أخبار عاجلةأبرزشؤون دولية

بعد الدبابات.. عقبات لوجستية أمام طلب كييف طائرات مقاتلة

جاء قرار دول الغرب بمد كييف بدبابات قتال رئيسية، ليثير الحديث حول إمكانية تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة، وسط تساؤلات عن تداعيات ذلك القرار وتأثيره على مجريات الحرب.

وبعد موافقة الولايات المتحدة وألمانيا وعدد من دول الغرب على إرسال دبابات قتال رئيسية إلى أوكرانيا، أظهر حلفاء كييف “وحدة ورغبة” في تجنب هجوم روسي متجدد، ونحت تلك الدول مخاوفها جانبا، من أن “الأسلحة الأكثر تقدما”، قد تهدد باستفزاز الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وفقا لتقرير لشبكة “سي إن إن” الإخبارية.

وأعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، أنها ستزود أوكرانيا بنحو 31 من أحدث دباباتها القتالية، وذلك بعد إعلان ألمانيا اتخاذ إجراء مماثل وهي خطوات أشادت بها كييف باعتبارها نقطة تحول محتملة في معركتها ضد الغزو الروسي، وفقا لـ”رويترز”.

وساعد قرار الولايات المتحدة الموافقة على إرسال دبابات إم 1 أبرام لأوكرانيا في تجاوز مأزق دبلوماسي مع ألمانيا بشأن أفضل السبل لمساعدة كييف في حربها مع روسيا.

وسيؤدي إرسال الدبابات لأوكرانيا إلى كسر أحد آخر المحظورات في الدعم الغربي لأوكرانيا ضد الغزو الروسي الذي مضى عليه ما يقرب من عام، والذي يتمثل في تزويد كييف بأسلحة “هجومية وليس دفاعية”.

طائرات مقاتلة؟

بعد سماح دول الغرب بمد كييف بالدبابات، جدد القادة الأوكرانيون مناشداتهم العلنية بالحصول على “طائرات مقاتلة غربية”.

ويقول نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، جون فينر، إن الحلفاء لا يستبعدوا مد كييف بأي أنظمة، بما في ذلك مقاتلات F-16.

والأسبوع الماضي، أثارت هولندا بعض الدهشة، عندما أخبر وزير خارجيتها عضوًا بالبرلمان يسأل عن طائرات F-16 أنه “عندما يتعلق الأمر بالأشياء التي يمكن أن توفرها بلاده، فلا توجد محظورات”، حسب “سي إن إن”.

وكشف كبير مسؤولي العمليات في شركة لوكهيد مارتن، فرانك سانت جون، عن “محادثات حول نقل طرف ثالث لطائرات F-16 لأوكرانيا”، حيث ستعيد بعض الدول تصدير طائراتها الأميركية إلى كييف للدفاع عن مجالها الجوي، وفقا لصحيفة “فايننشال تايمز”.

ولا تشارك الشركة بشكل مباشر في المحادثات المتعلقة بتسليم محتمل لطائرة عسكرية إلى كييف.

ومع ذلك، قال سانت جون إن الشركة “ستزيد من إنتاجها لطائرات F-16 لمساعدة أي دولة تختار القيام بعمليات لتلك الطائرات لكييف للمساعدة في الصراع الحالي”.

وأكد بيتر ويجينجا، العقيد المتقاعد في سلاح الجو الهولندي والذي يعمل الآن محللا دفاعيا لشبكة “سي إن إن”، أن الطلب الأوكراني بخصوص الطائرات المقاتلة “قد يأتي عاجلا وليس آجلا”.

وتمتلك هولندا 24 طائرة F-16 لكنها تخطط للتخلص منها بحلول العام المقبل، حيث تنتقل إلى الجيل التالي من F-35.

وعن ذلك يقول ويجينجا “ستصبح العديد من طائرات F-16 متاحة للبيع إلى دول أخرى، أو في هذه الحالة، قد يتم تسليمها إلى أوكرانيا”، مضيفا “أعتقد أنهم ينتظرون اللحظة المناسبة للمضي قدمًا في طلب رسمي”.

هل ستساعد F-16 أوكرانيا؟

تم تطوير F-16 لأول مرة في السبعينيات، وهي طائرة مقاتلة عالية المناورة، قادرة على حمل ستة صواريخ “جو – جو” أو “جو – أرض”.

ومثل العديد من الأسلحة الغربية الأخرى المقدمة حتى الآن، من غير المرجح أن تكون طائرة F-16 “رصاصة سحرية”، حسب “سي إن إن”.

ويقول مدير الأبحاث في مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية، تيم سويج، إن F-16 لوحدها، لن تغير قواعد اللعبة”.

ويشير إلى أن المزيج المكون من “الدبابات، والقوات، والأنظمة بعيدة المدى مثل (هيمارس) القادرة على تدمير أنظمة الرادار الروسية بالاشتراك مع F-16، يمكن أن يساعد أوكرانيا على قلب الطاولة”.

ويؤكد كبير باحثي القوة الجوية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة” روسي”، جاستن برونك، أن العقبة الرئيسية هي الدفاعات الجوية الروسية الواسعة النطاق.

ويقول برونك: “فكرة أن الطائرات المقاتلة الغربية ستسمح لأوكرانيا بتنفيذ طلعات جوية قتالية فوق الأراضي الروسية بأي شكل من الأشكال العادية هي مجرد خيال”. 

وحسب حديثه فإن “الطائرات المقاتلة الغربية ستكون أيضا مقيدة بشدة بسبب التهديد (أرض-جو) من قبل أنظمة الدفاع الجوي الأرضية الروسية، تماما كما هو الحال بالنسبة للأوكرانيين حاليا”.

ويرى أن طائرة F-16 ستكون في المستقبل المنظور “سلاحا دفاعيا”، للجيش الأوكراني، ما يمكن كييف من إسقاط صواريخ موسكو والدفاع ضد أي هجمات روسية عبر خطوط المواجهة.

ويقول ويجينجا “لكي تتمكن أوكرانيا من استخدام طائرة  F-16 بشكل فعال، سيتعين عليها تحقيق درجة معينة من التفوق الجوي”. 

ويعني هذا أن أوكرانيا ستضطر إلى تدمير أنظمة الدفاع الجوي الروسية S-400 أولا وقبل كل شيء، ويفضل أن تدمر S-300 أيضا، وفقا لحديثه.

ولذلك سيتعين على الغرب تمكين أوكرانيا من تحقيق التفوق الجوي فوق ساحة المعركة، في حال التوجه لتزويدها بطائرات F-16 حسب “سي إن إن”.

عقبات لوجيستية؟

حتى إذا قررت الدول الغربية تزويد أوكرانيا بطائرات F-16 سيتعين على المانحين التغلب على عقبات لوجستية كبيرة لتشغيل الطائرات.

والأسبوع الماضي، قالت نائبة السكرتير الصحفي للبنتاغون سابرينا سينغ، “إننا نقدم لهم ما نعتقد أنهم قادرون على تشغيله وصيانته واستدامته”، مضيفة أن “F-16 نظام معقد للغاية”.

وسيحتاج الطيارون الأوكرانيون أولا إلى التدريب على قيادة الطائرة، حسب “سي إن إن”.

وعن ذلك يقول برونك “إذا كان شخصا ما طيارا مقاتلا مؤهلا وذو خبرة على الطراز السوفيتي، فإن الأمر يستغرق بضعة أشهر حتى يتم تدريبه بإتقان على F-16”.

وبعد ذلك، سيتعين على أوكرانيا تحديد كيفية ومكان تشغيل الطائرة المقاتلة، حسب “سي إن إن”.

وينبع جزء من النجاح المستمر لأوكرانيا في تحليق الطائرات على الرغم من التهديد بالهجوم الروسي، من استخدامها لـ”قواعد جوية أصغر”.

لكن برونك حذر من أن “معظم القواعد الأوكرانية التي يستخدمونها لعمليات متفرقة لتجنب التعرض للقصف، قاسية جدا من حيث السطح وقصيرة وفقا للمعايير الغربية”.

وتشغل العديد من الدول الأوروبية طائرات F-16، بما في ذلك بولندا المجاورة، مما يعني أنه يمكن التعامل مع القضايا الخطيرة العميقة في الخارج، لكن يجب أن يتم إجراء “الصيانة اليومية” من قبل فنيين في أوكرانيا.

وحسب حديث برونك، فإن “هذه طائرات معقدة بشكل لا يصدق، وقد تم تصميمها وبناؤها بطريقة مختلفة تماما عن الطائرات التي اعتاد الفنيون الأوكرانيون، على تشغيلها وصيانتها.”

واعتمادا على مدى سرعة تحليق طائرة F-16، يمكن تدريب الفنيين الأوكرانيين على مدار عدة أشهر، أو يمكن إرسال متعاقدين غربيين إلى أوكرانيا، مما يعرضهم لخطر الهجوم الروسي.

إرادة سياسية؟

مثل جميع القرارات الأخرى لإرسال أسلحة إلى أوكرانيا، فإن إرسال طائرات F-16 لكييف يحتاج لـ”إرادة سياسية”.

ويرى ويجينجا أن “القضايا السياسية هي المشكلة الأكبر، وليست اللوجستية”.

وفي حال تغلبها على الدفاعات الجوية الروسية، ستمنح طائرات F-16 أوكرانيا القدرة على ضرب روسيا بسلاح أميركي الصنع بعيدا عن الخطوط الأمامية.

لكن ويجينجا يقول “لا أعتقد أن الأوكرانيين سيفعلون ذلك، لكن هناك مخاطر، وقد يؤدي ذلك في الواقع إلى تصعيد لسنا مستعدين حقًا لقبوله”.

وتشير “سي إن إن”، إلى الحاجة لتحالف دولي أوروبي واسع في حال مد كييف بطائرات F-16، مما يقلل من “المخاطر السياسية” التي قد تواجه أي دولة بمفردها.

ورفض البيت الأبيض النداءات الأوكرانية لطائرات مقاتلة حديثة مثل F-16 خوفا من استخدامها لضرب الأراضي الروسية.. 

ويجب أن توافق واشنطن على بيع أو نقل طائرات مقاتلة أميركية الصنع إلى دولة ثالثة، مما يعني أن الدول الأوروبية ستحتاج إلى دعم سياسي من إدارة الرئيس جو بايدن، وفقا لـ”فايننشال تايمز”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى