هكذا ساعد الكويتيون الفلسطينيين قبل مئة عام
كتب أحمد الدواس في صحيفة السياسة.
“قبل مئة عام كانت الكويت مصدرا من مصادر توريد السلاح الى الفلسطينيين، فلما نشبت الحرب العالمية الأولى عام 1914 واستمرت أربعة أعوام، بين دول المحور، وهي ألمانيا وحلفاؤها والدولة العثمانية من جهة، وقوى الحلفاء، وهي دول أوروبا من جهة أخرى، كان البحارة الكويتيون يهربون السلاح الى فلسطين، إذ يستلمونه في سلطنة عمان ثم يتم شحنه الى الكويت، ومنها الى فلسطين.
هذا يدل على ان تاريخ الكويت مع هذه القضية قديم.
وبعد نهاية الحرب فرض البريطانيون حصارا اقتصاديا على الكويت لمدة شهر، لأن التسليح أضرهم، لكن البريطانيين عوضوها، بعد ذلك، بـ 300 ألف روبية، لأن الكويت تضررت تجاريا من الحصار خلال هذه الفترة.
وفي عام 1921 زار الكويت مفتي القدس الحاج امين الحسيني، وكان وقتها قد بدأ التوطين اليهودي في فلسطين، واجتمع مع أهل الكويت وتجارها، وشرح لهم القضية، وطلب منهم التبرعات، ففزع أهل الكويت جميعهم، وجمعوا له أموالا، وتبرع حاكم الكويت كذلك، ولابد من ذكر سيدة عظيمة في عطائها، هي شاهه حمد الصقر، رحمها الله، إذ باعت محلها بـ 2500 روبية، وسلمت المبلغ الى المفتي، وكان في ذلك الوقت أعلى مبلغ في هذه التبرعات.
وفي سنة 1937 قامت الثورة في فلسطين، وكان القتال على أشده بين إخواننا الفلسطينيين وعصابات الهغانا والأرغون اليهودية، وكانت الأبواب مغلقة أمامهم لتوريد السلاح، لأن مصر والأردن كانتا تحت الانتداب البريطاني، وكانت سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، ولا يستطيعون جلب السلاح عبر البحر الأبيض المتوسط، فمن كانت أقرب نقطة باستطاعتها توريد السلاح لهم؟
لقد كانت الكويت، انظروا للكويت وعظمتها، فاستنجد الفلسطينيون بها، وشكل الشباب الكويتي مجموعة باسمهم، ونظم أبناء التجار والعوائل حملة لجمع التبرعات لثورة الفلسطينيين، وقدموا المال، لشخصين من تجار السلاح في الكويت هما: محمد رفيع معرفي، ومحمد ماتقي، رحمهما الله، اللذان كانا يتاجران بالسلاح منذ عهد الشيخ مبارك الكبير، ويوردانه للكويت.
ذهب هذان التاجران الى سوق السلاح في سلطنة عمان، وبعد شرائه، أخفيا السلاح ضمن سفن الصيد والغوص الكويتية هناك.
انظروا الى معدن الكويتيين، ونقلوا هذا السلاح الى الكويت، وعرفت المخابرات البريطانية، فأبلغت المعتمد البريطاني في الكويت السير ديكسون، الذي أبلغ الشيخ أحمد الجابر بهذا الأمر، وذكر ثلاثة أسماء تحديدا هي: الملا صالح الملا، عبدالله حمد الصقر، محمد يوسف الغانم، فأبلغهم الأمير وحذرهم من هذا الأمر، لكن بعد ان شحن هؤلاء الثلاثة السلاح في سيارات “لوري”، وأرسلوه الى الزبير.
ولما وصل السلاح الى الزبير، رجع محمد احمد الغانم والملا صالح، ولم يرجع عبدالله حمد الصقر الى الكويت، حيث قال: “لن أرجع حتى يصل السلاح فلسطين”، وفعلا وصل السلاح هناك.
أرأيتم معدن الكويتيين لما يكون لديهم الإيمان في عروبتهم ودينهم، وان مصالحهم زائلة، لكن الموقف هو الثابت.
هذي القصة تدل على أصالة الكويتيين قديما، وكيف كانت مواقفهم الرجولية، واليوم لا بد ان تكون مدرستنا الأخلاق القديمة، وان نتعلم من أسلافنا، فموقف السابقين هو نبراسك في المستقبل”.
هذا ما جاء على لسان السيد عادل اليوسفي، وهو شخصية كويتية معروف عنها الصدق والتواضع، وقد نقل أحداثها التاريخية لنا أحد أبرز الشخصيات الكويتية المحبة لهذا الوطن، وهو الأخ مساعد البعيجان، مدير بمجموعة الصناعات الوطنية.
فلهما جزيل الشكر والامتنان.