أبرزرأي

إعانات بايدن الخضراء.. والرد الأوروبي

كتبت إميلي روهالا في صحيفة “الإتحاد”: قبل أيام قليلة، احتفل الرئيس جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بالصداقة عبر المحيط الأطلسي، وأثنيَا على القيم والقضايا المشتركة. لكن خلف هذه المودة هناك خلاف تجاري يشتعل بسبب مليارات الدولارات التي تم تخصيصها في قانون بايدن لخفض التضخم (IRA) لقطاع التكنولوجيا الخضراء، وهو ما يعتبره بعض الحلفاء استمراراً لنهج إدارة ترامب السابقة وشعارها «أميركا أولا»، لاسيما في مجال التجارة. وهي مخاوف ستلوح في الأفق مع اجتماعات منظمة التجارة العالمية في ولاية ماريلاند خلال الأيام الجارية.
في العام الماضي تم إطلاق مجلس التجارة والتكنولوجيا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنتدى للجانبين لتنسيق المناهج الخاصة بقضايا التجارة والاقتصاد والتكنولوجيا العالمية الرئيسية. كما أن اجتماعاً عقد في باريس في مايو الماضي حمل هو كذلك وعوداً بإحراز تقدم، لا سيما في التعامل مع صعود الصين كمنافس جيوستراتيجي.
لكن إحباط أوروبا بسبب الإعانات المالية للسيارات الكهربائية أميركية الصنع وتقنيات الطاقة الخضراء الأخرى، يثبط مثل هذه الآفاق.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع ماكرون يوم الخميس الماضي، أقر بايدن بالمشاعر القاسية بين الحلفاء، وقال: «لم أنوِ أبداً استبعاد الأشخاص الذين يتعاونون معنا». كما أعرب عن تفاؤله بإمكانية إيجاد طريق للمضي قدماً من خلال تشكيل فرقة عمل بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لمعالجة القضايا.
وكان ماكرون قد حذّر في وقت سابق من أن الخيارات الأميركية تهدد «بتفتيت الغرب». لكنه بعد ذلك ظهر إلى جانب بايدن، وقال إنهما أجريا «مناقشةً ممتازةً» حول التشريع ووافقا على «إعادة مزامنة مناهجنا وأجنداتنا»، لأننا «نتشارك نفس الرؤية» التي تهدف إلى توفير مزيد من الوظائف وتأمين سلاسل التوريد. وقال: «الظروف تعني أنه ليس لدينا بديل سوى العمل معاً».
لكن الجانب الأوروبي كان يفكر في خيارات أخرى أيضاً. طرح ماكرون فكرة «قانون الشراء الأوروبي»، وهو عرض تم الترحيب به بحذر، لكنه يكتسب بعض الزخم مع تزايد غضب الاتحاد الأوروبي.
وفي بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، يقوم الدبلوماسيون بتقييم نقاط القوة المختلفة، بما في ذلك احتمال استخدام رغبة إدارة بايدن في التنسيق بشأن استراتيجية الصين، للتأكيد على وجهات نظرهم. قال مسؤول دبلوماسي بارز في الاتحاد الأوروبي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «عندما تريد التحدث عن الصين، فأنت بحاجة أيضاً إلى التحدث عن قانون خفض التضخم».
وتطرق الحديث في بروكسل إلى إثارة القضية في منظمة التجارة العالمية، في حين أن قلة منهم لديهم الرغبة في شن حرب تجارية، إذ يشعر البعض أن مثل هذا الإجراء المتطرف قد يكون ضرورياً إذا آثر الجانب الأميركي المضي قدماً.
عندما وقع بايدن قانون خفض التضخم، أشاد به باعتباره «الإجراء الأكثر قوةً على الإطلاق في مواجهة أزمة المناخ وتعزيز اقتصادنا وأمن الطاقة لدينا». وتقول الإدارة إن القانون يقدم «فرصاً مهمة للشركات الأوروبية»، فضلاً عن فوائد لأمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي من خلال تسريع انتقال الطاقة. لكنه يبدو للمسؤولين والدبلوماسيين الأوروبيين الذين درسوا التشريع وكأنه ضربة قوية للقاعدة الصناعية للاتحاد الأوروبي.
ومع تصاعد الحرب في أوكرانيا خريف العام الجاري، كان بعض الحلفاء حذرين من إحداث الكثير من الضجيج بشأن دعم السيارات الكهربائية، خشية أن تبدو أوروبا منقسمة. لكن بحلول أكتوبر، ظهر الخلاف الذي كان يجري وراء الكواليس إلى المشهد العام.
وقال مفوض التجارة بالاتحاد، فالديس دومبروفسكيس، الشهر الماضي، إن الإجراءات الأميركية «تتسم بالتمييز ضد صناعات السيارات والطاقة المتجددة والبطاريات والطاقة كثيفة الاستخدام في الاتحاد الأوروبي». وأضاف: «نريد ونتوقع أن تُعامل الشركات والصادرات الأوروبية في الولايات المتحدة بنفس الطريقة التي تُعامل بها الشركات والصادرات الأميركية في أوروبا».
وفيما يتعلق بالبيت الأبيض، تم تمرير التشريع بهوامش ضئيلة، وهناك رغبة ضئيلة في مطالبة الكونجرس بإجراء تغييرات. لكن مسؤولي الإدارة يقولون إنه قد يكون هناك مجال في عملية وضع القواعد لاستيعاب مخاوف الحلفاء قبل أن يدخل القانون حيز التنفيذ في الأول من يناير المقبل. وقال مسؤول كبير في الإدارة: «نحن ملتزمون بتطبيق قانون الحد من التضخم الذي يتحرك بسرعة، وله حواجز حماية مناسبة. ونحن على ثقة من أنه يمكننا توفير وظائف ذات رواتب جيدة ومعالجة أزمة المناخ، ليس على حساب بعضنا البعض».
وإلى ذلك، فإن الإعانات المقدمة للسيارات الكهربائية في إطار قانون خفض التضخم تزعج الحلفاءَ في آسيا، لا سيما الكوريون الجنوبيون واليابانيون، الذين يصنعون سيارات كهربائية. وقال دبلوماسي آسيوي إنهم «يتبادلون الملاحظات» مع شركاء في أوروبا بشأن هذه القضية، وهناك «تقارب في النوايا» لجعل الجانب الأميركي يستوعب مخاوفهم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى