها مساحات تمكنها من القفز على العقوبات الغربية والحفاظ على استقرار اقتصادها، وهكذا تتجنب الأزمات الداخلية التي يمكن للغرب استغلالها لأجل تفكيك روسيا.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن “رأي سياسي” وإنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا