أبرز

هل من جمعيات وراء توطين النازحين السوريين ؟

خاص رأي سياسي-نائلة حمزة عبد الصمد

  مع كل أزمة مستجدة في لبنان منذ بدء الأزمة الاقتصادية أواخر عام 2019 وحتى قبله، تعود سردية تحميل اللاجئين السوريين المسؤولية عن الأزمة إلى الواجهة، وتتبناها قوى سياسية ، في وقت تشير تقاريرأممية الى إن أغلبية اللاجئين باتوا عاجزين عن توفير الحدّ الأدنى من الإنفاق اللازم لضمان البقاء على قيد الحياة.

لا يمكن استخدام هذه النظرة العامة لتقييم تأثير اللاجئين على الاقتصاد، الأمر الذي أثر على المجتمعات المحلية المختلفة بطرق متفاوتة. وتسبّب تواجد النازحين على الأرجح بتفاقم عدم المساواة في البلاد، حيث تستفيد الفئات ذات الدخل المرتفع بينما يتحمل العبء الأكبر بعض المواطنين الأكثر فقراً.

الا ان ما يجري في لبنان خصوصاً بعد تقديم الأمم المتحدة مساعدات للاجئين بالعملة الاجنبية (الدولار الاميركي)، أصبح التفاوت في الأجر بين النازح السوري والمقيم اللبناني واضح للغاية جراء الأزمة التي تعصف بالبلاد وارتفاع سعر صرف الدولار. وهنا توجد حاجة للتفكير في سياسات إعادة التوزيع بين الفئات المختلفة، بحيث لا يزداد التفاوت في الدخل كنتيجة لأزمة اللاجئين.

  وفي أمثلة خطيرة على ما يجري، علم موقع “رأي سياسي” ، أن هيئات من المجتمع المدني المموّلة من بعض الدول الاوروبية التي تعمل في لبنان ، تقوم بإجراء مسح في عدد من المناطق اللبنانية التي تستضيف النازحين السوريين في محاولة لاعطاء النازح السوري أجراً أكبر للبقاء في لبنان ، تحت عنوان الحقوق .

طارق خبازي- رئيس بلدية بزبينا

رئيس بلدية بزبينا الواقعة في منطقة الجومه العكارية، طارق خبازي ، أشار الى ان “إحدى هذه الجمعيات طرحت عليه تمويل مشاريع انمائية كثيرة للبلدة ، مقابل أن تكون أغلبية اليد العاملة في هذه المشاريع سورية ، أي 90% من اليد العاملة من السوريين و10 الباقية من اللبنانيين” .
خبازي الذي رفض هذه الطرح رفضاَ قاطعاَ، لأنه يحمل في طياته “أهدافاً خطيرة ليس تعصباً “كما قال، لفت الى ان بلدته تستضيف ما يقارب 400 نازح ، في إحصاء أجراه منذ 3 سنوات. وشدد إلى أن “مثل هذه المشاريع تؤدي الى حصول أزمة مالية ومعيشية للبنانيين. إذ أن النازح السوري يستحصل على الكهرباء والمياه مجاناً وكذلك لا يدفع الرسوم البلدية وغيرها وينافس الشاب اللبناني في العمل.”
وعلم موقعنا ان بلديات عدَة سارت في مثل هذه المشاريع من أجل تأمين مشاريع انمائية للبلدة ، قبل موعد استحقاق الانتخابات البلدية ، إن حصلت.
وفي اطار التوسع بالموضوع ، علمنا أن الجمعية التي تعمل على تنمية القرى الريفية هي جمعية L.M.T أو جمعية درب الجبل اللبناني.
مصدر مسؤول في هذه الجمعية أشار لموقعنا ،الى ان التبرعات التي تأتي تكون مشروطة، وعلى الجمعية تنفيذها. لافتاً في هذا الاطار، الى أن الشروط وللأسف، على حد تعبيره، تطلب أن يستفيد العدد الأكبر من اليد العاملة السورية من هذه المشاريع. وفيما اعتبر المصدر ان ما يحصل كبير وخطير، قال إنه يخرق الشروط المطلوبة في أكثر الاحيان ويعطي اولوية التوظيف لعدد من اللبنانيين.

عصام شرف الدين-وزير شؤون المهجرين

وفي تعليق أولي للحكومة على ما يجري، رفض وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين لموقعنا، ما يحصل خصوصاً بالنسبة الى التمييز وعدم المساواة بين العامل اللبناني والسوري، مبدياً خشيته من أن يكون وراء هذه المشاريع خلفيات سياسية وهي تثبيت النازحين في لبنان وتوطينهم على المدى البعيد. وشدد على ان المجتمع الدولي يعيق عملية عودة النازحين السوريين الى بلدهم ليس فقط من لبنان ، بل أيضا من العراق وتركيا والأردن.
ولفت شرف الدين الى ان هذه الجمعيات التي تنسق مع الهيئات الأممية تقوم بصفقات خارجة عن التنسيق مع الدولة اللبنانية ، وتتم بينها وبين البلديات في القرى ، اذ تقوم بمشاريع تحت عناوين إنسانية ، من دون معرفة الوزارات المعنية.
في اشارة الى الوجود السوري، تقول الإحصاءات الأكثر واقعية والمجمعة من عدة مصادر ، إنّ كلفة النازحين السوريين على الاقتصاد اللبناني تصل الى 3 مليارات دولار أميركي في السنة الواحدة، أي ما يعادل 36 مليار خلال 10 سنوات، وقد دخل الى لبنان خلال هذه الفترة كدعم عربي ودولي للنازحين 9 مليارات دولار، ويساهم السوريون، كمستثمرين أو نازحين بجزء من الناتج المحلي اللبناني، من خلال نشاطهم في القطاعات التي تحتاج لعملهم، وقسم من هؤلاء تضرروا من الأزمة التي أصابت المصارف اللبنانية، نظرا لحجم ودائعهم في هذه المصارف، ولم يعد بإمكانهم الوصول إليها كما هو حاصل مع المودعين اللبنانيين.
وبعد محاولات عدة لإعادة النازحين الى ديارهم ، وفي اطار مبادرة روسية وأخرى قامت بها وزارة شؤون المهجرين بالتعاون مع الأمن العام، عادت بعض العائلات ، الا ان هناك بعض المعضلات الأخرى تحول دون عودة آخرين.
وكان واضحاً تأكيد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أن المجتمع الدولي لا يريد إعادة هؤلاء إلى بلادهم، وأن دولاً كبرى تعرقل عودتهم بحجج مختلفة، والدليل أنه قدّم عرضاً لتأمين عودة آمنة لهم، بعدما حصل على ضمان القيادة السورية، ولكن تم رفض العرض.
هذا الاتجاه الدولي في التعاطي مع أزمة النازحين السوريين يكشف لماذا تصرّ الأمم المتحدة، من خلال المفوضية العليا للنازحين وسائر منظماتها وهيئاتها المعنية، على إصدار توصياتها للنازحين بعدم العودة وتحذيرهم من مخاطرها الأمنية.
ومن نافل القول، أن هناك ما يزيد عن مليون عامل سوري كانوا موجودين في لبنان، ويعملون في مرافق مختلفة قبل اندلاع الاحتجاجات في العام 2011، وتقول مصادر متابعة أن حجم تحويلات هؤلاء الى سوريا كان يقارب 5 مليارات دولار سنويا، وهذا يؤكد أن هناك تأثير للسوريين على الاقتصاد اللبناني قبل الأحداث التي سببت بالنزوح، وبمعنى آخر فأن ملف النازحين لا يقف خلف الانهيار المالي في لبنان كما يقول بعضهم، في محاولة جديدة للتهرب من المسؤولية عن التسبب بالأزمة، وفي ذات الوقت، لا يعني عدم وجود خسائر على الاقتصاد اللبناني من جراء إقامة هؤلاء في لبنان، وهذه الخسائر واضحة من خلال استهلاك النازحين للسلع الغذائية التي تدعمها الدولة اللبنانية كالقمح مثلاَ ، واستعمالهم للموارد المائية والكهربائية، وفي استخدامهم للبنى التحتية اللبنانية المتهالكة مثل الطرقات والصرف الصحي.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى