شؤون دولية

جدل وغضب واسع بشأن ميزانية أميركا العسكرية

وافق الكونغرس الأميركي على أكبر موازنة دفاعية في تاريخ الولايات المتحدة  في الوقت الذي كانت تشير فيه التوقعات إلى خفضها بعد الانسحاب من أفغانستان، وخفض القوات بالعراق.

وارتفعت الموازنة الدفاعية للولايات المتحدة للعام المقبل بنحو 30 مليار دولار، مقارنة بموازنة العام الماضي، حيث بلغت قيمتها 768 مليار دولار وهو تقريبا نفس الرقم في 2011، مع زيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان والعراق آنذاك.

وشهد عام 2021 انسحاب أميركا من أفغانستان بعد 20 عامًا من التواجد هناك، وكذلك إعلانها الانسحاب من العراق، وترك جزء من قواتها بهدف التدريب والاستشارة، وهو ما عزز التكهنات سابقًا حول إمكانية خفض موازنة الدفاع، إلا أنها شهدت ارتفاعًا هو الأعلى منذ 10 سنوات.

ولفتت “سكاي نيوز” الى ان الميزانية الجديدة أثارت  غضب الديمقراطيين التقدميين، الذين كانوا يأملون أن تؤدي سيطرة حزبهم على البيت الأبيض ومجلسي النواب والشيوخ إلى تخفيضات في البرامج العسكرية، حيث يفضلون الدبلوماسية ويطالبون بضبط النفس في السياسة الخارجية.

ميزانية الدفاع التي اقترحها الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو الماضي، لم تتضمن سوى زيادة متواضعة، في محاولة لطمأنتهم، إلا أن الكونغرس أضاف عليها نحو 25 مليار دولار، بهدف الحفاظ على هيبة أميركا.

الى ذلك فانه وفق مجلة “ديفينس نيوز” الأميركية، فإن ميزانية الدفاع التي يسعى بايدن لاعتمادها من الكونغرس تضع 8 أشياء على قائمة أولويات الإنفاق الدفاعي في ميزانية 2022، بينها مواجهة الصين وتطوير الأسلحة النووية.

وتشمل أيضًا “تطوير برامج الأسلحة المستقبلية”، إضافة إلى “إتمام برنامج الصواريخ الخارقة” و”بناء السفن الحربية” و”الأبحاث والتطوير” و”التهديدات البيولوجية”، وأيضا “الطاقة والمناخ”.

وأكدت أن الميزانية الجديدة تركز على إنفاق مزيد من الأموال على جهود البحث والتطوير لتقنيات عسكرية جديدة تشمل العديد من القطاعات؛ لتأمين امتلاك مكانة رائدة في تصنيع أسلحة الجيل التالي التكنولوجية.

ونقل موقع “فوكس” الأميركي عن خبير الميزانية الدفاعية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، تود هاريسون، أن كل الأحاديث التي تجري “داخل أوساط الأمن القومي في العاصمة الأميركية تدور دائمًا حول الصين.

وأوضح أن الكونغرس لم يتفهم أن بايدن قد التزم بما يكفي لمحاربة الصين في طلبه الأصلي لميزانية الدفاع، لذلك أضاف المشرعون حوالي 25 مليار دولار على الموازنة.

وأضافت: “بعض هذه الإضافات خصصت لمبادرة الردع في المحيط الهادئ والتي تهدف لمواجهة الصين في المناطق المحيطة بها، بينما رصدت باقي المبالغ لمواجهة المخاوف المتعلقة بالقوة البحرية الصينية وذلك من خلال بناء السفن والقواعد العسكرية”.

وأشار إلى أن “هناك قلقا بشكل خاص من تنامي القدرات التكنولوجية الجديدة للصين، لذلك اقترح بايدن تعزيز البحث والتطوير بنسبة 5 بالمئة، لكن الكونغرس رصد مبلغ 5.7 مليار دولار إضافية، لترتفع بذلك المبالغ المخصصة للبحث والتطوير العسكري إلى 117.7 مليار دولار”.

وأكد هاريسون أن الجيش الأميركي “يسلح نفسه من أجل حرب فعلية مع الصين، وبالتحديد حول تايوان”.

في المقابل فانه وفقا لويليام هارتونغ، مدير مشروع الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية، فإن الإنفاق العسكري الأميركي يبلغ 10 أضعاف الإنفاق الروسي، ونحو 3 أضعاف ما تنفقه الصين.

وبناء على ذلك، يقول هارتونغ إن “الفكرة القائلة أنَّ الصين وروسيا تشكلان تهديدات عسكرية للولايات المتحدة، تم إطلاقها في المقام الأول لزيادة الميزانية العسكرية”.

ويستمرّ الإنفاق العسكري الأميركي في الارتفاع. وتبعاً لهذه الزيادة المطّردة، يتوقّع مراقبون أن تبلغ الميزانية العسكرية الأميركية خلال 5 سنوات أكثر من تريليون دولار.

فيما اعتبر خبير الأمن والدفاع، سميث بيرغر، أن “الاستثمار في التعليم والتكنولوجيا وأمن سلاسل التوريد، سيحمي الأميركيين من الصراع أكثر مقارنة بسباق التسلح”.

الى ذلك قال الأكاديمي المتخصص بالشؤون الدولية، سمير الكاشف لسكاي نيوز عربية  إن الزيادة الكبيرة في ميزانية الدفاع الأميركية تشي بأن هناك حالة قلق داخل المؤسسات من تنامي النفوذ الصيني، ومخاوف من فقدان واشنطن ميزة تفوقها العسكري.

وأضاف الكاشف أن المؤسسات الأمنية ترى أن الصين هي التهديد الأكثر إلحاحًا في الوقت الحالي، ما يستدعي المزيد من الإنفاق على الجوانب العسكرية والتسليحية.

وأكد أنه من غير المرجح أن يتخذ الصراع مع الصين الأشكال التقليدية للحروب السابقة، فيما ستكون غالبية التهديدات سيبرانية ومناوشات خاصة في منطقة المحيط الهادئ، حيث ستتوسع واشنطن في بناء السفن والقواعد العسكرية.

وتضع الولايات المتحدة مواجهة الصين في قلب سياستها للأمن القومي منذ سنوات، ووصفت إدارة بايدن المنافسة مع الصين بأنها “أكبر اختبار جيوسياسي” في القرن الحالي.

وخصصت الميزانية 7.1 مليار دولار للعمليات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، إلى جانب تأمين 13 سفينة جديدة، بما في ذلك ثلاث مدمرات من طراز “آرلي بيرك”، وغواصتان من طراز “فيرجينيا”، وشراء 347 طائرة.

وأشار الكاشف إلى العلاقات الأميركية الروسية المتوترة خاصة في ملف أوكرانيا، لافتًا إلى أن ميزانية الدفاع الجديدة خصصت 4 مليارات دولار للإنفاق على الاحتواء العسكري لروسيا، إضافة إلى 300 مليون دولار للقوات المسلحة الأوكرانية.

ومنذ منتصف نوفمبر، يعيش البلدان حالة توتر كبيرة، حيث حذّرت الولايات المتحدة من أن موسكو بصدد الإعداد لشن هجوم واسع النطاق ضد أوكرانيا، ولوّحت بعقوبات غير مسبوقة قد تفرضها على روسيا.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى