رأي

إيقاف هيمنة “الحزب”: الحاجة أكبر إلى العرب

كتبت روزانا بومنصف في “النهار”: خص الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لبنان من ضمن خطابه في افتتاح اعمال السنة الثانية من الدورة الثامنة لمجلس الشورى السعودي إلى جانب اشارته او عبوره على مجمل المسائل الشائكة والازمات في المنطقة محددا موقف المملكة منها. ولكن ما قد يتقدم على غيره بالنسبة إلى اللبنانيين ما قاله حول #إيران حيث أعرب” عن الأمل في أن تغيّر إيران سلوكها السلبي في المنطقة، مؤكداً أنها دولة جارة للمملكة، ودعاها إلى أن تتجه نحو الحوار والتعاون.”. ومع ان هذا الموقف ليس جديدا كليا في الواقع، الا ان هناك استمرارية في تأكيده لا سيما في ظل تواصل مباشر وان متقطع بين الجانبين السعودي والايراني . فهذا لا يلغي ” القلق البالغ من سياسة النظام الإيراني المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة بما في ذلك إنشاء ودعم الميليشيات الطائفية والمسلحة (…) وعدم تعاونه مع المجتمع الدولي فيما يخص البرنامج النووي وتطويره برامج الصواريخ الباليستية، ودعم عم النظام الإيراني لميليشيا الحوثي الإرهابية الذي يطيل أمد الحرب في اليمن”.

يطاول الموقف من إيران في جوهره الموقف من لبنان الذي أكد الملك سلمان ” أن #السعودية تقف إلى جانب الشعب اللبناني، وتحض جميع القيادات اللبنانية على تغليب مصالح شعبها، والعمل على تحقيق ما يتطلع إليه الشعب اللبناني الشقيق من أمن واستقرار ورخاء، وإيقاف هيمنة حزب الله الإرهابي على مفاصل الدولة”. وهذا الموقف الذي ورد في البيان السعودي الفرنسي وفي بيان مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد في الرياض اخيرا، يكتسب واقع تثبيته من خلال كلمة الملك وليس فقط ولي العهد . السؤال الذي يفترض ان يكون ملحا على اللبنانيين وزعاماتهم تاليا بفعل الموقف الخليجي في الدرجة الأولى: كيف يمكن ايقاف هيمنة الحزب على مفاصل الدولة وهل هذا ممكن او محتمل؟

يجد كثر الأمر صعبا على عكس التعاطي مع قوات النظام السوري التي كانت لجيش غريب وان كان لجارة قريبة جشعة وطموحة لا سيما متى كان الحزب مهيمنا ككل على الطائفة الشيعية بما لا يتيح لها التنفس الا من خلاله مع حركة ” امل ” راهنا ونسبيا بوجود الرئيس نبيه بري. وحين كثر الحديث عن كلمة لرئيس الجمهورية على خلفية خلاف مع حليفه الشيعي بسبب قرار اللاقرار للمجلس الدستوري، فان الرهان او بالاحرى التحدي إذا كان يستطيع الرئيس ميشال عون قلب الطاولة بما يعيد لبنان بعض الشيء إلى ثوابته التاريخية في خطوة جريئة يقدم عليها في الاشهر الاخيرة من ولايته. ولم يأمل الواقعيون باي امر من هذا القبيل ليس الا لان رئيس الجمهورية يبقى مشدودا ليس إلى انقاذ تاريخه او اعادة الاعتبار له بل لانقاذ رئيس تياره وصهره مما يبقي عليه ضعيفا وغير قادر على اجتياز هذا الحاجز. ولكن هذا الامر يطوي كذلك ان رئيسا للجمهورية يتمتع بالحكمة وحسن الادارة ويمثل جميع اللبنانيين يمكن ان يوازن الدفة بعض الشيء من خلال ابتزازه الحزب وليس العكس.

لم يقدم احد على سبيل المثال جوابا واضحا ما اذا كان تعليق صورة القائد الايراني السابق قاسم سليماني على طريق المطار استبق كلمة الرئيس عون او استتبعها ، ولكن شيوع النبأ عن الصورة الضخمة والتي تؤشر إلى رسائل مختلفة اكثر ما تسيء في الواقع إلى لبنان واللبنانيين، بعد الكلمة جوف هذه الاخيرة من مضمونها غير المناسب لا في التوقيت ولا في المضمون ، اذا كانت الدعوة إلى الحوار التي وجهها الرئيس ميشال عون تستهدف الاستراتيجية الدفاعية مع مسائل اخرى. من غير المحبذ او المألوف بالنسبة إلى اي كلمة يلقيها رئيس الدولة، ايا يكن، الا تأخذ مداها وابعادها فيتم الالتفاف عليها بتطورات كتعليق صورة سليماني على نحو يوحي بان المفاوضات لانزالها قد لا تقل اهمية عن اهمية التفاوض حول الاستراتيجية الدفاعية، فيما ان هذه الصورة لا تساهم سوى في زيادة الطابع الذي يعطيه الحزب عن سيطرته ليس على طريق المطار الذي هو شرفة لبنان على العالم فحسب بل صورة الغلبة الايرانية وهو امر ليس بجديد ولم يفعل لا رئيس الجمهورية ولا رؤساء الحكومات المتتالية اي امر للتخفيف من غلواء الحزب عبر هذا الاسلوب المستفز لجميع اللبنانيين.

الاستحقاقات المقبلة وفق ما يتعين ان يراها الجميع ان لبنان لا يمكن ان يكون بعد الانتخابات النيابية المقبلة كما كان قبلها على صعيد اعطاء الاكثرية للحزب ولحلفائه. وهذا يفترض اكثر من تحرك وتنسيق وتعاون يتجاوز الحساسيات الحزبية والطائفية ليس في وجه الحزب بل في مواجهة استمرار حال التخلي عن لبنان او التسليم للحزب فيكون مفاوضا عنه كليا في ظل سيطرته ونفوذه . ويأتي تاليا الاستحقاق الرئاسي الذي لا يتحمل لبنان وليس الطائفة المسيحية فحسب أن يكون منضويا إلى المحور الايراني بما يعنيه البحث القائم ولو من دون اعلان بعيدا عن الاضواء عن الشخصية المحتملة للرئاسة بعيدا من التصنيفات التقليدية للرؤساء.

ولكن الامرين غير ممكنين من دون انخراط عربي وغربي يلتف على المساعي للتحكم الايراني بواسطة الحزب او تحكم الحزب بلبنان. فحين تعب العرب منه بعد الانخراط في ايجاد حل من ضمن الجامعة العربية ابان الحرب، تحكمت به سوريا التي ترك لها فيما هي قامت بكل ما تستطيع القيام به للاستئثار بلبنان. ولا يجب ان يقع العرب في هذا الفخ مجددا وقد ثبت للدول الخليجية ان ثمة غالبية حاسمة لا تقبل بخروج لبنان من محيطه العربي ورفضا للحزب وحتى رفضا لرئيس الجمهورية الذي ساهم في توفير الغطاء له . ولذلك فان جزءا مهما من التصدي لهيمنة الحزب على القرار اللبناني دفاع العرب بقوة عن مصالحهم في لبنان وعدم تركه لمصيره تحت طائل تحملهم مسؤولية تاريخية لا تقل عن مسؤولية زعمائه ومسؤوليه وحتى مسؤولية الحزب في دفع البلد إلى الانهيار الكارثي الذي يواجهه.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى