أبرزرأي

حل مشاكل مصر الاقتصادية ليس مستحيلاً

كتب عبدالله الحاج في صحيفة “الإتحاد”: إن الحديث حول أوضاع الاقتصاد المصري طويل وذو شجون، لكنه مهم ويستحق منا الاهتمام والتشخيص. وتعود أهميته إلى أهمية مصر ذاتها، وأهمية استقرارها الاقتصادي والسياسي لبقية دول العالم العربي؛ فإن استقرت مصر على هذين الصعيدين استقرَّ العالَمُ العربي برمته نتيجةً لذلك. وعليه فسنفرد أكثرَ من مقالة للحديث عن هذا الموضوع الهام.
وإذا ما اعتمدنا المؤشرات التي تحدَّثنا عنها في مقالة سابقة، كمقياس واقعي لما يمر به الاقتصاد المصري، وبأنها حقائق قائمة لا جدال حولها، فإن النتيجة التي نتوصل إليها هي وجود شعور بأن مصر تمر بأزمة اقتصادية يمكن لها أن تتفاقم وتُحدثَ تداعيات على الأوضاع السياسية والاجتماعية، خصوصاً وأن البلاد ما زالت تعاني من شغب «الإخوان» والتيارات المتطرفة الأخرى، وكلهم يتسببون للدولة المصرية وللشعب المصري في أزمات شتى تهدد الأمن الوطني.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن أسباباً داخلية وخارجية تزيد من تعقيدات الأزمة الاقتصادية؛ أهمها تداعيات أحداث السنوات من 2011 إلى أن تمكنت الجماهير، مدعومةً بالقوات المسلحة، من إعادة الأوضاع إلى نصابها بعد أن استطاعت إسقاط حكم «الإخوان». ومن جانب آخر أدى الارتفاعُ الكبيرُ لأسعار السلع الأساسية في الأسواق العالمية، خاصةً القمح والحبوب الأخرى الداخلة في الغذاء اليومي لعامة الناس، إلى زيادة الأعباء المالية على الدولة المصرية. بمعنى أن الدعمَ المُقدَّم للمواد الغذائية المستوردة من خزينة الدولة ارتفع كثيراً واستهلك قدراً لا يستهان به مما لدى الدولة من عملات أجنبية.
والحقيقية أن الدعمَ المقدَّمَ من خزينة الدولة للمواد الغذائية يستهلك ما لا يقل عن نصف موارد الدولة السنوية، وهذه حالة مجهِدةٌ للموارد العامة تجعل الدولةَ عاجزةً عن أداء وظائفها المعتادة بسلاسةٍ وبالشكل المأمول.
إن ما كنا قد تعرضنا له من نقاط ضعف في الاقتصاد تؤدي في الوقت الحاضر إلى أزمات، منها أن توفير السيولة المالية لمواجهة الالتزامات الخارجية خلال أعوام ممتدة لم يكن سهلا أو ميسوراً.
وتشير تقارير صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، كلٌ على حدة، إلى أن حصيلة الصادرات خلال تلك السنوات كانت أقل مما تم إنفاقه على الواردات.
وهذا يعني وجود اختلالات خطيرة في الأداء الاقتصادي جعلته يمر بأزمات تتطلب حلولاً جذريةً سريعةً، بالإضافة إلى الحاجة إلى تصور واضح لما قد يترتب على ذلك من تداعيات اقتصادية وسياسية واجتماعية، يحاول «الإخوان» وغيرهم من عناصر التطرف والإرهاب استغلالَها لتحريض الشارع ضد نظام الحكم استناداً إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وهذا يتطلب عدمَ التراجع أمام الضغوط عن قرارات الإصلاح الهيكلية الجارية، واتخاذ التدابير المناسبة لمواجهة موجات العنف التي قد تظهر نتيجةً لتحريض «الإخوان»، وعدم تجاهل الأسباب الحقيقية للمشكلة الاقتصادية ومحاولة حلها من جذورها.
ورغم كل ذلك، فإن الأمر لا يجب أن ينظر إليه من زاوية الصعوبات وحدها، فمثل هذه المسائل عادةً ما تكون ذات شقين؛ سلبي وإيجابي.
إن المشكلة الاقتصادية المصرية من المفترض أن لا تكون عصية على الحل، فالاقتصاد في مجمله لديه من جوانب القوة ما قد يساعده على تجاوز ما خلّفته المشاكل الداخلية والخارجية التي مرت بها البلاد منذ عام 2011. 

وفي حين أن عدداً من الخبراء يرون بأن السياسات الاقتصادية الإصلاحية التي تنتهجها الدولة في هذه المرحلة تتسبب في تفاقم المشاكل والعقبات، فإن خبراء آخرين يرون عكس ذلك ويعتقدون بأن الإصلاحات الجذرية تحتاج إلى تضحيات حقيقية، فالإصلاحات الجذرية هي وحدها القادرة على مساعدة مصر في الخروج من مصاعبها في أقرب وقت ممكن.
إن المسألة يجب أن يتم النظر إليها واستيعابَها بشكل واقعي وعقلاني، فمصر تمر الآن بواقع اقتصادي صعب يتمثل في إنفاق حكومي ضخم يقابله دخل حكومي محدود، وقد مرت منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي بتجارب جعلتها مجبرةً على انتهاج سياسات تقشفية صارمة كان لا بد منها لكي تتغير الأمور. ولكي تنجح السياسات التقشفيةُ، لا بد أن تقوم على مبدأ المساواة في التضحية بكل ما هو غير ضروري من أوجه الاستهلاك.
وللحديث صلة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى