رأي

ما الذي يفعله زيلينسكي؟

كتب حسين الراوي في صحيفة الراي.

في يوم الإثنين 30/ 10/ 2023 صرّح السفير الإسرائيلي في كييف مايكل برودسكي، لشبكة LIGA.net الإخبارية الأوكرانية قائلاً: «أوكرانيا هي الدولة الأكثر تأييداً لإسرائيل في أوروبا. اليوم يفهموننا».
صدق السفير الإسرائيلي في تصريحه للأسف! حيث إن سياسة الرئيس الأوكراني زيلينسكي في الارتماء بأحضان الصهاينة أصبح أمراً لا يختلف عليه اثنان!
فزيلينسكي صرّح سريعاً عبر حسابه الرسمي في «الفيسبوك» تصريحاً يساند فيه الصهاينة في أحداث عملية طوفان الأقصى، وذكر زيلينسكي أن حركة حماس إرهابية، رغم أنها حركة مقاومة ضد المحتل الصهيوني! وقال زيلينسكي أيضاً في ذلك التصريح بأنه مع حق الرد الإسرائيلي في الدفاع عن النفس، رغم أن الصهاينة هُم المُحتلون المغتصبون للأراضي الفلسطينية!
وفي عشية يوم 29/ 10/ 2023 عندما قام متظاهرون داغستانيون باقتحام مطار في داغستان بعد هبوط طائرة آتية من إسرائيل كانت تحمل عدداً من الركاب اليهود، صرّح زيلينسكي على الفور!، ووصف تلك المظاهرات والاحتجاجات الشعبية الداغستانية أنها بدافع ثقافة الكراهية المنتشرة بشكل واسع في روسيا! على الرغم من أن الشعب الداغستاني المسلم ضد الاحتلال والهيمنة الروسية التي تتعامل معه بالحديد والنار والقمع!
والأغرب من ذلك أن زيلينسكي، لم ينتبه لحق الشعب الداغستاني المسلم في مناصرة إخوانهم المسلمين في غزة، مثلما فعلت شعوب معظم دول العالم من جميع الأديان التي خرجت في مظاهرات ضد الإبادة الجماعية التي يتعرّض لها أهل غزة على أيدي الصهاينة الإسرائيليين!
في الحقيقة إن الارتماء الأعمى للسياسة الأوكرانية في أحضان الصهاينة أمر غريب جداً، ويدعو للحيرة، وذلك لسببين واضحين: السبب الأول هو أن أوكرانيا سوف تخسر بلا شك المساندة والتعاطف معها من الحكومات والشعوب العربية والإسلامية.
والسبب الثاني هو أن أوكرانيا لم تستفد إلى الآن من أي دعم إسرائيلي لها في قضيتها باتباعها لسياستها تلك مع الصهاينة!
ففي ظل الغياب شبه الكامل للمساعدة الإنسانية الإسرائيلية لأوكرانيا أيضاً هناك غياب كُلي بنسبة 100 في المئة للمساعدة العسكرية الإسرائيلية لأوكرانيا!
حيث ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في يونيو 2023، أن إسرائيل رفضت طلباً من أوكرانيا بتزويدها بمنظومة (القبة الحديدية) المضادة للصواريخ خشية تأثير ذلك على علاقاتها مع روسيا!
وفي مقابلة مع صحيفة جيروزاليم بوست في الشهر ذاته يونيو 2023، قال نتنياهو: «إن الأسلحة التي يتم تسليمها إلى أوكرانيا يمكن أن تقع في أيدي الإيرانيين وأن تُستخدم ضد إسرائيل»!
وفي تاريخ 3/ 7/ 2023، تم استدعاء السفير الأوكراني في إسرائيل يفغين كورنييشوك، إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية للحصول على توضيح بعدما صرّح كورنييشوك أن«الحكومة الإسرائيلية الحالية اختارت طريق التعاون الوثيق مع روسيا وموقف موالٍ لروسيا بشكل واضح».
وذلك في شأن الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، ولقد احتجت على تصريحه وزارة الخارجية الإسرائيلية ووصفت أن «سلوك السفير لا يفيد».
وفي تاريخ 17/ 2/ 2022، أي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا بأيام قليلة، ذكرت صحيفة (هآرتس الإسرائيلية)، أن وزارة الخارجية الأوكرانية استدعت السفير الإسرائيلي مايكل برودسكي لتوبيخه، بعد أن طلبت إسرائيل من روسيا توفير ممرات آمنة لرعاياها في أوكرانيا إذا أقدمت على غزوها!
ولقد نقل موقع قناة الحزيرة عن موقع (Axios) الأميركي عن مصادر إسرائيلية «أن المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون أوشبيز، اتصل هاتفياً الأربعاء 16/ 2/ 2022، بميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي وطلب منه المساعدة في إجلاء نحو 10 آلاف إسرائيلي من أوكرانيا، وذلك بعدما تم إجلاء 3 آلاف بالفعل خلال الأيام الماضية».
وهذا موقف غريب ومضحك! لأن إسرائيل لم تطلب من روسيا مثلاً ألا تغزو أوكرانيا وأن تُحكم صوت العقل على صوت السلاح، بل لم يهتم الصهاينة بأوكرانيا ولا بشعبها، واهتموا فقط برعاياهم ولسان حالهم يقول: تحترق أوكرانيا واللي فيها نحن شو دخلنا!
ولقد ذكرت صحيفة زيركالو نيديلي، الأوكرانية أنه «تم اليوم الثلاثاء 21 مارس 2023 استدعاء السفير الإسرائيلي لدى كييف مايكل برودسكي، إلى وزارة الخارجية الأوكرانية، وخلال الاجتماع، أعرب الجانب الأوكراني عن استيائه لعدم إحراز تقدم في الحصول على قرض من إسرائيل على شكل ضمانات حكومية لأوكرانيا بقيمة 200 مليون دولار».
ولقد وعد وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، في أثناء زيارته لكييف في يوم الخميس 16 فبراير 2023 بتقديم ضمانات قروض بقيمة تصل إلى 200 مليون دولار، لمشاريع رعاية صحية وبنية تحتية في أوكرانيا. لكن أوكرانيا للأسف إلى هذا اليوم لم تحصل ولو على دولار واحد كقرض من الصهاينة الإسرائيليين!
بعد استعراض كل تلك المواقف التي ذكرتها في الأعلى التي تُبيّن سلّبية الديبلوماسية الإسرائيلية الصريحة تجاه الدولة الأوكرانية، أليس يحق لي ولغيري أن نتعجب من سياسة الارتماء العمياء في أحضان إسرائيل التي تمارسها السياسة الأوكرانية!
وذكرت صحيفة واشنطن بوست، الأحد 29 أكتوبر 2023، عبر موقعها الإلكتروني، أن الانحياز إلى جانب إسرائيل خطر جديد على أوكرانيا.
على الرئيس زيلينسكي أن يصحو من سباته السياسي وينتبه لمواقفه السلبية تجاه المسلمين والعرب، وإلا فإنه بلا شك سيخسر الكثير من التأييد الدولي والشعبي الذي تحتاجه أوكرانيا في قضيتها ضد الروس، هذا إن لم يكن زيلينسكي الآن قد خسر بالفعل ثقة العرب والمسلمين.
في نهاية السطور… عندما اجتاح الجيش الروسي أوكرانيا وبدأ باحتلال أراضيها وتدميرها وارتكاب الإبادة الجماعية في حق شعبها، وقفت 17 دولة عربية ضد الهجوم الروسي على أوكرانيا، وأيدت القرار الأممي الذي يُدين الغزو الروسي، وهي الأردن والبحرين ومصر والإمارات وجيبوتي وجزر القمر والكويت ولبنان وليبيا وتونس وموريتانيا وسلطنة عمان وقطر والسعودية والصومال واليمن.
وهناك دول أخرى إسلامية وقفت مع أوكرانيا ودانت الغزو الروسي عليها. فهل نسي زيلينسكي ذلك؟!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى