امن وقضاءشؤون لبنانية

“إئتلاف استقلال القضاء”: تحذير من تسخير مجلس القضاء في الانقلاب عليه

أصدر “إئتلاف استقلال القضاء” بيانا، أشار الى انه “ثبت لائتلاف استقلال القضاء، أن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري، دعا أمس الثلاثاء أعضاء مجلس القضاء الأعلى إلى اجتماع يعقد اليوم الساعة الواحدة للبحث في تداعيات القرار الصادر عن المحقق العدلي طارق البيطار في قضية المرفأ. ويرجح أن تنعقد جلسة اليوم في غياب رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، مما يفقدها نصابها في حال تغيب أي من أعضاء المجلس الآخرين. 
 
تأتي هذه الدعوة بعد قرابة أسبوعين من الانقلاب الذي نفذه النائب العام التمييزي غسان عويدات في تاريخ 25 كانون الثاني 2023 والذي استعاد بموجبه صلاحية تمثيل النيابة العامة في هذه القضية في موازاة مباشرة ادعاء ضد البيطار وإصدار قرار بمنع سفره ومنع الضابطة العدلية من التعاون معه، فضلا عن التهويل بإمكانية توقيفه. كما تأتي بالتزامن مع إعلان المحقق العدلي إرجاء جلسات الاستماع إلى المدعى عليهم، حفاظا على سلامة التحقيق وذلك بالنظر إلى قرارات النيابة العامة والتي تؤدي إلى عرقلة التبليغات والتحقيق بشكل أعم”. 
 
أضاف البيان :”وعليه، يهم “ائتلاف استقلال القضاء” توضيح الأمور الآتية: 
– تقاعس وزير العدل عن القيام بأي إجراء لتحرير “الحق العام” من قبضة شخص مدعى عليه: تبعا للانقلاب، استعاد غسان عويدات رئاسة النيابة العامة في قضية المرفأ، وذلك بعد الادعاء عليه في القضية نفسها، وخلافا لقرار محكمة التمييز التي كانت قبلت تنحيه في القضية لوجود تضارب مصالح. وبذلك، أصبحنا أمام واقع لم يشهده لبنان قط وهو جمع صفتي المدعى عليه ورئيس النيابة العامة في الشخص نفسه. وهو الواقع الذي يحول النيابة العامة إلى خصم موضوعي للحق العام ويفرغها عمليا وبالكامل من وظيفتها. وهذا ما ترجم على أرض الواقع من خلال إعلان الحرب ضد المحقق العدلي ووقف التعاون تماما معه، في موازاة الاستيلاء على صلاحياته من خلال الإفراج عن جميع الموقوفين في القضية وتهريب أحدهم خارج البلاد. وفيما استوجب هذا الانقلاب من وزير العدل سلسلة إجراءات ضمن صلاحياته لوضع حد لهذا العبث (أهمها تقديم اقتراح مستعجل لتعيين نائب عام تمييزي خاص في هذه الدعوى بدلا عن عويدات وذلك طبقا للمادة 354 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتقديم شكوى مستعجلة ضد عويدات لجانب هيئة التفتيش القضائي على خلفية الاستيلاء على سلطة النيابة العامة فضلا عن توجيه كتاب فوري إلى عويدات بوجوب الرجوع عن قراره تحت طائلة المساءلة الجزائية والتأديبية) إلا أنه آثر لزوم الصمت متذرعا في الاجتماع مع عدد من النواب في 26 كانون الثاني بأن العدلية “خربانة” وأنها بمثابة “مقتاية” لا يمكن إصلاحها من خلال هذه القضية. وهي كلها مواقف رمت وترمي إلى تبرير تقاعس وزير العدل عن القيام بأي إجراء في مواجهة انقلاب عويدات وتعكس قبولا ضمنيا منه بالتضحية بالحق العام برمته في هذه القضية وصولا إلى اغتيال الحقيقة والعدالة”.
 
وتابع البيان :”ليس أدل على مخاطر استمرار عويدات في مركزه، من اضطرار المحقق العدلي لإرجاء جلسات التحقيق مجددا. دعوة مجلس القضاء الأعلى إلى استكمال الانقلاب على العدالة والحقيقة؟ إن الدعوة التي وجهها وزير العدل إلى مجلس القضاء الأعلى هي الدعوة الثانية من نوعها بعدما كان وزير العدل دعا في 6 تشرين الأول إلى جلسة مماثلة حدد في جدول أعمالها النظر في تعيين قاض رديف وإعادة النظر في مشروع التشكيلات القضائية الجزئية بتعيين رؤساء غرف محكمة التمييز. إلا أنه وبخلاف المرة السابقة، سرب حصول الدعوة للجلسة إلى الإعلام من دون أن ينشر فحواها الكامل، علما أن جدول أعمالها وفق التسريبات حدد بشكل عام وهو إيجاد مخرج للمأزق القضائي الناجم عن قرارات المحقق العدلي في قضية المرفأ. 
 
لا يمكن توقع ما قد يناقشه مجلس القضاء الأعلى في ظل ضبابية البند المسرب إلى الإعلام والولاء السياسي الذي يتحكم بغالبية أعضائه. لكن نسارع هنا إلى التنبيه إلى الأمور الآتية منعا لمزيد من الانزلاق في هذه القضية: 
– استغراق وزير العدل في سابقة الدعوة التي وجهها إلى مجلس القضاء الأعلى بما يشكل سابقة سلبية تؤدي إلى مزيد من المس باستقلال القضاء بخلاف التوجه المطلوب والذي هو تعزيز استقلاله.
– عدم جواز حضور النائب العام التمييزي جلسة مجلس القضاء الأعلى، بفعل تضارب المصالح الواضح والبين في شخصه.أما أن يسمح للنائب العام التمييزي المشاركة في المداولات في هذا الشأن، فيؤدي إلى السماح له بأن يجمع في يد “مدعى عليه” ليس فقط زمام التحكم بالنيابة العامة في هذه القضية، إنما أيضا زمام تنظيم سير القضاء فيها. وبذلك، يشكل مجرد قبول حضوره في المجلس استكمالا خطيرا للانقلاب بمباركة من وزير العدل وأعضاء مجلس القضاء الأعلى. وما يعزز ذلك هو أن عويدات كان انسحب سابقا طوعا من أي مداولات تتصل بالمرفأ بسبب تضارب المصالح.  
– عدم جواز النظر في تعيين محقق عدلي بديل أو رديف، حيث يشكل أي قرار في هذا الاتجاه مخالفة جسيمة لأحد أهم معايير استقلالية القضاء وهو عدم جواز كف يد قاض عن القضية التي يحقق فيها خلافا للقانون.
 
بقي أخيرا، أن نناشد أعضاء مجلس القضاء أن يتذكروا جيدا أنهم أقسموا اليمين على القيام بمهامهم باستقلالية، الأمر الذي يتطلب منهم مواجهة الانقلاب وتداعياته، وأن يكونوا درعا للقضاء في مواجهة المتآمرين عليه، لا ذراعا له داخل القضاء”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى