تناولت صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية في افتتاحيتها إحياء النزعة العسكرية في اليابان وتوسعها العسكري. وقالت الصحيفة إن اليوم 15 آب / أغسطس يصادق الذكرى الـ77 لهزيمة اليابان واستسلامها غير المشروط في الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، بعد 77 عاماً، تشهد دول عديدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ توسعاً عسكرياً لليابان، وهي تشعر بالقلق من احتمال عودة اليابان إلى النزعة العسكرية.
وأضافت أن وزير الصناعة الياباني ياسوتوشي نيشيمورا أضحى يوم السبت الماضي، أول عضو في حكومة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا، يزور ضريح ياسوكوني، الذي يكرّم 14 مجرم حرب من الدرجة الأولى أدينوا بارتكاب جرائم شنيعة في الحرب العالمية الثانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن اليابان تحاول تعزيز القدرات العسكرية للبلاد بطرق مختلفة في السنوات الأخيرة. فبالإضافة إلى السعي لتحقيق زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري، تحاول طوكيو مراجعة دستورها السلمي، والذي من شأنه تحويل قوات الدفاع عن النفس إلى قوات عسكرية بحيث تستطيع استخدام القوة حتى عندما لا تتعرض للهجوم. كما تعمل اليابان على تخفيف القيود المفروضة على تصدير الأسلحة وخرق المبادئ الثلاثة المتمثلة في عدم حيازة الأسلحة النووية وإنتاجها والسماح بإدخالها.
ورأت “غلوبال تايمز” أنه بدافع من إستراتيجية الولايات المتحدة في المحيطين الهندي والهادئ، يبدو أن اليابان تتخلى تدريجياً عن المسار السلمي. فبمجرد فتح “صندوق باندورا” لتعزيز القوة العسكرية اليابانية، ستكون العواقب لا يمكن تصورها وستشكل تهديداً خطيراً للسلام والاستقرار الإقليميين. لكن اليابان لا تزال تحاول يائسة تجنّب مواجهة الجرائم البشعة التي ارتكبها جيشها ضد العديد من البلدان في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال الحرب العالمية الثانية.
وقال تشاو ليجيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، في الذكرى الثمانين للهجوم الياباني على بيرل هاربور في كانون الأول / ديسمبر الماضي: “لقد تسببت حرب العدوان التي شنتها العسكرة اليابانية في معاناة لا توصف في البلدان المنكوبة في آسيا، وتركت الناس هناك بذكريات مؤلمة لا تمحى. وعلى مدى العقود الماضية، كان المجتمع الدولي يراقب ما إذا كانت اليابان ستظهر فهماً صادقاً وصحيحاً لهذا التاريخ. بعد عقود عدة، لا تزال اليابان تدين بتفسير واضح لجيرانها الآسيويين، بما في ذلك الصين”.
وقالت “غلوبال تايمز” إنه بدلاً من إظهار قدر كافٍ من المراجعة الذاتية وخاصة بشأن ضحايا عدوانها في الحرب العالمية الثانية، تواصل طوكيو تبييض أخطائها التاريخية. الأمر الأكثر عبثية هو أن اليابان، بصفتها معتدية فى الحرب، تميل إلى التصرف “كضحية” بسبب قنبلتين ذريتين أسقطتا على أراضيها لإنهاء الحرب. كل هذه المواقف والأفعال المخزية جعلت البلدان المجاورة، حذرة للغاية من طموح الحكومة اليابانية في قوة عسكرية أقوى.
وقال الخبير العسكري الصيني سونغ زونغبينغ إن اليابان تكرر الأخطاء نفسها لأنها لا تدرك مشاكلها التاريخية. وأضاف أن “اليابان ليس لديها الشجاعة لتحمل المسؤولية عن سلوكها المرعب والشرير في الحرب العالمية الثانية”.
واعتبرت الصحيفة الصينية أن الولايات المتحدة لعبت كذلك دور الشريك في عدم اكتراث اليابان بالاعتراف بأخطائها التاريخية والعمل الحالي المتمثل في اللعب بالنار. وبسبب قصر النظر الجيوسياسي، وضعت واشنطن أهدافها الإستراتيجية قبل ضرورة محاسبة اليابان على جميع ممارساتها اللاإنسانية في الحرب العالمية الثانية.
وقال سونغ إنه “بما “أن واشنطن تريد توحيد طوكيو لمواجهة بكين، فقد اختارت غض الطرف عن رفض اليابان للمراجعة. وبدلاً من ذلك، فهي تتواطأ مع محاولات اليابان إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، وهي بذلك تولّد الشر، حتى أن هناك أصواتاً في الولايات المتحدة تحض اليابان على تسليح نفسها.
ورأت الصحيفة أنه في مواجهة طموح طوكيو العسكري المتنامي، يجب على دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ ألا تدخر جهداً لمنع اليابان من مواصلة السير في الطريق الخطأ. فهي تحتاج إلى حض اليابان على قبول حقيقة التاريخ وتعلّم دروسها من عدوانها السابق. كما يجب تحذير طوكيو كي تتوقف عن اتباع نهج واشنطن لاستفزاز بكين وزعزعة الاستقرار الإقليمي.
وختمت الافتتاحية بالتذكير بأن الصين لم تعد الدولة التي كانت عليها قبل 77 عاماً، إن استفزازات اليابان لن تؤدي إلا إلى وقوعها بفخها الخاص.