عالم الفن

The Great… دراما ملكية ممتعة تستحق المشاهدة

لا يشبه مسلسل The Great (العظيمة) للكاتب توني ماكنمارا الأعمال الدرامية التاريخية العادية، بل إنه عبارة عن دراما كوميدية حيوية وصاخبة وغير دقيقة تاريخياً. يرتكز العمل على أفكار نسوية مُعدّلة، فيُغيّر ويُجَمّل قصة كاثرين العظيمة (إيل فانينغ) وما فعلته للإطاحة بزوجها، القيصر الروسي بيتر الثالث (نيكولاس هولت)، كي تصبح المرأة التي حكمت روسيا لأطول فترة.

في الموسم الأول، تغادر “كاثرين” الذكية والتقدمية ألمانيا وتتوجّه إلى روسيا، فيتصدى لها هناك “بيتر” العنيف عموماً لكن الضعيف على نحو مثير للشفقة. لن تتراجع “كاثرين” أمام هذا الوضع، بل إنها تحاول أداء واجباتها، حتى أنها تحافظ على هدوئها حين يقدّم حبها الجديد رأس جندي سويدي على طبق من فضة خلال العشاء. ثم تقرر “كاثرين”، بعد فترة قصيرة على فشل محاولة “بيتر” إغراقها، تغيير روسيا عبر جعل نفسها إمبراطورة البلد وتشكيل فريق متنوع لتنفيذ انقلاب. لكنها تكتشف أنها حامل! وحين يقبض “بيتر” على حبيبها، تثور حفيظة “كاثرين” وتبدأ المواجهة.

يبدأ الموسم الثاني بعد مرور أربعة أشهر على تلك الأحداث، حين تصل الحرب الأهلية إلى طريق مسدود. لن يتغير الوضع وسرعان ما يقرر “بيتر” التنازل عن العرش لأنه يشعر بالجوع بكل بساطة. تقول فانينغ: “لقد أوقعتُه في الفخ عبر إعطائه طعاماً محمّصاً. العملية سهلة جداً. إنه رجل بسيط للغاية”. هكذا تحصل “كاثرين” على السلطة التي تتوق إليها.

يُقنِع “بيتر” نفسه بأن هذا الوضع موقت ويشعر بالحماسة لأنه سيصبح أباً، فيوافق على البقاء أسيراً لدى “كاثرين” في غرفته حيث تستعمله أيضاً خدمةً لرغباتها الجنسية. لكن مع تطور أحداث المسلسل، سيتبيّن أن أفكار “كاثرين” المستنيرة حول تعليم النساء وتحرير الأقنان وإنهاء سفك الدماء متطرفة جداً بالنسبة إلى المحكمة التي تفتقد زمن الموت والفجور. تمضي الإمبراطورة جزءاً كبيراً من وقتها في هذا الموسم وهي تحاول تجريد زوجها من شعبيته وإثبات الجانب الصاخب من شخصيتها.

وسط الفوضى العارمة ومظاهر نقل السلطة التي يواجهها “بيتر”، تتلقى “كاثرين” زيارة من والدتها “جوانا” (جيليان أندرسون). يحصل الممثلون على سيناريوين في كل مرة أثناء التصوير، وتكشف فانينغ أن شائعات كثيرة انتشرت حول الممثلة التي ستؤدي دور الأم. ثم وصلت أندرسون إلى موقع التصوير بعد أدائها شخصية مارغريت ثاتشر في المسلسل الشهير The Crown (التاج). بالإضافة إلى تقديم دور الأم الصارمة التي تُحوّل “كاثرين” من إمبراطورة جريئة إلى ابنة مطيعة، تستمتع أندرسون بجميع تفاصيل هذا المسلسل، فتقدّم مشاهد مضحكة قد تكون الأكثر متعة في العمل كله. يحضر أيضاً والد “بيتر” الذي يجسّد دوره الممثل المشهور جايسون أيزاكس، فيظهر في مشهد قصير لكنه مميز، وسرعان ما يتّضح السبب الذي جعل “بيتر” ما هو عليه.

يحمل وصول الأم والأب معنىً مهماً، إذ يمضي “بيتر” و”كاثرين” الموسم كله وهما يستعدان لاستقبال الطفل “بول”. حتى أن تجربة الولادة الوشيكة تُطوّر جانباً جديداً في شخصية “بيتر” لدرجة أن نتعاطف معه في لحظات معينة.

بالإضافة إلى هذا الجانب الأبوي الجديد، يعترف هولت بأن الصفة الوحيدة التي تشبهه في شخصية “بول” تتعلق بحبه للطعام: “أنا معجب بشغفه القوي تجاه الطعام. يمكن اعتبار هذا الجانب من أكبر نقاط ضعفه. لهذا السبب بالذات، تخلى عن إمبراطوريته”. في المقابل، تُعدّد فانينغ لائحة من الصفات التي تعجبها في شخصية “كاثرين”، فتقول: “أنا معجبة بجانبها المشاكس والمغرور، وتكثر المشاهد التي تسلّط الضوء على هذه الصفات في هذا الموسم. أحب فيها عنادها وجرأتها. هي تتكلم كثيراً وتضع نفسها في مواقف محرجة”.

لكن يبقى هذا الممثلان مختلفَين جداً عن الشخصيتَين اللتين يقدمانهما رغم إعجابهما بجوانب معينة منهما والأغراض التي أخذاها معهما من موقع التصوير. هما يجسّدان دور شخصَين يشعران بأنهما يستحقان حُكم البلد أو أن مصيرهما يفرض عليهما هذا الدور. تكمن متعة المسلسل الحقيقية في مشاهدة هاتين الشخصيتَين وهما تتبادلان الهجوم الكلامي (تقول “كاثرين” لـ”بيتر” مثلاً: “أنا أنظر إليك وأجف مثل الرمل”) وتخوضان مواجهات قتالية بالخناجر المسنّنة لتحقيق أهدافهما.

على صعيد آخر، يتعارض السيناريو مع أسلوب القمع الذكوري الذي كان سائداً في تلك الحقبة، إذ يروي المسلسل هذه القصة من منظور نسائي (على غرار عدد من المسلسلات الأخرى التي تدخل في الخانة نفسها مثل Outlander (غريب عن الديار) و(The Crown). لكن لا يتردد هذا المسلسل في الذهاب أبعد من ذلك، فتكتسب “كاثرين” صفات “بيتر” الخادعة تزامناً مع إيذائه.

لن تكون “كاثرين” سادية، على عكس زوجها، لكنها ليست مثالية أيضاً. عندما تصبح أكثر صرامة تزامناً مع زيادة ليونة “بيتر” خلال تفشي الجدري في الموسم الأول، يتّضح الفرق الشاسع بينهما على مستوى القيادة ويثبت كل واحد منهما ما كان ليفعله في حال انتشار وباء حقيقي. تقول فانينغ: “كانت “كاثرين” لتطوّر لقاحاً طبعاً وتحافظ على سلامة الجميع وتتعامل مع الوضع بجدّية تامة”. أما “بيتر”، فكان ليتابع ما يفعله وينشغل بحفلاته الجامحة، فيشارك في نشر الوباء بدل كبحه!

المصدر
نداء الوطن

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى