رأي

هل يترشح نوّاف سلام في بيروت؟

كتب خالد البواب في “اساس ميديا”:

لا يمكن للسُنّة في لبنان أن يركنوا إلى معادلة “أنا ومن بعدي الطوفان”. مسلسل الإضعاف والتخريب الذي يتعرّضون له منذ اغتيال رفيق الحريري في العام 2005 مستمرّ إلى هذا اليوم، وقابل لأن يتوسّع أكثر، خصوصاً في حال عدم إقدامهم على معالجة مشاكلهم ومنع المخرّبين من التحكّم بمصائرهم.

لم يكتفِ الرئيس سعد الحريري بالكبوات السياسية التي وقع فيها خلال ممارسته عمله السياسي، بل أن بعضها يستمر بعد إعلانه العزوف، من خلال عدم تحفيز البيئة السنّيّة على المشاركة في العملية الانتخابية، فيفتح بذلك الطريق أمام المقاطعة التي ستُخفض نسبة التصويت وتمنح الخصوم فرصةً لتسجيل اختراقاتهم من خلال زيادة عدد نوابهم مع انخفاض الحواصل الانتخابية والثبات النسبي لـ”بلوكات” الناخبين التابعة لهم، مقابل تضعضع البلوكات السنيّة بشكل كبير.

حضر نواف سلام الأسبوع الفائت إلى لبنان، وعقد عدداً من اللقاءات مع شخصيات سياسية، وقد حاول البعض إقناعه بالعودة للترشّح وخوض الانتخابات

عندما قرّر سعد الحريري الذهاب إلى تسوية عام 2016 ولم يُحسن إدارتها، انطلق من فكرة “أنا ومن بعدي جهنم”. وكذلك عندما أعطى الأولويّة للتحالف مع جبران باسيل والعلاقة معه على حساب كلّ حلفائه السابقين، وأسهم في إدخال شخصيات هزيلة إلى اللعبة السياسية والنيابية. وحالياً عندما يعلن عزوفه وتعليقه عمله السياسي، يكرّس قاعدة “أنا ومن بعدي”، وينصح نواب كتلته بعدم الترشّح لأنّ الوضع في البلد سيذهب إلى المزيد من التدهور.

يسعى الحريري أيضاً إلى تكريس المعادلة نفسها من خلال رفضه ترك هامش سياسي لأيّ جهة مؤمنة بالحريريّة أو تسعى إلى الحفاظ عليها بالاستمرار بالعمل السياسي وقيادة المرحلة الانتقالية إلى أن يقرّر العودة، فيما تبرز شخصيّات قريبة منه ولا تزال على تنسيق معه تحاول قطع الطريق على أيّ حركة سياسية من خلال خلق فوضى في سوق الترشيحات والمكائد، الأمر الذي سينعكس مزيداً من الفوضى والتخريب والتشتّت داخل البيئة السنّيّة.

وصول نواف سلام

حضر نواف سلام الأسبوع الفائت إلى لبنان، وعقد عدداً من اللقاءات مع شخصيات سياسية، وقد حاول البعض إقناعه بالعودة للترشّح وخوض الانتخابات، فحصل نوع من “التناتش” حوله بين شخصيات متعدّدة، بعضها قريب من الحريري، وبعضها الآخر معارض لسلوك الحريري في السنوات الأخيرة. لكن لم يطلق نواف سلام موقفاً حاسماً أو واضحاً، إنّما فضّل التفكير في ما يمكنه فعله.

يسعى الرئيس فؤاد السنيورة إلى التحرّك أيضاً، لكنّه يستخدم عباءة رؤساء الحكومة السابقين، وعمليّاً يشكّل ثنائيّاً مع الرئيس نجيب ميقاتي بعد اعتكاف الحريري وإعلان تمام سلام عدم خوض الانتخابات. وهذا سيُسهم في المزيد من التشتّت، في حال عدم بلورة مشروع وطني شامل وواسع لا يربط السياسة بالشخص، بل يقوم على تعزيز أوراق القوة من خلال التنوّع الأشمل القادر على تشكيل سدّ منيع في مواجهة أيّ اختراقات قد تتعرّض لها البيئة السنّيّة.

لا بدّ من مراقبة مساعي حزب الله لتسجيل هذه الاختراقات. فالحزب يسعى إلى إجراء دراسة وافية عن كيفيّة خوضه المعركة الانتخابية في بيروت وغيرها، وهو يستعدّ لخوض معركة كاسرة في العاصمة، من خلال الترشيحات التي سيفرضها سنّياً أو درزياً أو مسيحياً. وأيّ تشتّت سنّي وأيّ ضياع في البوصلة وافتقار إلى المسار السياسي الواضح، سيؤدّي إلى تكريس فوز حزب الله في الإنتخابات. وعليه سيكون السُنّة في لبنان أمام ثلاثة احتمالات:

  • إمّا أن يقوم المؤمنون بمشروع الحريرية السيادية بتحشيد أنفسهم والاجتماع على كلمة سواء للدفاع عن المشروع وعن وضعيّتهم السياسية في البلد.
  • وإمّا أن يُعاد إنتاج زعامات محلية ومناطقية تصل إلى الندوة النيابية بلا طعم ولا لون ولا مشروع سياسي.
  • وإمّا أن يفشل الجميع فيما ينجح حزب الله في تحقيق الاختراقات، انطلاقاً من تكريس مبدأ مقاطعة الانتخابات وخفض نسبة التصويت.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى