رأي

لإنقاذ طرابلس من الانتحار الجماعي

كتب صلاح سلام في “اللواء”:

زورق الموت على شاطئ طرطوس أصاب طرابلس بفاجعة جديدة، وكأنه كُتب على أبناء هذه المدينة المنكوبة الموت إما فقراً وإما غرقاً.
قوافل الغرق تتوالى بوتيرة سريعة ، وكأن شباب الفيحاء يتسابقون إلى الموت هرباً من جهنم البطالة والعوز والفقر، بعدما هيمن الإحباط واليأس عليهم، بسبب الإهمال المتمادي للدولة وللسياسيين المخضرمين لأحوال العاصمة الثانية وأهلها الصابرين على الضيم.
ad
مصطفى مستو الذي قضى في البحر مع بناته، قال لأخيه الذي حاول ثنيه عن الذهاب بالبحر: أنا هنا أموت كل يوم تحت ضغط لقمة الأولاد التي لم أعد قادراً على تأمينها، في البحر إما أن أصل إلى شاطئ الخلاص، أو نغرق أنا والأولاد ونرتاح من هذه الحياة وما فيها من العناء.

هذه الكلمات العفوية والبسيطة تُعبر عن واقع مئات العائلات في طرابلس وعكار والمخيمات الفلسطينية، بعدما رزحوا تحت خط الفقر بأشواط بعيدة، وأصبح تحصيل قوت عيالهم اليومي من المستحيلات.
وبقدر ما تزيد معاناة العائلات الطرابلسية من شدة الفقر والحرمان، بقدر ما يكبر تجاهل مرجعيات وسياسيي المدينة الأغنياء لأنين أهلهم، الذين كانوا حتى الأمس القريب يلهثون وراء هؤلاء الفقراء، ويوعدونهم بالمن والسلوى، مقابل الحصول على أصواتهم في الإنتخابات.
والأنكى من ذلك أن السياسيين الأغنياء الذين هربوا من الإنتخابات بعد وقوع البلد في مهاوي الإفلاس والإنهيارات، بادر بعضهم إلى إقفال مراكز الخدمات الصحية والإجتماعية، وأوقفوا المساعدات المالية والعينية، في حين إكتفى البعض الآخر بتخفيض مستوى الخدمات، وتخفيف الإنفاق إلى الحد الأدنى.
تؤكد إحدى الدراسات الإجتماعية للواقع المعيشي المتردي في طرابلس، أن المدينة بحاجة إلى خطط مساعدات لا تتجاوز قيمتها المليون دولار شهرياً، لإنتشال مئات العائلات من مستنقعات الفقر المدقع، والحد من حالات الإنتحار الجماعي في زوارق الموت والهجرات العشوائية.
هل يصعب على السياسيين المخضرمين توفير مثل هذا المبلغ الزهيد، بالمقارنة مع ثرواتهم، وإنفاقهم الباذخ على طائراتهم الخاصة واليخوت الفارهة؟
لقد صرخ أحد أقرباء الضحايا بكلمات تُدمي القلوب: إعتبرونا كالحيوانات التي تهتم بهم جمعيات الرفق بالحيوان!!!
هل سمع أصحاب الضمائر الصماء هذه الصرخة المدويّة بأرواح الرجال والنساء والأطفال الذاهبين إلى الموت هرباً من جهنم الفقر واليأس ؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى