رأي

الحزب يساند غزّة… فمَن يساند أهل الجنوب

كتب قزحيا ساسين في “السياسة”:

ما بدا واضحا من كلام السيّد حسن نصر الله، الأمين العامّ للمقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، أنّ قواعد الاشتباك مع العدوّ الإسرائيليّ، لن تتغيّر، طالما أنّ العدوّ لن يخالفها، ما يعني عمليّا أنّ الجنوب اللبنانيّ سيستمرّ يدفع ثمن نتائج “طوفان الأقصى”، إلى أن تنتهي الحرب، والله أعلم متى نهايتها.

ويعتبر السيّد نصر الله نشاط حزب الله العسكريّ، جنوبا، مسانَدة لِحماس في جهادها الفلسطينيّ. غير أنّ السؤال البالغ الإلحاح: مَن سيساند أهل الجنوب، لا سيّما أبناء القرى الحدوديّة، الذين تركوا بيوتهم، أو بقوا في أرضهم بِلا عمل، وبلا مدارس، وبلا أمان؟

إنّ لبنان، عموما، يدفع ثمن الحرب، لكنّ الجنوبيّين باتوا في وضع يستدعي المساعدة الفوريّة. فمِن البيوت ما لم يعد صالحا للسّكن وهو في حاجة إلى الترميم، أو إعادة البناء، ومِن الجنوبيّين مَن نزَح صوب بيروت أو غيرها، وليس معه كلفة الإيجار والإقامة حيث هو، ومنهم مَن لا يجد أيّ عمل متواضع لأجل لقمة الخبز، ومِن المعلّمين، على سبيل المثال، مَن لا يتقاضى أجره في القطاع الخاصّ، أو يُحرَم ممّا يحصل عليه زملاؤه في القطاع الرسميّ من مساعدات، بسبب الغياب ال

يرى السيّد نصر الله تضامنا لبنانيّا شِبه شامل مع ما تقوم به المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، ويقصد أنّ اللبنانيّين وصل إليهم حقُّهم عندما طَمأنهم السيّد أن لا حرب مفتوحة، والدمار لن يكون عندنا كما في غزّة. إلّا أنّ واقع الحال يخالف هذا الكلام، فالرأي العامّ اللبنانيّ يتضامن مع الجنوبيّين أكثر ممّا يتضامن مع أهل غزّة، وإن كان كلّ اللبنانيّين يرفضون إجرام العدوّ الإسرائيليّ ووحشيّته التي لا توصَف. وهذه المسألة تَجاهلها السيّد نصر الله، الذي ينظر بعينَيه الاثنتَين صوب غزّة، ويدير ظهره لمأساة أهل الجنوب المنكوبين، وهم بِلا نصير، وبِلا يد تمتدّ لهم في هذه المأساة الطويلة.

حتّى الآن، لم نَشهد أيّ تدبير يساهم في كَسر سُمّ المصيبة عند أهل الجنوب. ومن الذين حاولوا إظهار الاهتمام، وزير التربية، الذي تعامل مع الكارثة التربويّة الجنوبيّة وكأنّ المدارس وُرَش بناء، فتلاميذ الجنوب يلتحقون في أيّ مدرسة قريبة من ديار نزوحهم، وكذلك يفعل المعلّمون. للأسف، ما هكذا تُحَلّ المعضلات، والحلّ يجب أن يكون شاملا الجميع: الذين نزحوا، والذين لم ينزحوا. ويجب أن يكون الكلام واضحا من الآن كيف سيتمّ التعامل مع الامتحانات الرسميّة لتكون عادلة، وكيف سيتمّ إيجاد حلول للتلاميذ الجنوبيّين في هذه المسألة تحديدا، لأنّها أكثر ما يشغل بال التلاميذ وأهلهم…

لقد وجدَت غزّة مَن يساندها من عندنا، فهل سيحظى أهل الجنوب بمَن يقول لهم: “لا تخافوا، نحن هنا؟”

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى