أبرزرأي

السوق العقاري في ركود… وبعض دول الجوار تحاول الاستقطاب

لينا الحصري زيلع _خاص رأي سياسي

عدم الاستقرار النقدي والأزمة الاقتصادية غير المسبوقة الذي يمر بها لبنان عوامل سلبية أدت الى انعكاسات على شتى القطاعات الحيوية ومن بينها السوق العقاري الذي كان شهد حركة بنسبة مقبولة نوعا ما مع بداية الازمة المالية، عندما توجه كثيرون الى شراء العقارات كحل لتحرير اموالهم المحجوزة في المصارف عبر ما كان يعرف بالدفع مقابل “الشيكات المصرفية”، ولكن عاد القطاع لاحقا ليشهد ركودا مع انخفاض الطلب على العقارات وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين بعد انهيار العملة الوطنية.

واللافت عودة أسعار الشقق الى الارتفاع بعدما تدنت أسعارها مع بداية الازمة، ولكن لا زالت الاسعار ادنى عما كانت عليه قبل الازمة، وبحسب المعلومات ان عملية شراء العقارات باتت محصورة بفئات محددة بعد ان بات الدفع نقدا واصبح التعامل “بالشيكات” المصرفية غير مقبول.

وللاطلاع على واقع قطاع العقارات والبناء في ظل غياب الاستراتيجيات اللازمة لتشجيع الاستثمار العقاري تحدث رئيس جمعية منشئي وتجار الابنية في لبنان ايلي صوما لموقع “رأي سياسي” فقال: “قطاع العقارات كمعظم القطاعات في لبنان وضعه غير مستقر لاسباب عدة، وما يزيد الطين بلة هو الإغلاق الذي تشهده عدد من الدوائر العقارية في أكثر المناطق اللبنانية، وهذا يؤدي الى اعاقة في تنفيذ العمليات العقارية مثل التسجيل والشؤون التي تخص العقارات بشكل عام، لذلك نحن نعمل على اجراء الاتصالات اللازمة مع المعنيين وتحديدا مع مدير عام وزارة المالية من اجل اعادة تنظيم الوضع الإداري في الدوائر العقارية لتسهيل اعمالنا وبالتالي اعادة تحريك سوق العقارات”.

ولفت صوما الى ان الحرب الاخيرة على غزة انعكست سلبا ايضا على السوق بسبب إلغاء عدد كبير من المغتربين حجوزاتهم التي كانت مقررة خلال عطلة الأعياد والتي كنا نعول عليها، خصوصا اننا في مثل هكذا فترة تعودنا ان يتحرك السوق نتيجة زيارة عدد من المغتربين الى لبنان وتكون مناسبة لشرائهم العقارات، خصوصا في ظل الركود الذي يشهده السوق المحلي نتيجة الأوضاع المالية الصعبة التي أثرت على سوق العقارات، سبب خسارة عدد كبير من المواطنين اللبنانيين مدخراتهم في المصارف بسبب احتجازها وضعف القدرة الشرائية.

واعتبر صوما ان قطاع البناء هو عصب الاقتصاد، وترتبط به معظم القطاعات الصناعية التي تأثرت أيضا بشكل كبيرة بعد ان تدنت حركة البناء الى حدود 5% عما كانت عليه في السابق وهذا امر خطير.

اما عن مساحة الشقق المطلوبة حاليا من قبل المواطنين فكشف صوما الى ان المطلوب في الوقت الراهن هي الشقق الصغيرة التي لا تتعدى مساحتها 120 مترا لا سيما خارج العاصمة، بخلاف ما كان مطلوب قبل الازمة.

اما عن المناطق التي تشهد أكبر نسبة من الركود، فأوضح صوما ان قطاع البناء في مدينة بيروت تأثر بالازمة بشكل كبير، وهو بات محدودا جدا في الفترة الاخيرة كما ان المشاريع الكبيرة التي تعودنا ان تشهدها العاصمة غابت بشكل كلي، لافتا إلى ان الطلب في الوقت الحالي هو على الشقق المخصصة للإيجار، بعد ان شهدت بدلاتها انخفاضا ملحوظا عما كانت عليه قبل الازمة مما دفع الكثير من العائلات التي تركت البلد خلال السنوات الماضية الاخيرة التي تأجير منازلها بدل بيعها.

وكشف عن ان اسعار الشقق في الوقت الحالي اصبحت ارخص بكثير عما كانت عليه قبل الازمة نتيجة ضعف القدرة الشرائية في معظم المناطق اللبنانية، باستثناء بعض الابنية الجديدة والتي تتمتع بمواصفات عالية.

واذ امل ان يتحسن سوق العقارات في لبنان، أشار صوما الى ان الحوافز والاغراءات الكبيرة التي تمنحها بعض الدول المجاورة كقبرص واليونان ودبي للمستثمرين دفعت العديد من تجار البناء للتوجه اليها، كذلك بعض المواطنين خصوصا الذين يطمحون للحصول على إقامات دائمة في تلك الدول، لافتا الى ان الازمة كانت سببا رئيسيا لتجار البناء الذين لديهم خبرات واسعة للبحث عن أماكن جديدة أكثر أمانا لتنشيط اعمالهم مما ادى الى ازدهار قطاع البناء في الدول المجاورة على حساب القطاع في لبنان.

من ناحيتها، كشفت مصادر عقارية لموقعنا بان الركود لا يزال يهيمن على القطاع العقاري في لبنان منذ اندلاع الأزمة في العام 2019، نتيجة تغيّر طرق الدفع، وتدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وارتفاع أسعار المواد الأولية منذ بدء الحرب الروسية – الأوكرانية، وغياب رافعة التمويل، حيث ظل عدد قليل من المشاريع الإنشائية قائماً ومحصوراً في تلك المشاريع التي تمّ إطلاقها قبل العام 2019.

وفي السياق، أظهرت آخر الأرقام الصادرة عن نقابة المهندسين في بيروت انخفاضاً سنوياً في رخص البناء بنسبة 55.6% خلال 9 أشهر من العام 2023، إذ تراجعت من 4730280 متراً مربعاً في النصف الأول من العام 2022 إلى 1994718 متراً مربعاً في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي. وذلك بسبب تراجع حركة المشاريع الانشائية بشكل عام، على الرغم من ارتفاع الأسعار بنسبة 10% فقط عما كانت عليه السنة الماضية.

وبحسب المؤشرات فقد شكّل القطاع العقاري المؤشر الأول لرخص البناء فضلا عن انه نقطة تحوّل بالنسبة للطلب نتيجة تسعير المبيعات العقارية بشكل كامل بالدولار النقدي وتوقف البائعين عن قبول الشيكات المصرفية كوسيلة للدفع، وفي ظل التراجع اللافت في سعر صرف الليرة مقابل الدولار، تقلّص عدد الشراة المحتملين بشكل ملحوظ داخل السوق العقاري، ما نتج عنه ركود في الطلب. ونتيجة الدولرة النقدية للمبيعات، شهد العام 2022 تقلصاً سنوياً في قيمة المبيعات العقارية نسبته 7.7%، والذي من المتوقع أن يكون قد امتد على وتيرة أبرز مع انتهاء العام 2023.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى