كتب محمد السعيد إدريس, في “الخليج” :
اقترب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فأربعة أيام فقط هي التي باتت تفصل بين حسم معركة انتخابية، ربما لم تكن مسبوقة في محطاتها التنافسية، بين دونالد ترامب الرئيس السابق المتشوق جداً للعودة للبيت الأبيض، وبين كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي التي دفع بها الديمقراطيون لملء الفراغ الذي لم يستطع الرئيس جو بايدن تحقيقه، وأخذوا يعولون عليها لكسب التنافس الانتخابي الصعب مع دونالد ترامب.
والآن يتردد السؤال عند الديمقراطيين هل ستحقق كامالا هاريس طموحاتهم وتفوز بالانتخابات الرئاسية التي ستجرى يوم الثلاثاء المقبل، وتؤكد صدق رهانهم عليها؟ كما سيتردد السؤال نفسه عند الجمهوريين الذين ألقوا بكل ثقلهم في جعبة دونالد ترامب.. وهم الآن حتماً يتساءلون: هل أحسنوا الاختيار؟
بين هذين السؤالين المهمين، فرض سؤال آخر أكثر أهمية نفسه، بعد أن وصلت معركة التنافس الانتخابي إلى ساعاتها الأخيرة، يقول: ماذا عساه سيكون اليوم التالي لإعلان النتائج الانتخابية.. كيف سيكون الحال إذا فازت كامالا هاريس؟ وكيف سيكون الحال إذا فاز دونالد ترامب؟
الإجابة ربما تكون سهلة بالنسبة لما يخص كامالا هاريس لأنها مازالت محسوبة على عهد الرئيس جو بايدن، فهي نائبته على مدار أربع سنوات، وشريكته في الحكم والمسؤولية، وكانت هذه هي نقطة ضعفها عند حملة دونالد ترامب، وعند ترامب شخصياً، فهو وحملته لم يترددا عن كيل الاتهامات لهاريس كونها شريكة في مسؤولية الحكم مع جو بايدن وتتحمل معه وتشاركه مساوئ حكمه، ومن ثم تقول التوقعات إن اليوم التالي لفوز هاريس سيكون امتداداً لعهد بايدن الذي لم ينقضِ بعد، لكنها ترفض وبشدة هذا الاستنتاج وتؤكد أنها «في حال فوزها فإن ولايتها لن تكون استمراراً لولاية الرئيس جو بايدن». وفي مقابلة حديثة مع شبكة «فوكس نيوز» اليمينية قالتها صراحة «رئاستي لن تكون استمراراً لرئاسة جو بايدن.. سأحمل خبرتي وتجاربي العملية وأفكاري الجديدة».
وانتهزت هاريس هذه الفرصة على هذه المنصة اليمينية لتخاطب الناخبين الجمهوريين المؤيدين لدونالد ترامب، وتحذرهم من مغبة الانحياز له والدفاع عنه والتصويت له، مستشهدة بتوصيف ورد على لسان الجنرال مارك ميلي رئيس الأركان السابق في عهد دونالد ترامب وصف فيه ترامب بأنه «فاشي بكل ما للكلمة من معنى».
ربما يكون قول هاريس عن عهدها المتوقع في حال فوزها نصف الحقيقة، أو النصف الإيجابي المضيء من الصورة. هناك الجانب الآخر المأساوي والمفزع المتوقع في حال فوز هاريس.. فالمشاهد المتوقعة تبدو مخيفة في ظل ما يتردد من توقعات ومخاوف من اندلاع أعمال عنف من أنصار ترامب، رافضة خسارته، ورافضة الاعتراف بفوز هاريس، ربما أكثر سوءاً مما حدث في التجربة السابقة لترامب أمام جو بايدن عام 2020.
ترامب الذي لم يعترف حتى الآن بخسارته لانتخابات 2020، وربما لن يتورع عن تكرار المشاهد المأساوية ذاتها، خاصة أن ترامب يرفض حالياً القول إنه سيقبل نتائج الانتخابات «دون قيد أو شرط»، ما دفع منافسته كامالا هاريس إلى مهاجمته قائلة إنه «لا يمكنك أن تحب بلدك فقط عندما تفوز»، ورأت أن ترامب «يعد بالحكم بوصفه ديكتاتوراً من اليوم الأول» إذا فاز، مشيرة إلى «تهديده باستخدام الجيش ضد الشعب الأمريكي، ومعاقبة أولئك الذين يقفون ضده».
ربما يكون ما أشارت إليه هاريس هو مشهد آخر مقلق، لما يمكن أن يقوم به ترامب في حال عدم فوزه في الانتخابات، لكن هناك عدد من المشاهد الأخرى المتوقع حدوثها حال فوز ترامب، سواء بملاحقة منافسيه، هناك أيضاً تهديداته بالانتقام من اليساريين والليبراليين وقبلهم المهاجرين غير الشرعيين، أو المشاهد المقلقة للغرب في سياسته الخارجية خصوصاً مع أوروبا وحلف شمال الأطلسي والشرق الأوسط وموقفه من حرب أوكرانيا لدرجة دفعت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية إلى توقع «نهاية الهيمنة الغربية على العالم في حال فوز ترامب وأن على أوروبا أن تكون مستعدة لذلك».
في كل الأحوال، تبدو المخاوف هي سيدة الموقف في الحالتين، سواء فازت هاريس أو فاز ترامب، الأمر الذي يضع علامة استفهام كبيرة على ما ينتظر أمريكا ودورها العالمي.