أبرزرأي

الهزيمة ليست خيارًا

كتبت صحيفة “الخليج” في اقتتاحيتها اليوم: مع احتدام المعارك في أوكرانيا، وانسداد أي أفق للحل السياسي، أو حتى التوصل إلى هدنة مؤقتة، ومع إصرار الدول الغربية على تزويد أوكرانيا بمختلف أنواع الأسلحة المتطورة، من دبابات وصواريخ ومدفعية، وتحريضها على رفض المفاوضات إلا بشرط انسحاب القوات الروسية من المناطق التي احتلتها في شرق أوكرانيا، وجنوبها، ومع رفض روسيا هذه الشروط، والاعتراف بالأمر الواقع الذي تحقق منذ الرابع والعشرين من فبراير/ شباط الماضي، والمضي في الحرب وتزويد القوات الروسية بأحدث الأسلحة في ترسانتها، من طائرات وصواريخ لم يسبق لها الدخول في الخدمة، مع كل ذلك يبدو أن آفاق الحرب سيطول مداها لأشهر، أو لسنوات، طالما أن للطرفين، الروسي والغربي، أهدافاً لم تتحقق بعد، ويبدو أنها لن تتحقق.

وهكذا يبدو أن الرهان على تحقيق أحد الطرفين أهدافه هو رهان ضعيف، فالهزيمة بالنسبة إلى روسيا ليست خياراً مطروحاً، وهي على استعداد للمضي في الحرب إلى ما لا نهاية، لأن هزيمتها تعني نهاية روسيا كدولة ونظام، وفي سبيل ذلك فإنها قد تلجأ إلى خيارات أخرى قد تكون أشد وأصعب وأخطر، بالنسبة إليها ولأوروبا.

أما أوكرانيا التي تخوض الحرب بالوكالة عن الولايات المتحدة والدول الغربية، فهي التي ستكون أكثر من يدفع الثمن، إنسانياً واقتصادياً، وفي بنيتها التحتية، ولن يكون بمقدورها لملمة جراحها إلا من خلال دعم غير محدود من الدول الغربية، وذلك قد يستغرق سنوات من بعد نهاية الحرب.

الدول الغربية تدرك كل ذلك، وهي مصممة على مواصلة الحرب طالما أنها لا تدفع الثمن مباشرة، وإن كانت تداعياتها بدأت تنعكس أزمات اقتصادية، وتضخماً، وارتفاع أسعار في معظم الدول الأوروبية، وانقطاع طاقة، وحالات تململ شعبي تعبّر عنها الإضرابات والتظاهرات التي تشهدها العديد من هذه الدول.

وفي مقال لكلٍ من وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، كوندوليزا رايس، ووزير الدفاع السابق، روبرت غيتس، نشر في «الواشنطن بوست»، قبل أسبوع، أكدا أن القتال والدمار سوف يستمران، وأشارا إلى أن «الهزيمة ليست خياراً مطروحاً» بالنسبة إلى الرئيس الروسي بوتين، وقالا إنه «لا يمكنه التنازل لأوكرانيا عن المناطق الأربع التي أعلن أنها جزء من روسيا، إذا لم يكن ناجحاً عسكرياً هذا العام»، وتطرّقا إلى الاقتصاد الأوكراني بوصفه في «حالة فوضى، كما فرّ الملايين من سكانها، ودمّرت بنيتها التحتية والمعدنية، وقوتها الصناعية الكبيرة، والأراضي الزراعية باتت تحت السيطرة الروسية».

بهذا المعنى، فإن شرايين الحياة الأوكرانية باتت مقطوعة، وليس أمام كييف إلا الاعتماد على شرايين الحياة الغربية التي تمدها بالمال والسلاح كي تواصل القتال بالنيابة، وتكون وحدها الضحية.

إن الآراء الموجودة في هذه المقالة تعبر عن رأي الصحيفة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى