رأي

إسلاميو صيدا لا يدعمون «مرشّحهم»: الجماعة تبحث عن تحالف لا مقايضة

كتبت صحيفة “الاخبار”:

صيدا | لطالما كان الإسلاميون في قلب المشهد السياسي الصيداوي. حركة الإخوان المسلمين في المدينة تعود إلى عقود طويلة. والمنضوون في صفوفها مروا بتجارب تنظيمية عدة قبل الرسو على تنظيم الجماعة الإسلامية. لكن ما أصاب المدينة جراء تمدد تيار رفيق الحريري أصابهم هم أيضاً. وما زاد في مشكلاتهم الانقسامات التي حصلت خلال العقدين الماضيين، بين مجموعة لا تمثل قاعدة كبيرة، ذهبت إلى تحالف وثيق مع حزب الله باسم «قوات الفجر»، ومجموعة أخرى قادها القيادي البارز الدكتور علي الشيخ عمار اتخذت منحى المواجهة ووصلت حد التجانس مع الشيخ أحمد الأسير الذي نجح، قبل سنوات من الربيع العربي، باستقطاب حشود كبيرة من مريدي «الإسلام الدعوي» في المدينة. لكن انخراطه السياسي المباشر على خلفية الأزمة السورية أعاده إلى حجم ضيق جداً قبل أن يصيبه ما أصابه بعد أحداث عبرا. أما بقية الجماعات الإسلامية فلا تمثيل جدياً لها في المدينة. جمعية المشاريع الخيرية (الأحباش) لم تحتل مكانة وازنة، وبقي التيار السلفي أقرب إلى المجموعات الناشطة في مخيم عين الحلوة. أما ما يسمى بـ«التيار التقليدي» القريب من دار الإفتاء، فاستظل بخيمة آل الحريري ومجدليون.

على هذا المنوال، كان تصويت الإسلاميين في كل الانتخابات البلدية والنيابية. وبقيت كتلة الجماعة الإسلامية الأبرز، ومحط أنظار القوى المتنافسة على المقاعد السنية في المدينة أو المسيحية في الدائرة.
هذه الدورة، لم تخرج الجماعة الإسلامية في صيدا من الاستحقاق الانتخابي بالكامل. فرغم انسحاب مرشّحها بسام حمود، في اليوم الأخير لتسجيل اللوائح، تدرس الجماعة تجيير أصواتها، التي يتطلع مرشّحون كُثر للحصول عليها، لضمان الفوز بـ«مقعد بهية الحريري» في دائرة صيدا – جزين. الجماعة لم تحسم خياراتها «الواسعة» حتى الآن، لكنها تتحرك ضمن ثابتتين: الأولى عدم مقاطعة الانتخابات، والثانية عدم تقديم أصواتها لأحد بالمجّان، فهي «ليست جمعية خيرية». لا تبحث الجماعة عن «مقايضة»، وإنّما عن «تحالف يمتدُّ إلى ما بعد الانتخابات النيابية». وتجزم بأن حجمها الانتخابي أكبر من 3204 أصوات التي حصدتها في الانتخابات الأخيرة، وتعتبر أنها دفعت ثمن التحالف مع التيار الوطني الحر، ما حدا بها إلى عدم تكرار التجربة وسحب مرشّحها من السباق الانتخابي، لرفضها نسج تحالفٍ مع قوى «غير مقبولة صيداوياً». كما تُقدّر أن حجمها ازداد، عقب انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، وانخراطها فيها.
تراهن الجماعة على الحاجة لأصواتها، فيما هي «غير محشورة» بمهلٍ مُحدّدة، عكس الآخرين. الاتصالات معها لا تزال مستمرة، وقد «زادت وتيرتها عقب إقفال باب تسجيل اللوائح»، علماً بأنها لا تشمل المرشّح الإسلامي، على لائحة التيار الوطني الحر، علي الشيخ عمار، الذي أبلغته بأنها «غير معنية بترشّحه».
الشيخ عمار قيادي سابق في الجماعة، تبوَّأ رئاسة المكتب السياسي فيها، قبل أن يخرج من صفوفها. شكّل ترشّحه على لائحة التيار الوطني الحر مفاجأة، فهو من معارضي التيار، وكان حتى قبل أيام من إعلان اللائحة يُهاجم قياداته، وصولاً إلى رئيس الجمهورية ميشال عون. يخوض «المرشّح المستقل» الانتخابات النيابية من باب «الحرص على أن يكون للتيار الإسلامي حضوره في المشهد الانتخابي لمدينة صيدا». ويُبرّر تحالفه مع التيار بـ«القانون العجيب والمبني على أسس التوزيع الطائفي أو الطائفية السياسية». كما يعتبر أن «الاستعانة بالخصوم واستخدامهم كجسر عبور من أجل تحقيق أهدافك المرجوة، قد تكون مثل هذه الاستعانة مبرّرة أو مستحسنة أو ربما مطلوبة».
حصل الشيخ عمار خلال الانتخابات البلدية عام 2016 على 2748 صوتاً. يومها دعمه مناصرو الشيخ أحمد الأسير. وفي انتخابات 2018، جيّر كثيرون من هؤلاء أصواتهم لبهية الحريري، أملاً بإقرار «عفوٍ عام» يشمل الملاحقين على خلفية أحداث عبرا. ومع غياب تيار المستقبل عن المشهد الانتخابي، وعجز المتبقّين عن ضمان إقرار «عفوٍ عام» يشمل «إخوتهم وأبناءهم»، لن يدعم «جو الأسير» مرشَّحاً محدَّداً، علماً بألا تواصل بين الأسيريين والشيخ عمار، وفق مصدر لـ«الأخبار».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى