T2… وموقع الكويت الإستراتيجي

كتب د. حمد الجدعي في صحيفة الراي.
في عالم الطيران الحديث لا تقاس الأهمية فقط بحجم المطارات أو عدد الركاب بل بموقع الدولة على خارطة الملاحة الجوية العالمية، وهنا تبرز الكويت كمرشح مثالي لتكون محطة الترانزيت المقبلة في الشرق الأوسط.
بفضل موقعها الجغرافي الفريد في شمال الخليج العربي تعد الكويت أقرب نقطة إلى أوروبا من بين دول الخليج ما يمنحها ميزة تنافسية عالية لشركات الطيران التي تسعى لتقليل زمن الرحلات واستهلاك الوقود، وبالتالي خفض التكاليف التشغيلية للرحلات الآتية من آسيا خصوصاً من الهند والصين المتجهة إلى أوروبا أو العكس.
رغم هذه الميزة الجغرافية الواضحة إلا أن الكويت لم تُوظّف بعد كامل إمكاناتها في هذا القطاع الحيوي. فالبنية التحتية الحالية رغم تطوراتها الملحوظة كإنشاء مطار جديد (T2) لا تزال بحاجة إلى تسريع في الإنجاز، خصوصاً أن قطاع الطيران اليوم أصبح من بين أكثر القطاعات التي حققت أرباحاً كبيرة في مختلف البلدان.
ولعل أبرز ما تحتاجه الكويت الآن هو رؤية إستراتيجية متكاملة لتحويل مطارها إلى مركز إقليمي فعلي يعرض خدمات ذات جودة عالية للمسافرين ويوفر حوافز حقيقية لشركات الطيران العالمية كي تعتمد الكويت كمحطة توقف دائمة في مساراتها.
إن تحويل الكويت إلى نقطة ترانزيت رئيسية لا يخدم فقط شركات الطيران بل يفتح آفاقاً اقتصادية أوسع، فزيادة حركة الركاب تعني نمواً في قطاعات مثل الضيافة والخدمات اللوجستية والصيانة الجوية، كما أن الربط مع ميناء مبارك الكبير ومشاريع الحرير في الشمال سيجعل من الكويت محوراً يجمع بين الجو والبحر والبر مما يضاعف من جدوى الاستثمارات في هذا الاتجاه.
العالم يتغير بسرعة وشركات الطيران تعيد حساباتها بناءً على الاقتصاد والبيئة والفعالية، والكويت بموقعها الفريد تملك فرصة نادرة لتقديم نفسها كبديل عملي ومربح، لكن هذه الفرصة لن تنتظر طويلاً فالسباق في المنطقة محتدم والمستقبل لا يرحم من يتردد.