رأي

الاتفاق مع الصندوق ينتظر الانتخابات أيضاً!

روزانا بو منصف – النهار

حين اقتحم السريلانكيون قصر الرئاسة قبل ايام على خلفية انهيار اقتصادي ومالي تاريخي في بلادهم واجبروا الرئيس السريلانكي على الهرب، دبت الحماسة لدى عدد كبير من ال#لبنانيين لا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي الذين رغبوا في استنساخ نموذج #سريلانكا ما دام الانهيار هو نفسه في فساد واهدار من السلطة تسبب بانهيار البلاد. الا انه وفق خبراء ماليين كبار ، فان سريلانكا راهنا هي ما كانه لبنان في العام 2020 حين اجتاح المنتفضون الطرقات وقصدوا المقار الرئاسية بغرض ارغام ساكنيها ان لم يكن على المغادرة فعلى الاقل تلبية مطالبهم ، الا انهم ووجهوا من الجيش اللبناني بمنع وصولهم الى الحكام فيما ان العناصر المؤيدة والمناصرة للثنائي الشيعي تكفلت باجهاض انتفاضة اللبنانيين وتفخيخها وضربها من الداخل. ما اصبح اليه لبنان راهنا يتجاوز بكثير وضع سريلانكا وهو يتقدمها باشواط . اذ ان ما حصل بعد ذلك انه تم افقار اللبنانيين واستخدمت الودائع التي كانت لا تزال موجودة بقيمة ٤٠ مليار دولار في مشاريع الدعم العشوائية التي بدأتها السلطة ابان حكومة حسان دياب تزامنا وربما ايضا خدمة لسوريا التي كانت في وضع سيء جدا وحتى أسوأ من وضع لبنان فهربت البضائع اليها وكذلك الدولارات مما تبقى من ودائع الناس.

يواجه لبنان الذي لا تدخله اي اموال باستثناء اموال مغتربيه خطر الافتقار الى القدرة على تمويل الحد الادنى من المقومات المعيشية للبنانيين لا سيما ان الاتفاق المبدئي الذي وقع مع صندوق النقد الدولي في نيسان الماضي تتغير معطياته يوما بعد يوم فيما ان لبنان اخل بوعوده للصندوق لجهة اقرار القوانين المحالة الى مجلس النواب قبل الانتخابات النيابية التي جرت في 15 ايار الماضي على ان يقر اي قانون يتأخر اقراره بعد الانتخابات حتى ولو لم تتألف حكومة جديدة .ولكن مجددا يظهر مسؤوله انهم يعيشون في عالم اخر وقد باتت الانتخابات الرئاسية تفرض تحديا لجهة اجراؤها في موعدها وامكان نقلها لبنان الى مرحلة جديدة مع رئيس جديد لا بد ان يحمل تغييرا او حصول فراغ رئاسي ، فيما ان خطة الحكومة التي كانت تتحدث عن اعادة مبلغ مئة الف دولار من الودائع تشهد تغيرات مخيفة نزولا يوما بعد يوم . السؤال الاساسي راهنا هو الى اي مدى يستمر الاتفاق المبدئي مع الصندوق وهل يبقى قائماً؟

من المحسوم ان الوقت ليس لمصلحة لبنان فيما يغرق مسؤولوه في الممارسات نفسها من دون اي رادع . . ولكن هناك ثلاثة امور رئيسة وفق الخبراء انفسهم : اولا هناك قوانين الحد الادنى المطلوب من الصندوق عبر مشاريع القوانين الموجودة في مجلس النواب والذي يعتقد انها لن تقر في المهلة الفاصلة عن بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية . ثانيا : ان يصار الى تأمين دعم دولي للبنان حتى لو لم تتحدد المبالغ في هذا الدعم انما ان يكون واضحا ان هناك قدرة على تأمين دعم يتراوح بين ٧ و٨ مليار دولار ، وحتى الان هذا الاستعداد ليس قائما . فحتى لو حصل اتفاق على الترسيم للحدود البحرية بين لبنان واسرائيل ، فان التنقيب عن النفط سيستغرق بين ما ٧ الى ١٠ سنوات في حال تم العثور على الثروات المفترضة من الغاز والنفط وهذا الامر ليس مؤكدا وليس مثبتا وقد يكون هناك مخزون ضخم وقد لا يكون ولا يمكن الرهان عليه منذ الان تماما كما حصل بالنسبة الى البلوك رقم ٤ الذي ظهر عدم وجود كميات يعتد بها او تستحق استخراجها. ولكن التوقيع على اتفاق للترسيم يعطي ثقة بان لبنان لا يزال دولة ممسكة بزمام الامور وساطة تتحمل المسؤولية . وهذا سيكون موضع اختبار لا سيما ان الدعم الملح الذي يحتاج اليه لبنان مرتبط حكما باجراءات اصلاحية لا يمكن لاي اجراء اخر ان يعفي لبنان منها حتى لو يلوح للبعض ان التنقيب عن النفط يشكل بديلا عن خيار صعب لا ينوي ولا يرغب اهل السلطة اتخاذه ، اي الاصلاح المطلوب. وكل المواقف من الدول التي يمكن ان تدعم لبنان سواء كانت الولايات المتحدة او اوروبا او الدول الخليجية تخضع موضوع دعم لبنان لشروط الاصلاح كما في الاعوام الثلاثة الماضية و باتت تخضعه اكثر ايضا اخيرا لشرط توافر رؤية سياسية واضحة . اذ كانت الانطلاقة سابقا لدى كل هذه الدول هو العمل من اجل وقف تدحرج الانهيار ووضع خط جديد يستند الى اجراء الاصلاحات ، وهو ما حصل عبر خطة التعافي او البرنامج الذي وقع اتفاق على اساسه مع الصندوق من اجل ان يتمكن لبنان من الاستناد اليه من اجل التوجه الى الخارج وطلب مساعدته.

النقطة الثالثة تتصل بالمدى المتاح امام لبنان من اجل ان يقلع من جديد . اذ ان الحسابات التي ساهمت في توقيع الاتفاق مع الصندوق كانت مبنية على المعطيات والوقائع المتوافرة في شهر نيسان الماضي. كما بنيت على تعهدات علنية اصدرها كل من الرؤساء الثلاثة بمفرده كما بنيت على وعود بان مشاريع القوانين المطروحة راهنا امام مجلس النواب ستقر بل الانتخابات النيابية . وهذا لم يحصل ما يعني ان لبنان اخل بوعوده . وكل يوم يمر على لبنان تتغير المعطيات فيه في ظل تراجع احتياطات المصرف المركزي وقدرة اللبنانيين على الاستمرار . ومع ان التعويل مستمر على مواصلة حكومة تصريف الاعمال جهدها على هذا الصعيد حتى لو لم ينجح تأليف حكومة جديدة، فان ثمة اقتناعا بان الامور قد تذهب الى ما بعد انتخاب رئيس جديد اذا تم التزام المهل الدستورية لذلك . ويستند ديبلوماسيون الى تأكيدات حاسمة من رئيس مجلس النواب نبيه بري بان انتخاب الرئيس العتيد سيحصل في موعده . وبذلك تغدو محطة اساسية مهمة هي الانتخابات الرئاسية التي لا بد للصندوق انتظارها باعتبارها استحقاق يتعين التعامل او التكيف معه كما تكيف في الاشهر الاخيرة مع الوضع السياسي من اجل مساعدة لبنان وفقا لمبادرة من الرئيس نجيب ميقاتي تحديدا على هذا الصعيد .

انتظاران راهنا يحكمان الامور : اذا كان موسم الصيف في المقابل سينعكس ايجابا على لبنان ، واذا كانت ستجرى انتخابات رئاسية في موعدها ام يذهب لبنان الى الفراغ واذا كانت ستتيح الفرصة مجددا للبنان في الخارج . وتاليا وحسب الخبراء الكبار المعنيين ، فان لبنان في مرحلة ما بين هذه الامور كلها .

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى