المراجعة السنوية للإنسان !
كتب حسين شبكشي في صحيفة عكاظ.
تقوم الشركات والمؤسسات المختلفة بمراجعة سنوية لأدائها، فتصدر ما يعرف بالميزانيات وقوائم الربح والخسارة، وكذلك تقوم الحكومات بتقديم شيء شبيه لذلك تحت مسمى الموازنة العامة ويفعل بعض المرضى فحصاً طبياً شاملاً بشكل سنوي لمعرفة تطور أو تراجع وضعهم الصحي بشكل عام.
ولدي صديق من الأكاديميين الوطنيين المرموقين يتبع نهجاً مثيراً للاهتمام، فهو يقوم بما يطلق عليه وصف «المراجعة السنوية للإنسان» يبدأ بحسب وصفه باختيار موعد سنوي مناسب للشخص مثل بداية العام الهجري أو الميلادي، أو يوم ميلاد الشخص أو بداية شهر رمضان المبارك على سبيل المثال، وبعد ذلك يقوم بعمل جدول دقيق يحصر فيه أهم الأحداث والمواقف والتحديات والصعوبات والمسرات التي مرت عليه خلال العام الماضي وكيف تعامل معها ويقوم بتقييم أدائه ونتائج ذلك بشكل في غاية الموضوعية وهي مسألة ليست سهلة أبداً.
ويقوم بمراجعة أهم الخلافات الشخصية، تحديات العمل، المشاكل الصحية، المصاعب المالية، وعلاقاته بأسرته وأهله وأصدقائه وزملاء العمل، وكذلك يراجع ما تم في ما يخص أسلوب حياته من تقرب إلى الله وسفر وقراءة ورياضة وترفيه.
وبعد الانتهاء من تغطية النقاط، يعطي لنفسه تقييماً كاملاً شاملاً النقاط الإيجابية والسلبية في آن ومن ثم يمنح نفسه علامة أكاديمية وبعدها يضع خارطة طريق للسنة القادمة الهدف الأساسي منها تفادي الأخطاء والسلبيات التي حصلت والبناء على الإيجابيات التي تمت.
ويضيف الرجل أنه بذلك يضيف بعداً آخر في تفسير الآية القرآنية التي تقول (بل الإنسان على نفسه بصيرة)، فيكون في حالة مراقبة مستمرة للنفس والسعي الدؤوب لتحسينها.
ويضيف الرجل أنه بهذه المراجعة السنوية أصبحت لحياته جانب مثير في تحديات شخصية على التغلب على الهفوات والزلات والسلبيات وإعادة شحن البطاريات مجدداً وهذه في حد ذاتها مكاسب عظيمة للغاية.
المراجعة السنوية للإنسان فكرة بسيطة ولكنها على ما يبدو أنها ناجحة وفعالة ومؤثرة لأن من قام بها يقسم على أهمية نتائجها. فكرة جديرة بالتأمل والتمعن الجاد.
أن تكون للإنسان القدرة الحقيقية والإرادة الموضوعيه على تقييم ذاته ومراجعتها فهي مسألة تستحق أن يتم الاستفادة منها لأقصى درجة؛ لأن عوائدها عظيمة وفوائدها كبيرة.