صدى المجتمع

أسماك القرش تعض البشر لأسباب متنوعة.

قد تشكل هجمات أسماك القرش أمراً نادراً، بيد أن الوثائقي الأخير الذي عرضته قناة “بي بي سي” بعنوان “لماذا تهاجم أسماك القرش” Why Sharks Attack أثار فضول كثيرين وطرح تساؤلات ونشر الخوف من هجوم أسماك القرش أثناء السباحة في البحار والمحيطات المفتوحة.

خلال تصوير البرنامج، حصل هجوم مفاجىء من سمكة قرش في منتجع “سهل حشيش” في مصر عام 2022. وآنذاك، ذكر أن الضحية إليزابيث سوير، 68 سنة، تعرضت للهجوم أثناء ممارستها هواية الغطس في المياه الضحلة على عمق أقل من مترين حينما عضها القرش. لم تنجُ سوير من الهجوم وأعلنت وفاتها قبل بلوغها المستشفى. 

هذا العام، لقي سائح روسي يدعى فلاديمير بوبوف، 23 سنة، حتفه بعدما نهشه قرش النمر حتى الموت قبالة شواطىء منتجعات البحر الأحمر في مصر.

وتضمنت مشاهد فيديو التقطت من الشاطىء، صرخات الرجل أثناء حدوث ذلك الهجوم.

حتى الساعة خلال العام الحالي، أبلغ عن 46 هجوماً لأسماك القرش، سبعة منها مميتة، وفق ما نقل موقع “تراكينغ شاركس دوت كوم” TrackingSharks.com.

ويبرز السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تهاجم أسماك القرش الإنسان؟ إليكم المعلومات التي نعرفها عن تلك الظاهرة،

لماذا تهاجم أسماك القرش الإنسان؟

بحسب “معهد أبحاث القرش” Shark Research Institute، هناك أكثر من 400 صنف من أسماك القرش حول العالم تشمل القرش الأبيض الكبير  great white shark والقرش النمر tiger shark وقرش الثور bull shark.

وفي هذا السياق، أخبر روجيه تابور وهو عالم أحياء وعالم طبيعة ومذيع تلفزيوني، صحيفة “اندبندنت” أن قرش الثور نسبت إليه “زيادة في الهجمات على راكبي الأمواج في الولايات المتحدة”. وأشار إلى أن هذه الهجمات “ليست مميتة على الأرجح ولكن القرش قد ينهش بعض أطراف جسم الإنسان”.

وأضاف أن احتمال التعرض لهجوم قرش ضئيل جداً فيما خطر الغرق يكون “4000 مرة أكبر، بل إن التعرض للقتل من قبل بقرة أكثر احتمالاً من التعرض للقتل من قرش، لأن هناك إحصاءات تشمل البقر والمياه تظهر أنها أكثر انتشاراً بكثير في أرجاء اليابسة”.

في المقابل، هناك مناطق محددة تضم أعداداً كبيرة من أسماك القرش، وبالتالي “يسهم هذا الأمر في زيادة احتمال الاحتكاك مع البشر“.

وغالباً ما يتم وضع هجمات أسماك القرش في فئتين مختلفتين هما المُستَفَزة [تحصل بعد استفزاز ما لتلك الأسماك] وغير المُستَفَزة. وبحسب “ملفات هجمات القرش” Shark Attack Files التي يدعمها متحف فلوريدا، بلغ مجموع عضات القرش غير المُستَفَزة ضد الإنسان خلال العام الماضي، 57 حالة و32 عضة مُستَفَزة في أنحاء العالم.

وأوردت ملفات هجمات القرش حصول أكثر من 500 هجوم قرش غير مُستَفَز على الإنسان بين عامي 2010 و2019.

تُعرف “العضات غير المُستَفَزة” Unprovoked Bites بأنها حوادث تحصل فيها العضة على الإنسان في موائل أسماك القرش الطبيعية من دون أن يصدر تصرف استفزازي من الإنسان تجاه القرش.

وتحصل “العضات المُستَفَزة” Provoked bites حينما يبدأ الإنسان بالتفاعل مع القرش بطريقة أو بأخرى. ومثلاً، يحصل ذلك حينما يتعرض الغطاسون للعض بعد مضايقتهم أسماك القرش أو محاولة لمسها.

وبحسب ما نقلت “اندبندنت” عن تابور، “ما من دليل يظهر أن أسماك القرش تصطاد البشر، إذ تبحث معظم تلك الأسماك عن فريسة صغيرة، وبالتالي، فإن الأنواع الكبيرة هي التي تملك خصائص سلوكية لمهاجمة فريسة أكبر، وعلى وجه الخصوص الثدييات”.

في دراسة أصدرها عالم الأحياء البحري إريك كلوا وعالم الأحياء كارل ماير من “جامعة هاواي” في مجلة “بريل جورنال” Brill Journal، دقق العالمان كلاهما في فرضية الهوية الخاطئة.

وتفسر نظرية فرضية الهوية الخاطئة عضات أسماك القرش على راكبي الأمواج والسباحين والغطاسين باعتبارها “أخطاء”، مما يعني أن أسماك القرش قد تخلط بين البشر وفريستها الاعتيادية.

ويعتبر تابور أن ركوب الأمواج ارتبط سابقاً بهجمات القرش بسبب “الحركة المفاجئة المشابهة لتراجع مفاجىء لحيوان أو بروز انعكاسات الأجزاء اللامعة من ملابس الغوص بشكل يشبه السمكة أو ما شابه، ما قد يتسبب برد فعل من القرش الأبيض الكبير الذي يتصرف اعتماداً على حاسة البصر لديه”.

وتشير الدراسة إلى أنه على رغم اعتراف الجمهور ومجتمع العلماء بفرضية الهوية الخاطئة “بشكل واسع”، إلا أن تلك الفرضية تعاني بعض الفجوات غير المعروفة، إذ تورد الدراسة أن “هذه الفرضية تفترض أن حدوث عضات القرش ’الخاطئة‘ على البشر، ينتج بشكل أساسي من الخلط بين المؤشرات البصرية، لكنها [الفرضية] تتجاهل الدور المهم للحواس الأخرى (على غرار السمع) في تمييز الفريسة المحتملة”.

وفي المقابل، يشير مؤلفا الدراسة إلى أن عضأت القرش التي تحصل في المياه النقية والشفافة لا يمكن شرحها دائماً في إطار فرضية الهوية الخاطئة. وتضيف، “ببساطة، لا ترتكب أسماك القرس الأخطاء، لكنها عوضاً عن ذلك تستمر في استكشاف محيطها وتستكشف بشكل روتيني الأشياء الجديدة معتبرة إياها فريسة محتملة من خلال عضها”.

عام 1984، اعتبر تيموثي تريكاس وجون ماك كوسكر مؤلفا دراسة بعنوان “السلوك المفترس للقرش الأبيض” Predatory Behaviour of the White Shark أن “القرش يهاجم راكب الأمواج لأنه يخلط بين شكله وشكل الفقمة”، مما يعزز أكثر نظرية فرضية الهوية الخاطئة.

ولكن يشير كلوا وماير إلى أن “هذه الفرضية تبقى بأفضل الحالات فرضية غير مثبتة”.

الاحتباس الحراري وتضرر الموائل البحرية

بجسب ما علمت “اندبندنت” من تابور، فإن التغير المناخي قد يكون السبب في تزايد هجمات القرش.

وأضاف تابور، “البشر مستجدون على هذا الكوكب مقارنة بأسماك القرش، إذ يعود وجود البشر لمليوني عام، وحتى إذا أضفنا أسلاف القردة (الشمبانزي) مع أنفسنا، فسنعود لـ 6 ملايين عام، فيما أسماك القرش تعود لـ 450 مليون عام. وتعود الفقمة لما يتراوح بين 23 و24 مليون والدلافين/ خنازير البحر إلى ضعفي ذلك الرقم، لكنها ليست بمثل قِدَم أسماك القرش، وقد تشاركت البحار لفترة أطول مما تشاركناها نحن مع القرش”.

ويردف أن الثدييات البحرية “تمضي وقتاً أطول في البحر مما نقضيه نحن على الشاطىء، ولذا تكون أكثر عرضة لأن تصبح فريسة”. وبالتالي، “فإن الاحتباس الحراري والضرر الذي يصيب الموائل بوسعهما أن يحركا الأصناف البحرية بما في ذلك مجموعات الفقمات وأسماك القرش. ومن شأن هذا أن يؤدي إلى زيادة أعداد أسماك القرش التي تغدو على احتكاك متزايد مع السواحل والبشر (إذ احتكت لفترات أطول مع الفقمات)”.

كيف يمكنني تجنب التعرض لعضة قرش؟

وضعت “لجنة فلوريدا للمحافظة على الأسماك والحياة البرية” Florida Fish and Wildlife Conservation Commission نصائح تتعلق بكيفية حماية الإنسان لنفسه والحد من احتمال التعرض لعضات أسماك القرش. وتشمل تلك التوصيات،

– البقاء ضمن مجموعات إذ إن أسماك القرش تهاجمكم أكثر إذا كنتم بمفردكم

– لا تبتعدوا كثيراً عن الشاطىء، خصوصاً من دون مساعدة

– تجنبوا السباحة في المياه مع جرح مفتوح أو أثناء الدورة الشهرية إذ يمكن لأسماك القرش أن تشم رائحة الدم

– اسبحوا في مساحات خاضعة لمراقبة رجال الإنقاذ

– لا تدخلوا المياه في أماكن من المعروف أن أسماك القرش موجودة فيها

وفي سياق متصل، علمت “اندبندنت” من الدكتور جيمس ليا، الرئيس التنفيذي لجمعية “سايف أور سيز” Save Our Seas Foundation، أن احتمالات التعرض لعضة قرش ضئيلة للغاية  وإذا حصلت “تكون معظمها غير مميتة، لكن قد تنجم عنها طبعاً تداعيات مأسوية”.

وبالتالي، يرى الدكتور ليا أنه “من المهم دائماً أن نكون متيقظين للأخطار في المياه حيث من المحتمل أن نصادف أسماك قرش. وهناك بعض الأمور التي بوسعكم فعلها للمساعدة في خفض أي خطر قد ينجم عن احتكاك سلبي. من المهم السباحة في مكان يكون فيه رجال الإنقاذ حاضرين أو إن كنتم تملكون أي برامج محلية على غرار “راصدي أسماك القرش” Shark Spotters بوسعها المساعدة في دق ناقوس الخطر إذا قضت الحاجة وتوفر المساعدة. يضاف إلى ذلك أن السباحة ضمن مجموعات قد تخفف الخطر. وحاولوا عدم السباحة قرب الطيور الغطاسة أو مجموعات الأسماك لأن الحيوانات المفترسة كأسماك القرش ربما سارت في ركابها قرب الشاطىء، كي تتغذى عليها”.

وأضاف الدكتور ليا أنه يجب على الأشخاص تجنب السباحة “عند الفجر والغسق لأنهما وقتان يغلب عليهما نشاط أسماك القرش في الصيد عبر الاستفادة من ظروف الإضاءة المنخفضة. احرصوا على عدم السباحة قرب أي أنشطة صيد، خصوصاً التي تستعمل الطعم في اجتذاب الأسماك. وقد يساعد عدم وضع مجوهرات براقة لأن عدداً من أسماك القرش تكون من الأنواع المفترسة التي تعتمد على البصر في بحثها عن الأسماك اللماعة”.

وأخيراً وليس آخراً، “لا تسبحوا بعيداً من الشاطىء وتجنبوا الإفراط في ‘طرطشة’ المياه أثناء السباحة”، وفق توصية الدكتور ليا.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى