شؤون لبنانية

الحريري في غياب…من المستفيد؟

كتب كارل قربان في “لبنان24”:
 
الانتخابات قائمة، في آذار أو في أيار، بانتظار قرار المجلس الدستوري حول الطعن المقدّم من تكتل “لبنان القوي”. وحتّى الساعة لا تزال عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، وإعلانه عن خوض الانتخابات النيابية ضبابية. وعلى الرغم من كلّ ما قيل منذ فترة قصيرة، من أنّ رئيس تيار “المستقبل” يعمل على إطلاق تلفزيون “المستقبل” والجريدة من جديد، لتهيئة الاجواء للمعركة الانتخابية المقبلة، إلا أنّ لا شيء تُرجم على الارض حتّى الان، إذ لا مرشحين معلنين لـ”المستقبل” بعد، ولا ماكينات إنتخابية، ولا حملات إعلامية. أمام هذا الواقع، برزت أسئلة كثيرة حول ما إذا قررّ الحريري العزوف عن المشاركة في الحياة السياسية وانتقاله للاهتمام بأعماله خارج البلاد. ولعلّ أهم الاسئلة، وخصوصا عند الجمهور “الازرق”، هل يترك الحريري الساحة لخصومه في “حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ”، ويتنازل عن الاكثريّة النيابية من دون خوض معركة الانتخابات؟

من دون شكّ فإنّ الكثيرين لا يريدون عودة الحريري ليس فقط إلى لبنان، وإنّما إلى السياسة. فالوضع اختلف كثيرا منذ التسوية الرئاسيّة عام 2016، كذلك، بالتحالفات الانتخابية وتسمية الحريري بعد انتخابات العام 2018 لرئاسة الحكومة. وتجدر الاشارة إلى أنّه وبالرغم من أنّ الاكثرية النيابية سمّت الحريري لتشكيل الحكومة قبل الرئيس نجيب ميقاتي،فإنّ فريق رئيس الجمهورية ميشال عون الممثل بالنائب جبران باسيل، وحليفهما “حزب الله”، لم يكونوا يريدونه على رأس الحكومة لانّه رفض مشاركتهم فيها. كذلك، يرى مراقبون أنّ تعاطيه مع المكونات السياسية المتواجدة في السلطة، أي فريق “العهد” اختلف بعد استقالة حكومته بعد تظاهرات 17 تشرين في الـ2019.

وبحسب المراقبين، فإنّ الحلفاء القريبين من رئيس تيار “المستقبل” سيستفيدون من نتائج الانتخابات بغياب الحريري، على الرغم من أنّ تغيّب الاخير عن الحياة السياسية له تداعيات سلبيّة في تمثيل الشارع السنّي في مجلس النواب. ويعتبر المراقبون أنّ كلا من “القوات اللبنانية” و”التيار” سيدفعان بمرشحيهم المسيحيين، وخصوصا الاقليات منهم في دائرة بيروت الثانية. أما “حزب الله” والمقربون السنّة منه (نواب اللقاء التشاوري)، فسيعملون على حسم المقاعد السنيّة في بيروت وزحلة والشمال لصالحهم. وهكذا يكون “الحزب” حصل على الاكثرية النيابية ووسّع كتلته النيابية، شيعيّا وسنيّاً.

ويلفت المراقبون إلى أنّ المحازبين لتيار “المستقبل” ستتوزع أصواتهم على الشكل التالي إن عزف الحريري عن المشاركة في السباق الانتخابي: أولا، من المتوقع أن لا يشارك أغلبيتهم في عملية الاقتراع، وبالتالي ستنخفض نسبة المشاركين في الانتخابات، ويتكرّر سيناريو عام 1992 المسيحي، وهذه المرّة مع الطائفة السنّية.

ثانياً، يُشير المراقبون إلى أنّه من الممكن أن يصوّت بعض محازبي التيار “الازرق” للمستقلين، بسبب تأثير الاوضاع المعيشيّة والاقتصادية على البلاد، أو لمرشحي الحلفاء القديمين، وخصوصاً “التقدمي” و”القوات” لعدم السماح لـ”حزب الله” و”الوطني الحرّ” بأخذ المقاعد التي كانت من حصّة كتلة “المستقبل”. وبحسب المراقبين، فإنّ “القوات” أخذت تأييدا كبيرا في الشارع السنّي بعد أحداث الطيونة المؤسفة. وستكون معركة النواب المسيحيين الذين كانوا من حصّة الحريري بين “القوات” و”التيار” في بيروت الثانية وعكار والبقاع الغربي.

وتجدر الاشارة إلى أنّ الانتخابات السابقة التي أُقيمت على أساس القانون النسبي الحالي أفقدت كتلة “المستقبل” حوالي 20 نائبا، وكانت الخاسر الاكبر. في حين، الكتل المسيحيّة والشيعيّة ربحت ووسّعت كُتَلها. كذلك، تشكلّت كتلة سنّية معارضة استطاعت أخذ مقاعد في دائرة بيروت الثانية والبقاع الغربي من “المستقبل”. ومع تغيّر الاوضاع المعيشيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة بعد 19 تشرين الاول من العام 2019، وازدياد أعداد المغرتبين المسجّلين للاقتراع، فمن المرجّح أن يتراجع تمثيل معظم الكتل النيابية في مجلس النواب لصالح المجتمع المدني، وسط ترقب لمن ستصبّ أصوات المنتشرين في الخارج. وهذا ما يراه البعض من أنّه سيؤثر على تمثيل كتلة “المستقبل”، وتضاؤل حجمها أكثر لصالح المستقلّين

وفي الوقت الحاضر، يرى مراقبون أنّ تحفظّ الحريري عن الرّد على كلّ ما يقال حول انسحابه من الحياة السياسية مؤشر سلبيّ على أنّه بعيد عن السباق الانتخابي. فعدّة عوامل يعتبرها كثيرون كفيلة بابتعاده عن السياسة، ومنها: فَشل تحالف 14 آذار وافتراق القوى السياسية التي ألفته، بالاضافة إلى أنّ تحالف الحريري مع “التيار” في انتخابات الـ2018 سقط أيضاً. ورغم الاكثرية النيابية التي شكلّها مع حلفائه في الـ2005 والـ2009 بقي التعطيل السياسي، كما هو الحال حاليّاً مع الاكثرية الممثلةب “التيار” و”حزب الله”.

حتى الان، لا مؤشرات على عودة الحريري ولا بخوض المعركة الانتخابية، باستثناء ما أدلى به نائب رئيس تيار “المستقبل” مصطفى علوش يوم أمس، عن أنّ الاول عائد إلى بيروت بعد 10 الجاري. وأمام كل هذه التكهنات، يبقى للحريري أن يتّخذ القرار، عندها يؤكّد التحليلات، أو يقلب الطاولة على مطلقيها ويعود الى كامل حضوره على الساحة السياسية.

(لبنان24)

المصدر
لبنان24

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى