شؤون دولية

الدول الأفريقية لا تعتبر واشنطن شريكاً موثوقاً به

على الرغم من إعلان الولايات المتّحدة أنّها ستقدّم 150 مليون دولار لتزويد مستشفيات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بالكهرباء، إلا أن “الدول الأفريقية لا تعتبر واشنطن شريكاً موثوقاً به”، بحسب ما أوردته صحيفة “ذا هيل” الأميركية. وتهدف مبادرة واشنطن في أفريقيا، إلى مواجهة تحدّ رئيسي يعوق الرعاية الصحّية في القارّة، بحسب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. 

وفي الوقت نفسه، أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عن عزمها انفاق 75 مليون دولار آخر في القارة الأفريقية لحماية المناظر الطبيعية ودعم السياحة المستدامة، كما قدّمت 2.5 مليون دولار إضافي كمساعدات إنسانية للفيضانات المدمرة في تشاد. ورغم الإعلان عن هذه التقديمات الأميركية، رأت “ذا هيل” أن “الدول الأفريقية لا تعتبر الولايات المتحدة شريكاً موثوقاً به، وسيكون من الصعب على واشنطن إقناع دول القارة بخلاف ذلك”. وتنتهي اليوم الخميس، القمة الأميركية الأفريقية التي بدأت الثلاثاء، ودعي إليها زعماء دول وحكومات 49 دولة أفريقية، بالإضافة إلى ممثل الاتحاد الأفريقي.

وبحسب الصحيفة، فإن القمة، وفقاً لفكرة واشنطن، “تهدف لتعزيز العلاقات الأميركية مع الدول الأفريقية، ومواجهة تأثير روسيا والصين في القارة”. ومع ذلك، وفقاً للخبراء الذين قابلتهم الصحيفة، “ستكون الَمهمّة الأكثر صعوبة أمام الإدارة الأميركية هي أن تثبت للقادة الأفارقة أن الولايات المتحدة يمكن أن تكون شريكاً موثوقاً به، وطويل الأمد للقارة”.

وقال كاميرون هدسون باحث في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية في تصريح للصحيفة: “إنهم لا يروننا كشريك يعتمد عليه لأمد طويل، يعتقدون أننا غير موثوقين. هذه القمة هي بداية محاولة لتغيير هذا الاعتقاد”. من جهته يرى إبنيزر أوبادار خبير مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، أن قرار السلطات الأميركية بعقد القمة، تأثّر بسلوك العديد من الدول الأفريقية التي لم تدعم موقف واشنطن في مساعيها المتعلقة بأوكرانيا”.

وقال إن “المؤسسة السياسية الأميركية مصدومة من رد فعل الأفارقة على الصراع في أوكرانيا. يبدو أن هذا يرجع للإدراك بأن كل شيء لم يعد كما كان من قبل”. وبرأيه، فيما يتعلق بأفريقيا، “تعمل الولايات المتحدة في إطار استراتيجية طويلة الأمد، ترتبط إلى حدٍ كبير بالحاجة لمقاومة تأثير روسيا والصين في القارة”.

وأوضح: “لن أصدق إذا قال أحدهم أن هذا لا علاقة له بروسيا. أعتقد أن الولايات المتحدة تفكر على المدى البعيد، وتلوم نفسها كيف سمحنا للصين وروسيا بالحصول على موطئ قدم قوي في القارة”. وأضاف أن “الولايات المتحدة لديها الرغبة ليس فقط بانتزاع الدول الأفريقية وأخذها بعيداً عن روسيا، وإنما هي بحاجة أيضاً لاستعادة تعاطفها، وإعادة توطيد المصالح الأميركية في أفريقيا”. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، قد أكد أمس الأربعاء إن “بلاده تسعى إلى إقامة شراكات تدفع إلى إرساء التزام سياسي وتعزيز التبعية وتحفيز النجاح المشترك مع أفريقيا”.

وأقرّ نائب وزير التجارة الأميركي، دون غريفز، بأن الولايات المتحدة تخلّفت عن الركب بعدما تجاوزت الصين الاستثمار الأجنبي الأميركي في أفريقيا، لكنه اعتبر أن واشنطن لا تزال “الشريك المفضل” لأفريقيا. كذلك، أقر البنتاغون بأنّ تنمية العلاقة بين الدول الأفريقية والصين سيكون له تداعيات سلبية على علاقة هذه الدول مع الولايات المتحدة. إلا أن السفير الصيني في واشنطن تشين قانغ، أكد إنّ “القارة الأفريقية يجب أن تكون محلاً للتعاون الدولي، بدلاً من أن تكون ساحة تتنافس فيها القوى الكبرى على المكاسب الجيوسياسية”.

وبلغت التجارة بين الولايات المتحدة وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 44.9  مليار دولار العام الماضي، بزيادة 22% عن عام 2019، لكنّ الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة انخفض بنسبة 5.3% إلى 30.31 مليار دولار في عام 2021. في المقابل، ارتفعت التجارة بين أفريقيا والصين العام الماضي إلى 254 مليار دولار في العام الماضي، وزادت بنحو 35% مع زيادة الصادرات الصينية في القارة. وقال موقع “كوارتز أفريقيا”، إن “التجارة بين أفريقيا والصين ارتفعت إلى مستوى قياسي العام الماضي، وفقاً للبيانات الصادرة مؤخراً عن وكالة الجمارك الصينية.

من جهة أخرى، قال سفير المهمات الخاصة في وزارة الخارجية الروسية، رئيس الأمانة العامة لمنتدى الشراكة الروسية الأفريقية أوليغ أوزيروف، نهاية الشهر الماضي، إنّ “الولايات المتحدة تحاول التنافس مع روسيا في عقد قمم بمشاركة زعماء أفريقيا”.

وكانت جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تموز/يوليو الماضي، إلى أفريقيا، تعد من أبرز الخطوات التي قامت بها موسكو لتعزيز توجهاتها نحو أفريقيا. وكان ناقش لافروف خلال الزيارة الأجندة الدولية والإقليمية والتعاون الثنائي.  وفي خضم أزمة الغذاء في العالم، قامت موسكو بالتأكيد مراراً على عزمها مساعدة الدول الأفريقية بشأن إمدادات الحبوب.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى