افتتاحية اليوم: العلاقات الفرنسية – الإسرائيلية بين مد وجزر

يحتدم السجال بين فرنسا وإسرائيل، وبلغ هذا الاحتدام ذروته مع إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون أن فرنسا قد تعترف بدولة فلسطين في حزيران المقبل لمناسبة مؤتمر عن فلسطين يعقد في نيويورك وتتقاسم رئاسته مع السعودية.
وقال الرئيس الفرنسي: “علينا أن نمضي نحو اعتراف، وسنقوم بذلك في الأشهر المقبلة.”
هذا الموقف لماكرون رد عليه سريعًا رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو الذي اعتبر أن إقامة دولة فلسطينية ستكون بمثابة “مكافأة كبيرة للإرهاب”.
هذا السجال الذي تكرر اكثر من مرة منذ اندلاع الحرب على غزة ينذر بالتفاقم الذي ربما يؤدي بنظر مراقبين الى امكانية توتر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ويشارك في حملة نتنياهو على الرئيس ماكرون وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي كان دعا منذ بضعة أشهر الى اتخاذ إجراءات قانونية ضد الرئيس الفرنسي لمنعه شركات أسلحة إسرائيلية من المشاركة في معرض الأسلحة البحرية “يورونيفال” الذي أقيم في باريس.
ويأتي تكرار المواقف النارية بين الجانبين بعد علاقات اتسمت بالودية بينهما منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي، حيث حافظتا على علاقات سياسية وعسكرية وثيقة. وكانت فرنسا المورد الرئيسي للأسلحة لإسرائيل حتى الانسحاب الفرنسي من الجزائر عام 1962. .
وتحسنت العلاقات الثنائية بشكل كبير في عهد فرانسوا ميتران في أوائل الثمانينيات. وكان ميتران أول رئيس فرنسي يزور إسرائيل أثناء توليه منصبه. وبعد انتخاب جاك شيراك رئيسًا عام 1995، تراجعت علاقة فرنسا بإسرائيل بسبب دعمه شيراك لياسر عرفات خلال المراحل الأولى من الانتفاضة الثانية. وبعد انتخابه رئيسًا عام 2007، قال نيكولا ساركوزي إنه سيرفض استقبال أي زعيم عالمي لا يعترف بحق إسرائيل في الوجود.
هذه اللمحة التاريخية بين تل ابيب وباريس تفيد بأن العلاقات بين الجانبين تشهد دائمًا نوعا من المد والجزر، وقد تصل الى أعلى مستوى من التوتر في حزيران المقبل، ما لم تتراجع فرنسا عن موقفها الرامي الى الإعتراف بدولة فلسطينية، كون ان هذا الموقف سيفتح الباب أمام دول عدة كانت مترددة للإعتراف بدولة فلسطين.