باسم المرعبي- ناشر موقع رأي سياسي…
لبنان الذي يعاني شعبه من السياسة والاقتصاد والحالة المعيشية بات يعاني تربوياً ايضاً، فبعدما استطاع الاهالي تسجيل اولادهم في المدارس ب”شق النفس”، نتيجة الزيادات التي فُرضت على الاقساط في المدارس الخاصة وبـ”الفريش” دولار تحديداً، اضافة الى ركضهم من مدرسة رسمية الى اخرى لحجز مقعد دراسي لاولادهم، ها هم يجلسون مع أولادهم على أعصابهم بإنتظار قرار وزارة التربية بشأن الامتحانات الرسمية في الشهادة الثانوية العامة والمتوسطة.
ومن المعروف ان كل شيء في لبنان صغيراً كان ام كبيراً، انتخاب رئيس جمهورية او تشكيل حكومة او حتى تعيين مدير تدخل فيه السياسة والمحسوبيات والسمسرات، ها هو قد وصل الامر الى الامتحانات الرسمية.
فبحسب مصادر مطلعة على النقاشات الحاصلة، أكدت في حديثها لموقع رأي سياسي، ان الاصرار على اجراء “الامتحان الوطني” لشهادة “البروفيه” هو وجود صفقة تتعلق بكيفية إجراء الامتحان على المستوى التقني، فهناك شركة معلوماتية خاصة ستكلف بإنشاء نظام إلكتروني لهذا الامتحان، وهذه الشركة تتبع لاحد المدراء في وزارة التربية.
هذا النوع من الاختبار الوطني الذي لم يُجرب بعد، ولم يستعد له اي من المدارس الكترونياً وتقنياً، ستكون المدرسة تحت رحمة هذه الشركة التي بدورها ستحصل على المال لقاء عملها من وزارة التربية والحكومة، وستكون مهمة هذه الشركة تسجيل الطلاب وإعداد اللوائح الإسمية وتوزيع المسابقات إلكترونياً على المدارس، وتسجيل العلامات التي يحصل عليها الطلاب، وهنا يكون المستفيد الاول والاخير من هذا الاختبار هو الشركة، والمستفيد الثاني هو المدارس، لأنه سيكون الاختبار الوطني امتحاناً لنزاهة المدرسة لا للمعارف والعلوم المكتسبة للطلاب، وهنا تؤكد مصادر تربوية لموقع “رأي سياسي” ان هذا الاختبار لا قيمة له تربوياً.
اما تسييس الامتحانات الرسمية، فبدا واضحاً من خلال الاشكالية الحاصلة حول الغاء المواد الاختيارية او تقليص المواد، او سلخ الجنوب عن لبنان عبر اجراء امتحان خاص به، وبدأ المصطادين بالماء العكر بتظهير الأمر على انه خلاف بين المسلمين سنّة وشيعة الذين يطالبون بالمواد الاختيارية مقابل المسيحيين الرافضين للأمر، ونسوا ان الأمر تربوي بحت. في المقابل تُجمع روابط التعليم الرسمي ولجان المتعاقدين على ضرورة إجراء امتحان موحّد باستثناء الجنوب لان العام الدراسي سار بشكل طبيعي هذه السنة، مشددين على ضرورة الوقوف إلى جانب طلاب الجنوب ودعمهم، وتخصيصهم بامتحانات تراعي ظروفهم لجهة تقليص البرامج واعتماد المواد الاختيارية بهم على نوع خاص، معتبرين ان اللجوء إلى تطبيق الخاص على العام لا يمكن ان يفهمه عقل ولا منطق ولا يرضى به أي تربوي.
وجراء هذه البلبلة التي حصلت بين صفوف الطلاب بسبب إلغاء وزير التربية عباس الحلبي المواد الاختيارية من الامتحانات الرسمية المقبلة بعد سنتين من اعتمادها بسبب الظروف التي مر بها لبنان في السنوات الأخيرة إضافةً إلى محاولة الوزير سلخ الجنوب عن بقية المحافظات، فمن المقرر ان تجتمع لجنة التربية النيابية مع وزير التربية نهار الإثنين المقبل، لمناقشة الأمر من مختلف جوانبه تربوياً ولوجستيا، بعد أن كان زاره في وقت سابق عدد من النواب وممثلين عن عدد من الأحزاب، فيما رجحت مصادر تربوية في حديثها لموقع “رأي سياسي” انه سيتم في نهاية الأمر اعتماد تسوية على شاكلة اي شيء يحصل في لبنان، وهو اعتماد العام الدراسي 2022-2023 كمرجع أساسي لامتحان الثانوية العامة، أي اعتماد تقليص المنهاج الذي حصل العام الفائت كمرجع للامتحانات وتوفير الجهد وعمل لجان المواد ولجان الامتحانات، الذي يستغرق وقتاً بدوره.
أما في ما يتعلق بالمواد الاختيارية، فترجح المصادر ايضا اعتماد الامتحانات الرسمية السابقة كمرجع لامتحان الطلاب.
ولكن مع كل هذا الأخد والرد والتسريبات فإن مصداقية التربية أصبحت على المحك، والتلامذة وأهاليهم لم يعودوا “يقبضون” بشكل جدي القرارت التي تصدر عن وزارة التربية ولا عن إدارة مدارسهم، فهم سيظلون يراهنون على تغييرات اللحظة الأخيرة.