كتبت صحيفة “نداء الوطن”: بانشراح وتفاؤل يقارب أركان السلطة “الطحشة” الخارجية على الساحة اللبنانية، ومنهم من لا يتوانى في مجالسه عن التعامل مع جريمة العاقبية على قاعدة “رُبّ ضارة نافعة” باعتبارها أعادت استدراج الاهتمام الدولي بلبنان، بعدما شكّلت عامل “استقطاب دموي” للمواقف والزيارات الأوروبية الحريصة على الاستقرار اللبناني وعلى سلامة قوات “اليونيفل” العاملة في الجنوب.
فعطفاً على زيارة وزير الخارجية الإيطالية أمس، وما سيليها أواخر الشهر من زيارة سيقوم بها كل من رئيس الوزراء الإسباني ووزيرة الدفاع الفرنسية إلى بيروت، ومع تواتر المعلومات العابرة للحدود عن حراك خارجي يقوده الرئيس الفرنسي بالتكافل والتضامن مع واشنطن والرياض والدوحة لبلورة صيغة الحلول المؤاتية لوضعية التأزّم اللبناني، كشفت مصادر واسعة الاطلاع عن انطلاق “حراك بعيد عن الأضواء في المطبخ الداخلي تحضيراً لوعاء التسوية اللبنانية وفق مقادير الوصفة الخارجية”.
وأوضحت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّ الاتصالات والمشاورات البينيّة تكثّفت في الآونة الأخيرة على أكثر من خط داخلي في محاولة لرسم معالم “خارطة الطريق” الآيلة إلى إيجاد أرضية مشتركة يمكن التأسيس عليها لبناء تصوّر رئاسي توافقي داخلي يلاقي الحراك الخارجي ويخفف من وطأة الضغوط والإسقاطات الخارجية في التسوية اللبنانية المرتقبة”، مؤكدةً أنّ “القوى الرئيسية في فريق 8 آذار بدأت تستشعر خطر الاستمرار في سياسة العرقلة والمراوحة، فقررت المضي قدماً في البحث عن صيغة حل للأزمة الرئاسية تستجيب لهواجس أكثرية أطراف الداخل وتستطيع أن تحظى بغطاء خارجي مساعد وضامن لتأمين مقوّمات نجاحها انطلاقاً من القناعة بأن أي حل لبناني داخلي لن يكتب له النجاح، رئاسياً واقتصادياً ومالياً، من دون تغطية دولية وعربية”.
بناءً عليه، توقعت المصادر أن “تبدأ التباشير العلنية للحراك الداخلي بالظهور تباعاً بعد عطلة الأعياد من خلال مبادرات متتالية تتولاها شخصيات اعتادت ان تنشط على هذا الخط”، مع التلميح في هذا المجال إلى اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في عين التينة وتمحور في جانب أساسي منه على الملف الرئاسي إلى جانب استعراض نتائج زيارة ابراهيم الى العراق، معربةً عن اعتقادها بأنّ “المبادرة التي ستنطلق مع بداية العام الجديد لن تكون محصورة بالرئاسة الاولى فقط، إنما قد تشمل سلة من التفاهمات التي تطال الحكومة والعناوين الإصلاحية المطلوبة وكيفية مقاربة ملف النفط والغاز مع اقتراب بدء الكونسورتيوم الحفر في البلوك الرقم 9، وصولاً الى كيفية استكمال تنفيذ دستور الطائف، بعدما أبدى الخارج تمسكاً حاسماً بهذا الدستور اللبناني وتأكيداً على ضرورة تطبيقه بكامل بنوده”.
وانطلاقاً من تحسّس رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل أنّ قطار التسوية غادر محطة الانتظار على السكّتين الداخلية والخارجية، “بدأ يخشى فعلياً أن يفوته القطار” بحسب تعبير أوساط مواكبة لحركته المكوكية في مختلف الاتجاهات، معتبرةً أنه يبحث عن “خرق ما في جدار العزلة التي أحاط نفسه بها بعد اهتزاز علاقته بحليفه الوحيد “حزب الله” لكي يضمن مقعداً متقدماً له في التسوية المرتقبة”.
ومن هذا المنطلق، سعى باسيل إلى إحداث تقارب في وجهات النظر الرئاسية مع رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط لكنه سرعان ما لمس مؤشرات بالغة الدلالة من جانب كليمنصو، سواءً عبر الحرص على إيفاد النائب وائل أبو فاعور إلى معراب أو من خلال استقبال النائب ميشال معوّض عشية اللقاء الذي جمعه بجنبلاط في منزل بيار الضاهر، الأمر الذي دفع “ميرنا الشالوحي” إلى تعميم أجواء إعلامية مساءً تقلل من أهمية لقائه زعيم المختارة وتضعه في خانة “الكثيرين الذين يلتقيهم باسيل ضمن إطار الحراك الذي يقوم به بالاستناد إلى ورقة الأولويات الرئاسية” التي يطرحها “التيار الوطني”.
أما على ضفة كليمنصو، فتؤكد مصادر واسعة الاطلاع أنّ “الحراك الذي يقوم به جنبلاط وسيقوم به في المرحلة المقبلة في سبيل محاولة تعزيز نقاط الالتقاء الداخلي، إنما يندرج تحت سقف إيمانه بضرورة الحوار الداخلي وحتميته للخروج من الأزمة الرئاسية وغير الرئاسية في البلاد”، مشددةً في هذا السياق على أنّ “رئيس “الاشتراكي” كان ولا يزال من أشدّ المتحمسين لدعوة رئيس المجلس النيابي إلى الحوار، باعتبارها الآلية العملية الأسرع لوقف المراوحة في جلسات الانتخاب الرئاسي ومحاولة جمع الكتل النيابية الرئيسية على صيغة حل توافقية لإنجاز الاستحقاق”.