رأي

الحريري والطائفة… في غرفة الانتظار

كتب خالد البواب في “اساس ميديا”: “ينشغل لبنان عامّة، والطائفة السنّيّة خاصة، بقرار الرئيس سعد الحريري العودة إلى لبنان. والسؤال المطروح في البداية: هل يعود إلى لبنان أم يزوره زيارة قصيرة ثمّ يعاود المغادرة؟ وإذا كان سيعود عودة نهائية فلماذا في الأساس كان خارج لبنان بالمعنى السياسي؟ وهل يرتبط وجوده في الخارج بسياق سياسي عامّ يدفعه إلى تأجيل عمله السياسي في هذه المرحلة وانتظار تبلور الأوضاع الإقليمية والداخلية في المرحلة المقبلة؟

مبرّر السؤال هو العودة إلى تجربة سعد الحريري الذي غادر لبنان بعد خروجه من الحكومة في العام 2011، ولم يعُد إلا بعد التسوية الرئاسية مع ميشال عون التي حصلت في العام 2016.

وبالتالي هل تكون العودة مرتبطة بتسوية جديدة؟ وكيف تكون معالمها؟

ينقسم المشهد السياسي اللبناني إلى قسمين:

1- المشهد الداخلي بتفاهته السياسية وانعكاسها على الاستحقاقات الكبرى.

2- والمشهد الخارجي الذي تسعى فيه إيران إلى تقديم حزب الله لاعباً أساسياً إقليمياً من اليمن إلى أفغانستان.

كلّ المؤشّرات في لبنان هي عبارة عن تشخيص للأزمة العميقة التي يعيشها لبنان، سواء الخطاب العوني الذي يريد تغيير النظام وضرب الطائف، أو طروحات حزب الله ومشاريعه العابرة للحدود

على الصعيد الداخلي، هل يعود الحريري إلى لبنان ضمن لعبة تحالف قادرة على التأثير في المجريات السياسية والانتخابات الرئاسية، وبالتالي العودة إلى التفاهم مع الرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط استعداداً للانتخابات الرئاسية المقبلة؟ أم ترتبط عودته بتغيير سياسي جذري هدفه مواجهة حزب الله وإعادة تثبيت التوازن السياسي في البلد؟

وربطاً بالمشهدين، ثمّة سؤال آخر لا بدّ من طرحه: هل يعود الحريري لخوض الانتخابات النيابية؟ وعلى أيّ قاعدة من التحالفات؟ هل يعود إلى تحالفات مشابهة لتحالفات 14 آذار؟ أم تكون محصورة بتحالفات على القطعة مع بري وجنبلاط وغيرهما؟ وما هي ارتدادات أيّ موقف سيتّخذه على الصعيد السنّيّ؟ وكيف سيكون انعكاسه؟ وبالتالي ما الذي يدفع الحريري إلى العودة إلى لبنان؟ وكيف سيجيب على كلّ هذه الأسئلة؟

وإذا افترضنا أنّ الرجل عاد إلى لبنان، فكيف سيكون مسار معركته على الساحة السنّية؟ ومن هم خصومه؟

الرجل نجح في إضعاف كلّ أخصامه في الطائفة السنّية انطلاقاً من المدّ السياسي والجماهيري الذي كسبه بعد لحظة اغتيال رفيق الحريري في العام 2005. والدليل على ذلك أنّ كلّ خصومه الذين انتقدوا تنازلاته السياسية على مدى السنوات الماضية، غير قادرين بغالبيتهم العظمى على لعب دور أساسي ومركزي على الساحة السنّية. وجميعهم ينتظرون عودته مكرّسين مبدأ أنّ التركة الحريريّة تقود إلى الفراغ فقط. وكأنّهم يستسلمون لهذا الفراغ، أو يضيعون في حسابات تفصيلية ضيّقة لا ترقى إلى الحساب السياسي ولا إلى تكوين وإعادة إنتاج فكرة سياسية ترتبط ببقائهم ووجودهم ودور المؤسّس والكيانيّ في لبنان. ولا حتى يقفون على فالق أساسي أو استراتيجي في ظلّ التحوّل الكبير الذي تعيشه المنطقة.

كلّ المؤشّرات في لبنان هي عبارة عن تشخيص للأزمة العميقة التي يعيشها لبنان، سواء الخطاب العوني الذي يريد تغيير النظام وضرب الطائف، أو طروحات حزب الله ومشاريعه العابرة للحدود.

يغيب السُنّة بشكل كامل عن كلّ هذه المعادلات. إذ يظهرون غير قادرين على التأثير بها. الأمر الذي يضعهم خارج المشهد السياسي بشكل عام. ويقتصر النقاش لديهم على سؤال أساسي: هل يعود الحريري للمشاركة في الانتخابات أم لا؟ ويغيبون عن أيّ طرح سياسي جدّيّ، إن في الاقتصاد أو في تركيبة الدولة أو صيغتها أو شكلها أو مضمونها أو في السياسة الخارجية، وهذا الغياب يمسّ جوهر وجودهم.

غياب الحريري بمعنى آخر هو تجسيد أو تكثيف لحقيقة غياب السنّة عن المعادلة الوطنية، لأسباب كثيرة ليس أوّلها التسويات ولا آخرها التنازلات. وانتظار عودة الحريري هو اختصار لمشهد طائفة تمتدّ على مساحة الوطن، تنتظر وتنتظر وتنتظر. تنتظر الخارج، وتنتظر العرب، وتنتظر التطوّرات المحلية، وتنتظر التطوّرات في الإقليم، وصولاً إلى فيينا.

هي طائفة في غرفة الانتظار، وعودة الحريري أو غيابه، مجرّد تفصيل في هذه الغرفة المقفلة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى