تطورات خطيرة تبعث على الخوف الفعلي وتهدد استقرار لبنان
حسمت مكونات الانقسام الداخلي خياراتها في ما خص الملف الرئاسي، وثبّتته في مربع التعقيد والصدام. فالحوار مرفوض والتوافق مستحيل والتقارب ثبت بما لا يقبل أدنى شك، انّه كذبة ولا مطرح له في قاموس هذه المكونات. واكثر ما يُخشى منه في هذا الوضع، ان يكون في خلفية الهروب من الحوار والتوافق، رهان لدى بعض مكوّنات الانقسام على «صدمات موجعة» تضرب الواقع اللبناني وتعجل بانتخاب رئيس للجمهورية، او رهان على انّ المنحى الصدامي قد يستدعي «قوة خارجية قاهرة» تفرض متغيرات توجّه الملف الرئاسي في اتجاه معيّن.
الداخل بات محضّراً لأيّ شيء، فعلى الصعيد المالي يبدو انّ ثمة من اعطى الإشارة لعصابات السوق السوداء للتحرك من جديد، وإشعال شرارة الانفجار المالي الكارثي، عبر القفزات المرعبة التي يسجّلها الدولار، حيث بات يطرق باب الـ 50 الف ليرة، بالتوازي مع حملة شائعات عنيفة يروّج بعضها لانهيارات مالية وشيكة اكثر خطورة، ويروّج بعضها الآخر لسقوف عالية جداً ترفع الدولار إلى عتبة الـ 100 الف ليرة. واما اسعار السلع والمواد الاستهلاكية والحياتية، فصارت أحرّ من جمر النّار. وما هو أسوأ من هذا الحريق هو انّ كل هذا يجري امام أعين مكونات الانقسام الداخلي المتلهية بحساباتها، من دون أن يرفّ لها جفن امام هذه العاصفة التي تهدّد بالإعدام الجماعي للبنانيين.
واما على الصعيد الأمني، فإنّ الصورة تبدو اكثر خطورة، والمخاوف باتت كبيرة من ان تكون خلف أكمة لعبة الدولار، والتطورات التي بدأت تتدحرج في اكثر من مكان، غايات تفجيرية للإطاحة بالامن الداخلي. والسؤال الخطير الذي يفرض نفسه بقوة في موازاة هذه التطورات: هل ثمة رابط بينها وبين الملف الرئاسي المعقّد سياسياً؟
مصدر سياسي مسؤول أبلغ الى «الجمهورية» قوله: «انّ ما يجري من تطورات خطيرة، مضافاً اليها الفلتان الرهيب في الجريمة والسلاح، يبعث على الخوف الفعلي اكثر من اي وقت مضى على استقرار لبنان. وما أخشاه ان يكون البلد قد وقع من جديد تحت رحمة «الغرف السوداء»، التي اما انّها استفادت من الانقسام الحاد الحاصل حيال الملف الرئاسي، واما ان يداً خفية حرّكتها للتخريب وتهديد الاستقرار الداخلي».
ويقارب المصدر المسؤول بريبة كبرى ما سمّاها «الغزوة الاخيرة للاشرفية بالدراجات النارية والهتافات الطائفية والشعارات الاستفزازية»، وقال: «هذه الغزوة وما خلّفتها من توترات لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، واعتبارها فردية او عابرة او بريئة مرتبطة بحدث رياضي، حيث لم تُفهم حتىّ الآن اسبابها، كما لم يُعرف الدافع اليها بل والمحرّض عليها، في وقت يسير فيه البلد على حدّ السكين السياسي والطائفي والمذهبي».