شؤون لبنانية

عون… هل يتم التمديد له؟

صحيح أنّ المناسبة “رياضية” بامتياز، وترتبط بانطلاق بطولة “كأس العرب” التي تستضيفها قطر بدءًا من اليوم، قبل أقلّ من عام على انطلاق بطولة كأس العالم التي أطلقت الدوحة “العدّ التنازلي” لها، إلا أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون نجح في إضفاء الطابع “السياسي” على زيارته إلى العاصمة القطرية، والتي جاءت في توقيت لافت، شكلاً ومضمونًا.

فقد جاءت الزيارة تلبيةً لدعوة أمير قطر لحضور افتتاح فعاليات بطولة كأس العرب، في وقتٍ لم تُرصَد بعد أيّ “ترجمة” للوعد الذي أطلقه الشيخ تميم أمام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ببذل “الجهود” لتقريب وجهات النظر بين لبنان ودول الخليج، والتي لا يبدو أنّها ارتقت حتى الآن لمستوى “الوساطة” أو “المبادرة”، ربما لحساسيّة الموقف، ولكون الجانب اللبناني لم يقدّم للدوحة حتى الآن “البادرة” التي كانت تنتظرها لتنطلق منها في مسعاها “التوفيقي”.

مقدمات النشرات المسائية
رئيس الجمهورية: لن أوافق على انتخابات نيابية سوى في أحد موعدين: 8 أيار أو 15 أيار

لكنّ الزيارة شكّلت “فرصة” أيضًا ليطلق رئيس الجمهورية سلسلة من المواقف الإعلامية والسياسية، لعلّ أهمّها حديثه المتجدّد عن “التمديد”، الذي أراد منه “توضيح” التصريحات الأخيرة التي نُسِبت إليه في هذا الإطار، وإن رأى البعض أنّه في مكان ما، تعمّد زياد “الغموض غموضًا”، تاركًا الباب واسعًا أمام احتمال استمرار الولاية الرئاسية حتى بعد انقضائها، “إذا قرّر مجلس النواب” ذلك، وفق تعبير الرئيس.

“جهود” الدوحة مستمرّة

ad

على مستوى الأزمة الدبلوماسية بين لبنان ودول الخليج، يمكن القول إنّ زيارة رئيس الجمهورية، بالشكل قبل المضمون، مثمرة ومفيدة، إذ إنّها تعيد إحياء النقاش حول الدور القطري في “احتواء” الأزمة من جديد، خصوصًا أنّ الدوحة تريد المساعدة على هذا الصعيد، وفق ما يؤكد المسؤولون القطريون، ولو أنّهم يريدون من الجانب اللبناني مساعدتهم في ذلك، علمًا أنّ بعض المعلومات أشارت في وقت سابق إلى “فرملة” المسعى القطري، بانتظار “بادرة” لبنانية.

وإذا كان المقصود بهذه “البادرة” وفق التقديرات والترجيحات هو استقالة وزير الإعلام، علمًا أنّ الدوحة “تعمّدت” في الأيام الأولى على التنديد بتصريحات، في موقف بدا “متناغمًا” مع ذلك الذي عبّرت عنه الرياض، يرى البعض أنّها قد لا تكون قادرة على فعل الكثير، خصوصًا أنّم لم يمرّ وقت طويل على “المصالحة الخليجية” بعد، وبالتالي فإنّ السعودية قد لا “تسلّفها” موقفًا بهذا الحجم، يمكن أن يُفسَّر في بعض الأوساط، وكأنّه نقل للنفوذ من ضفّة إلى أخرى.

في مطلق الأحوال، يبقى الأكيد أنّ الزيارة أعادت النقاش حول أهمية “الجهود” القطرية على خط مساعدة لبنان، وهو بحدّ ذاته أمر إيجابي، يأتي ليكمّل ما بدأه الرئيس نجيب ميقاتي حين التقى أمير قطر على هامش قمّة المناخ في غلاسكو، وهو بالحدّ الأدنى يشكّل خرقًا لمقولة “القطيعة الخليجية” للبنان، ومن شأنه أن يفتح “أبوابًا” لاحتواء الخلاف الناشئ مع دول مجلس التعاون، وتوضيح وجهة النظر اللبنانية الرسمية، المتمسّكة بالعلاقة مع الجوار العربي.

التمديد “غير وارد”

ad

لكنّ الأضواء على إطلالة الرئيس عون من الدوحة لم تكن منصبّة حصرًا على جديد “الوساطة القطرية” في الأزمة مع الخليج، إن جاز التعبير، بل إنّ المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية أخذت حيّزًا واسعًا من الاهتمام، خصوصًا أنّه تطرّق للمرّة الثانية في ظرف أيام قليلة إلى موضوع “ما بعد” انتهاء الولاية الرئاسية، وما يحكى عن “اجتهادات دستورية” في محيطه، لتحويل “التمديد” إلى أمر واقع.

صحيح أنّ الرئيس عون توخّى “توضيح” ما نُسِب إليه في هذا الإطار، حين قال إنّ كلامه عن “عدم تسليمه البلاد إلى الفراغ” استُثمِر بصورة خاطئة، موحيًا أنّه تعرّض للتحريف والاجتزاء، إلا أنّه أبقى “الغموض” مسيطرًا، حيث حرص على القول إنّه لم يقصد بالفراغ وجود حكومة، حيث إنّ الدستور أناط بمجلس الوزراء “مجتمعًا” استلام صلاحيات رئيس الجمهورية في هذه الحال، لكنّه لم يُجِب على السؤال الجوهري حول ما سيكون موقفه إذا كانت الحكومة مستقيلة في نهاية الفترة الرئاسية، وما إذا كان سيقبل بانتقال الصلاحيات إلى حكومة تصريف أعمال.

أما “التشويق الإضافي” على كلام الرئيس، فجاء بقوله إنّه “سيبقى في القصر إذا قرّر مجلس النواب ذلك”، ما أوحى بالنسبة للبعض بأنّ “النيّة موجودة”، وأنّ كلامه هذا قد يكون “ممهّدًا”، خصوصًا أنّ عون لطالما كان ضدّ قوانين التمديد، بل إنّه لطالما اعتبرها غير دستورية ولا شرعية، والكلّ يذكر خلافه الكبير مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، على خلفيّة إصراره على وصف مجلس النواب الممدَّد له بقرار من البرلمان، بـ”غير الشرعي”، ما دفع البعض للتساؤل عمّا إذا كان سيصبح “شرعيًا” متى تعلّق به شخصيًا.

لعلّ ملف “التمديد” سيبقى أسير التكهّنات والسيناريوهات المتضاربة لأشهر طويلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية، وهي أشهر قد تكون “حبلى بالمفاجآت” وفق ما يعتقد كثيرون، ممّن يرجّحون تغيّر الكثير من المعادلات. لكنّ “الأولوية” تبقى اليوم في مكانٍ آخر، وتحديدًا في إنهاء “ذيول” الأزمة غير المسبوقة مع دول الخليج، و”تحرير” الحكومة من القيود التي تكبّلها داخليًا وخارجيًا، وهو ما يؤمل أن تفتح زيارة قطر الطريق باتجاهه..

المصدر
لبنان24

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى