رأي

كيف عاد وليد البخاري؟

كتب نبيه البرجي في “الديار”:

«لكي يبقى لبنان، لا بد من التقاطع الديناميكي بين الموزاييك الداخلي والموزاييك الخارجي. هكذا مثلما لا يستطيع لبنان الا أن يكون مارونياً، وأرثوذكسياً، وكاثوليكياً، كذلك سنياً، وشيعياً، ودرزياً، لا يستطيع الا أن يكون أميركياً، وفرنسياً، وايرانياً، وتركياً، وسورياً، وسعودياً، ومصرياً».

«مخلوق عجيب؟ دون شك، لكنه قدر هذا البلد، ما دامت المنظومة السياسية التي تعاقبت على السلطة على ذلك المستوى من التردي الفكري، والأخلاقي، وبوجود تلك التصدعات الطائفية المهددة بالانفجار، ولو نتيجة شجار على أفضلية المرور»… !

هذا القول لشخصية فرنسية من أصل لبناني (إفريقي)، تابعت منذ الطفولة تعليمها في باريس، وعملت بصفة استشارية، في أكثر من موقع سياسي، بما في ذلك الاليزيه، وهي لا تزال على تماس مباشر مع أهل السلطة هناك، أي أن ما تنطق به ليس مجرد رأي تحليلي، وانما خلاصة معلومات استقاها من أصحاب تلك المواقع…

بالدرجة الأولى، تعيد تلك الشخصية الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي الى «أولئك الساسة الذين تعاملوا مع بلدهم، الذي يفترض أن يكون وطنهم، كالغزاة. لم يلتفتوا يوماً الى مصلحة البلد، بل عاثوا فيه فساداً وخراباً، تماماً كما يفعل البرابرة. المشكلة ألاّ مجال للبديل ما داموا قد حوّلوا اللبنانيين الى قطعان طائفية، بالرغم من وجود نخب لا يمكن وصفها الا بالمميزة» .

بالدرجة الثانية، «الاختلال في التقاطع بغلبة العامل الايراني على الأرض، ما أزعج الأميركيين والسعوديين، كذلك «الاسرائيليين». التأثير الايراني لم يقتصر على البعد الجيوبوليتيكي، بل وعلى البنية الثقافية، ان لم نقل على البنية الايديولوجية، وحيث نقلت الطقوس والشعارات الايرانية الى الشارع اللبناني، لتشكل عنصراً آخر من عناصر الضغط على التوازنات الداخلية التي تعاني أساساً من الهشاشة، وأيضاً من القابلية للانفجار».

الشخصية اياها تشير الى أن برنار ايميه، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية، وكان سفيراً في بيروت، وضع أمام الرئيس ايمانويل ماكرون تقارير بالغة الدقة حول المأزق اللبناني. ومن هذه الزاوية بالذات، تمكن ماكرون من اقناع الأمير محمد بن سلمان بوقف القطيعة مع لبنان، الذي يمكن أن تمضي به حالة الاختلال الى الزوال، ما يعني أن تشهد المنطقة سلسلة من الهزات الكارثية».

الشخصية أكدت أن اتصالات جرت مع طهران في هذا الخصوص، «وقد فوجئ الرئيس ماكرون بمدى التجاوب مع طروحاته، والى حد التساؤل ما اذا كان آيات الله قد انتهوا الى قناعة بكونهم غير قادرين على استيعاب التدهور الاقتصادي والمالي والاجتماعي (وحتى الطائفي) في لبنان ما يهدد نفوذهم هناك».

التساؤل أيضاً ما اذا «كان قد طرأ تغييرا على النظرة الايرانية بعدما تبين أن الصراعات لا تفضي الى مكان، ولا مناص من التسويات، ولو اقتضى ذلك التنازل عن بعض المكاسب التي لا يمكن الا أن تكون آنية».

في الرأي الفرنسي أيضاً «أن المدة الطويلة، والشاقة، التي استغرقتها مفاوضات فيينا تعكس رغبة الجانبين الأميركي والايراني في العودة الى الاتفاق النووي. التأخير في التوقيع مسألة تكتيكية، وربما كان، أيضاً، برغبة الطرفين في انتظار جلاء المشهد الأوكراني الذي، مما لا شك فيه، أرخى بظلاله الكثيفة على مجمل العلاقات بين دول العالم».

تشديد على التقليد التاريخي بالوقوف الى جانب لبنان باعتباره «مخلوقاً فرنسياً» في قلب الشرق الأوسط، ويعاني من شتى أشكال الأزمات.

عودة السفير السعودي وليد البخاري الى بيروت، «في جزء هام منها، انجاز فرنسي، وان كانت الاحتمالات الدولية والاقليمية، يمكن أن تكون قد جعلت البلاط السعودي يعيد النظر في بعض سياساته. في كل الأحوال خطوة رائعة اذا أخذنا بالاعتبار أي دور يمكن أن تضطلع به البلدان الخليجية في مساعدة لبنان على تجاوز الكبوة، بل الكارثة، الاقتصادية التي يتخبط فيها».

الشخصية الفرنسية (اللبنانية) تختم ضاحكة «ما عليكم الآن الا أن تبحثوا بمصباح ديوجين عن رئيس للجمهورية يتقاطع في شخصه، الموزاييك الداخلي والموزاييك الخارجي. ربما تعثرون عليه في… المريخ» !!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى