أبرزرأي

شموع الشعانين بالفريش والأهالي يرتبون “مخارج” الاحتفال

كارول سلوم.

خاص رأي سياسي..

ما يمر به لبنان حاليا من أزمات لا تنتهي دفع بأكثرية المواطنين إلى التناسي عمدا أو من دون تعمد فرحة الأعياد التي تطل عليهم ، وبات التفكير بكيفية إحيائها عبئا بعدما كان مصدر حماسة وبهجة وراحة. 

فاللبنانيون الغارقون في مشاكلهم المتعددة اعادوا ترتيب أولوياتهم لمواجهة الظروف القاهرة التي تحيط بهم. ولكن كثيرين منهم  فضل المقاومة وعدم حرمان أنفسهم من الاحتفال بما توفر له من إمكانات.  فهذا الأحد يحتفل المسيحيون الذين يتبعون التقويم الغربي بأحد الشعانين والأحد المقبل يعيد المسيحيون الذين يتبعون التقويم الشرقي  المناسبة نفسها ، ولأن الأطفال هم المعنيون في هذا العيد فإن الاحتفال به وفق العادة يتطلب شراء الألبسة واصطحاب شمعة العيد إلى الكنيسة. 

 في السابق كانت الام تحتار في انتقاء الأفضل لأولادها ، من لباس وشمعة مزيّنة دون الأكتراث بالمبلغ المتوجب عليها، فهذا العيد يأتي مرة في السنة، أما اليوم فالأحزمة مشدودة ولا يمكن صرف الأموال من دون تدبير أو عناية . وفي السابق أيضا كان سعر اغلى شمعة لا يتعدى الخمسين الف ليرة ولاسيما تلك ال”اوريجينال” والمتناسقة مع لون الثياب ، وبالطبع هناك الشمعة العادية والتي كان يبلغ ثمنها قبل الأزمة ١٥ الف ليرة أو أقل.

اما اليوم فإن تسعير الشمعة أصبح بالعملة الخضراء أو الفريش دولار . والثمن يتفاوت بين شمعة وأخرى إن لجهة الزينة أو الزوائد أو الأحجام.  وفي جولة ل “رأي سياسي” على بعض المحال التجارية فإن سعر الشمعة وصل إلى عشرة  دولارات ، اما اذا كانت ” توصاية” فيمكن أن يرتفع السعر. فالشمعة العادية سُعّرت بين الخمسة والسبعة  دولارات فيما بعض المحال أبقى على التسعيرة اللبنانية بمعدل ٣٠٠ الف أو اكثر بقليل للشمعة الواحدة .

 قد يقود هذا الأمر إلى طلب الأهالي من اولادهم التخلي عن هذه الشمعة أو ربما استخدام واحدة بيضاء وعادية كتلك الموجودة في المنزل والتي تستخدم للاضاءة ومن دون زينة.

وفي هذا السياق، تقول ليلى ، سيدة منزل، ل ” رأي سياسي ” أنها قامت بإضافة شرائط وزينة خفيفة على شمعتين قديمتين لولديها كي لا تجعلهما يشعران بنغصة. فالمال الذي تدفعه إلى شمعتين جديدتين يمكن استخدامه لشراء ثياب لهما ، موضحة أن الأطفال باتوا يدركون دقة الوضع ، لكن ليس ضروريا أن ينغمسوا به كما هي حال الكبار .

اما كارلا ، فتؤكد أنها اشترت شمعة جديدة لابنتها الصغيرة بسعر مقبول، كي تُدخل الفرحة إلى قلبها ، وتشير إلى أنه ليس منطقيا ” التبهور”  في شراء شمعة العيد، فالمناسبة روحية بامتياز ومشاركة الأطفال في زيّاح الشعانين وحدها تبقى الأساس لاظهار قوة الايمان.

بالطبع هناك فئة لن تتمكن من شراء هذه الشمعة ، وأخرى قررت التفتيش عن واحدة قديمة واعادة ترتيبها كي تجاري المناسبة.

 وامام هذا الواقع، بادر بعض الكنائس بتوجيه من الكهنة، إلى تأمين شموع إلى أولاد الرعايا كي يتسنى لهم أن يحتفلوا بالمناسبة .

 ويقول كاهن رعية الشويفات للروم الأرثوذكس الاب الياس كرم ل ” رأي سياسي “، إن “الشعانين فعل ايمان بأن المسيح هو مخلص العالم ، لذا لن نتوقف من الهتاف اليه: ” اوصنا في الاعالي” اي خلّصنا يا رب. لن نفقد إيماننا ورجاءنا بيسوع، لكن المهم ان نأتي إليه كالاولاد، كما أتوا إليه عند دخوله اورشليم. فإن كنا نملك قلب الاطفال، أي نملك البراءة والصدق والمحبّة الحقيقية والتسامح والتواضع، سوف يستجيب لصلواتنا، وينقذنا من هذه الأزمات التي نتخبّط بها، على كافة الصعد والمستويات. نحن ذاهبون مع الرب إلى آلامه الطوعية، انطلاقا من أحد الشعانين، ولنتذكر أن يسوع المسيح احتمل الآلام الطوعية من أجل خلاصنا، فلنحتمل ونصبر على كل الشدائد ونحمل الصليب مع يسوع حتى ننتصر على الموت ونعرف قيامتنا الشخصية وقيامة وطننا.”

  يحلّ عيد الشعانين هذا العام في ظلّ واقع اقتصادي ومالي مأزوم تشهده البلاد ترك انعكاساته على يوميات الشعب اللبناني، الا أن الاحتفاء به هو محطة لأخذ النفس والتشبث بمعنى الخلاص الذي يحتاجه لبنان اليوم قبل الغد .

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى