أبرزرأي

أسواق الذهب …ملاذ آمن للادخار

 نائلة حمزة عبد الصمد .

خاص رأي سياسي…

بعدما فُقد الأمل في استعادة أمواله المحتجَزة في المصارف، والتآكل السريع لقيمة مدخراته بالعملة اللبنانية ، يبحث المواطن اللبناني عن الأمان من خلال شراء قطعة ذهب “ليوم العازة او اليوم الأسود.”

 ويُسجَّل إقبال كبير على شراء الذهب في هذه الأيام  نظراً للأزمة المتفاقمة، فالناس يخشون العملة الورقيّة، والجميع يُحاول التخلّص منها عبر تحويلها إلى ملاذات آمنة، على رأسها الذهب.

ويمكن تشبيه حال سوق الذهب في لبنان بـ “خلية النحل التي لا تهدأ من حيث البيع والشراء”،  ويتنوع الزبائن بين باحثين عن الادخار المحلي، ومغتربين يشكلون شريحة كبيرة من المشترين. وحتى أصحاب الرساميل يتّجه البعض منهم إلى الذهب للاستثمار وليس الإدخار، تماشياً مع التوقعات العالمية باحتمال بلوغ سعر الأونصة 2500 دولار، وربما 2600 دولار خلال العام 2023.

 ويختصر أحد أصحاب متاجر الذهب أحمد زهران هذا المشهد الطارئ بقوله “لو كان لدي مئة أونصة لكنت بعتها” وذلك بسبب الاقبال الكبير من المغتربين على الشراء.

 ويشير ل”رأي سياسي” إلى أنّ “الطلب على الذهب في لبنان يفوق كثيراً العرض، لا سيما عرض السبائك، أيّ كلّ ما هو ذهب غير مُصاغ، والسبب أنّه لا يخسر كثيراً من قيمته إذا لم يتمّ بيعه”. وينصح كلّ من يرغب في ادّخار الذهب في لبنان بأن يقوم بشراء ليرة الذهب اللبنانيّة، لأن بيعها لاحقاً لا يلحق خسارة كبيرة بمالكها، وتقتصر فقط على خسارة تكلفة صياغتها البالغة بين 5 و10 دولارات، فيما الخسارة في ليرة الذهب السويسريّة تقدّر بنحو 35 إلى 40 دولاراً.

 والتقينا بالسيدة أم علي، التي قالت انها تبتاع الذهب لابنها الذي يستبدل العملة الورقية  التي يجنيها من عمله خارج لبنان بالليرات الذهبية أو الأونصات بدل شراء سيارة ، اذ ان ثمن المحروقات الكبير أصبح يستهلك الدخل الفردي بشكل كبير جداً.

من جهة أخرى، يُقر السيد فيصل حرب ، وهو مصمم للمجوهرات ، بأن “السوق ناشطة بعض الشيئ على الرغم من الأزمة المالية الكبيرة ، فالمواطن لم تعد لديه ثقة بالعملة اللبنانية، ويتخوف على الدولارات الأميركية “. ويعتبر أن “الذهب يُعد خياراً مناسباً، إذ يمكن تسييله بسرعة وعلى قدر الحاجة وبصورة مرحلية، بخلاف العقارات التي يصعب بيعها في هذه الأزمة غير المسبوقة وسط انهيار مالي واقتصادي كبير”.

ويعمد بعض تجار الذهب على آلية التقسيط مع الزبائن الذين تربطه بهم ثقة بالتعامل، فيجري إبرام عقد مع الزبون ينص على شراء أونصات أو ربما سبيكة، ويبدأ الزبون بتقسيط المبلغ المطلوب شرط الإبقاء على الذهب المطلوب في خزنة التاجر إلى حين سداد كامل قيمته. هذه الآلية من التعامل تتيح المجال أمام اللبنانيين محدودي القدرة على الإدخار، باقتناء بعض القطع الذهبية.

  ويعدّ الذهب وسيلة للحفاظ على القيمة، في معرض البحث عن استثمارات مستقرة، وشعور بالأمان في بيئة مضطربة سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً. وحفز الارتفاع السريع لأسعار الذهب، المدخرين، على شراء الأونصات، بعدما شهدت البورصة ارتفاعاً كبيراً وقياسياً وحقق مالكو الذهب أرباحاً كبيرة، فيما تتآكل قيمة الاستثمارات الأخرى بفعل التضخم الذي يشهده الاقتصاد العالمي والاضطرابات المتصاعدة بين القوى الكبرى.

و قفز سعر أونصة الذهب في الأيام الماضية بالتزامن مع أزمة المصارف الأميركية بنحو 10 في المئة، مسجّلاً أعلى مستوياته في عام، بفعل تزايد الطلب عليه كأكثر الخيارات أماناً من الأسهم والعملات.

وبعد ان كسر سعر أونصة الذهب مستوى الـ2000 دولار، عاد وهدأ في الأيام الأخيرة، بعدما أنعش إنقاذ كريدي سويس الإقبال على المخاطر، رغم استمرار الضبابية بشأن النظام المالي. لكن ورغم ذلك، يرى محللون أن هدوء أسعار المعدن الاصفر اليوم قد لا تطول كثيراً، فهي تستعد لتحقيق أكبر مكاسب منذ شهر تشرين الثاني. إذ تدفع الأزمة المصرفية العالمية المستثمرين إلى الإقبال على المعدن النفيس بشكل لافت.

ويرى هؤلاء ان “قرار شراء الذهب، ينطلق من مسلَمة أنه ذو قيمة ذاتية، بخلاف العملات الأجنبية الكبرى، سواء الدولار الأميركي أو اليورو، التي تعاني من حالة تضخم وخسارة قيمتها، لذلك فإن إقبال الناس على شراء الذهب من أجل الادخار خلال الأزمات يرفع من قيمته ويحافظ على مكانته”.

ومن هنا ، فالإقبال على الذهب يعود إلى أنه يتيح إمكانية تخزين قيمة كبيرة في حجم صغير للغاية، ووزن سهل الحمل. ويمتلك القيمة عينها في مختلف البلاد، ويحافظ على قيمته فهو لا يشهد تدهوراً سريعاً في قيمته … فهل سيستمر المعدن الأصفر النفيس الملاذ الآمن في ظل الأزمات؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى