ميناء الفاو… الله يهنيهم!
كتب عبدالعزيز الكندري, في “الراي” :
اتفاق عراقي – تركي – إماراتي – قطري، لتشغيل ميناء الفاو، حيث ذكرَ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن العراق توصّل إلى اتفاق مع مجموعة موانئ أبوظبي لإدارة ميناء الفاو بشكل مشترك، وهو ميناء عملاق للسلع الأساسية في جنوب البلاد.
والمشروع ليس وليد اللحظة حتى نتحدث عنه وكأننا لا نعلم عنه شيئاً، ولكنه جُهد سنوات من التخطيط والعمل، وفي عام 2020 فازت شركة دايو للهندسة والبناء بعقد لتنفيد المشروع بقيمة 2.7 مليار دولار، وتم وضع الحجر الأساس قبل أكثر من 10 سنوات، وسيشمل المشروع بناء واحد من أكبر الأنفاق تحت سطح البحر في العالم، ويؤدي إلى ميناء أم قصر، ولعل ميناء الفاو به إيجابيات كثيرة منها أن رأس المال جبان لذلك لابد من استقرار أمني وسياسي بالمنطقة حتى يعمل الميناء وهذا لصالح الجميع.
وبالنسبة لميناء مبارك الكبير فهو شأن كويتي داخلي نحن تأخرنا عن تنفيذه وتشغيله، لذلك لا نلوم الآخرين الذين يعملون من أجل تنويع مصادر الدخل لديهم، وخلال عشرين سنة ماضية كنا نسمع من الحكومات المتعاقبة أنه سيتم الانتهاء من تشغيل ميناء مبارك الكبير قريباً… والنتيجة لا جديد.
وحال ميناء مبارك مثل بقية المشاريع المعطلة أو التي تم إلغاؤها مثل مشروع الداو، أو الشوارع المتهالكة، والمستشفيات التي تم بناؤها دون جدوى اقتصادية، والنتيجة بطاقة عافية ولدينا كل هذه المستشفيات الحديثة، والخاسر الأكبر هو الشعب الكويتي.
منذ سنوات نعيش في أزمات سياسية كلّفت الوطن الكثير من الوقت والجهد والمال، حتى تأخرنا عن الركب، ومن مميزات الصراعات السياسية أنها تكون كمجسات استشعار لأماكن الخلل في المجتمع، بحيث تستطيع المجتمعات الواعية معرفة إيجابياتها وأماكن ضعفها، وفي الكويت في العادة تكون الصراعات السياسية من الخصومة الشخصية الصرفة، وهناك وسائل تواصل اجتماعي وحسابات وهمية تذكي هذه الصراعات بين الحين والآخر من أجل مصالح آنية ضيقة وتشفٍ وانتقام سياسي، والنتيجة طعنة في خاصرة الوطن الذي يئن منذ سنوات دون استشعار من المتخاصمين.
نحن في تراجع على المستويات كافة، الرياضية والتعليمية والصحية والبنية التحتية وهذا واضح للجميع، ولكن المسؤولية متفاوتة على حسب السلطة والكل مسؤول عن ذلك التراجع، الوزير الذي لا يتحرّك بمسؤولية ويحارب الفساد في وزارته، تقع عليه مسؤولية. النائب الذي لا يحضر لجان مجلس الأمة عليه مسؤولية أكبر وأعظم لأنه ممثل الأمة. المواطن الذي ينتقد عمل الحكومة وهو لا يعمل ولا يؤدي عمله بكل أمانة ويعطل مصالح الآخرين كذلك هو شريك في سوء الإدارة.
إنّ أصل المشاكل هو سوء الإدارة ونحن بحاجة إلى رجال إدارة، ويأتي ذلك من تعيين الرجل غير المناسب، وتقديم المناصب كعطايا وهبات للبعض، ولا يتم اختيار أصحاب المناصب على أساس المواطنة والكفاءة، وبالتالي نجد ازدياداً في حجم الفساد، وإحباط أصحاب الكفاءات وقتل روح المبادرة عن الكثير منهم، وهذا كله منافٍ للإدارة الجيدة، ولو كانت هذه المؤسسة مِلكاً خاصاً له لما أتى على هذا التصرف.
الحكومة لديها فرص كبيرة للنهوض خصوصاً أن غالبية المؤسسات بلا قيادات بالأصالة، فهي فرص لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ودمج الجهات المتشابهة لتقليل التكاليف، والقضاء على الروتين في بعض جهات الدولة، وضخ دماء شبابية جديدة في الإدارات الحكومية، وهناك مجموعة من الملفات تحتاج قراراً حاسماً لإنهائها وفي مختلف الجهات، العمل على إصلاح الطرق وتسريع عجلة المشاريع، وتسريع وتيرة شراء الطاقة من الربط الخليجي لمواجهة تحديات الصيف، وتسريع عجلة المشاريع الإسكانية الجديدة، وتسكين المناصب القيادية الشاغرة في وزارتي التربية وجامعة الكويت، وتحسين سياسة القبول الجامعي خصوصاً حل الظلم الواقع على المدارس الحكومية بسبب كرم درجات التعليم الخاص ومواءمة مخرجات مؤسسات التعليم العالي مع حاجة سوق العمل وعدم بناء أي مشروع دون جدوى اقتصادية مثل مستشفيات حديثة بلا أطباء.