سياسة أوبك+ الجديدة.
كتب كامل عبدالله الحرمي في صحيفة الراي.
سياسة «أوبك+» الجديدة والتي بدأتها السعودية بخفضها الأحادي الطوعي بمقدار مليون برميل من النفط في اليوم ابتداءً من شهر يوليو الماضي وامتد إلى الشهرين الجاري والمقبل. وشاركتها روسيا بـ 500 ألف برميل منذ بداية الشهر الجاري وستمتد إلى الشهر المقبل.
بالإضافة الى الخفض الجماعي المعمول به منذ أكثر من عامين ليرتفع سعر البرميل من 75 دولار قبل شهرين إلى 86 دولار حالياً. وهناك أيضاً بعض من أعضاء المنظمة إنتاجه إلى انخفاض ولايمتلك احتياطيات نفطية كافية ما قد يخلق أزمة نفطية. وستواصل المملكة العربية السعودية سياستها بخفض الإنتاج وحتى مع وصول أو قدوم إمدادات إضافية جديدة من الدول النفطية الأخرى من خارج أوبك+.
حيث أصبحت المنظمة بحاجة الى أن تتعامل مع النفط كمصدر مالي ثابت من دون تعديلات. لا أن تتعرّض إلى هزّات أو انخفاضات ما يجبرها على خفض الإنتاج ومن ثم تعديل الميزانية العامة وترشيدها لملاءمة السعر أو المعدل الجديد لسعر البرميل.واجتناباً لتعرّض نفقاتها المالية إلى النزول وبالتالي مواجهة عجز مالي سنوي.
إضافة إلى ذلك فإنه يقع على الدول النفطية أعباء تكاليف ومصاريف الاستثمار في اكتشافات نفطية جديدة، بالإضافة إلى مواصلة الاستثمار في صيانة ومتابعة الآبار العجوز باستعمال أحدث التقنيات، والاستمرارية في الإنتاج كحقل برقان العظيم مثلاً. مع عزوف الشركات النفطية العملاقة والشركات المستقلة عن الاستثمار في الأحفوري والاستفادة من قرارات أوبك+ بخفض الإنتاج ورفع أسعار النفط.
وقد تواجه الإدارة الأميركية الحالية تحدياً مؤلماً ونظراً إلى الوضع الحالي لسعر برميل النفط عند 86 دولاراً وهي بحاجة ماسة إلى زيادة وشراء كميات قد تتجاوز 300 مليون برميل لملء المخزون الاستراتيجي وفوّتت على نفسها فرصة شراء النفط الرخيص عند 75 دولار للبرميل. أما الآن فعليها الانتظار طويلاً، لأنه من الصعب التوقع أن ينخفض البرميل إلى المعدل السابق. ومع سياسة أوبك+ بالتدخل السريع لم تعد المنظمة البترولية تتحمّل الخسائر المالية. وقد ضحّت بالكثير وقد تكون قد توصلت أخيراً إلى السياسة النفطية المطلوبة. وهي أيضاً تواجه مشكلة الفوائد البنكية وارتفاعاتها وزيادة الكلف المالية خاصة وأن دول المنظمة عليها ديون مالية وسط حاجتها إلى الاقتراض من البنوك الخارجية لتمويل مشاريعها الرأسمالية وهي كلفة إضافية تجبر الدول النفطية فعلاً على استهداف معدلات قوية لأسعار النفط ولم تعد مستعدة أن تراها عند مستويات متدنية، أو حتى دون 80 دولاراً.
ومما لا شك فيه أن انضمام روسيا إلى المنظمة النفطية قد ساهم ايجابياً في تثبيت سعر النفط لكن من دون الاستفادة الأقوى من ترتيب وتنظيم البيت النفطي خاصة ومع مواجهة روسيا مقاطعة الدول الأوروبية وفرض عقوبات نفطية عليها، إلا أن موسكو استطاعت الحفاظ على إنتاجها من خلال بيعه إلى الصين والهند بأسعار مخفّضة إلا أنها استطاعت المساعدة في رفع سعر البرميل. ومن هنا جاء قرارها بخفض الإنتاج 500 ألف برميل وهو ما قد تستفيد منه لاحقاً من بيع نفطها بأسعار أفضل أو خلق ضغوط على الأسعار العالمية بما قد تضطر معه الدول الكبرى إلى تخفيف العقوبات. كما تفعل الولايات المتحدة الأميركية مع فنزويلا وإيران حالياً لزيادة الإمدادات النفطية إلى العالم. وعدم وصول البرميل إلى 90 أو حتى 100 دولار خاصة مع بدء حملة الانتخابات الرئاسية.
ومن هنا السياسة النفطية السعودية الجديدة بالتدخل السريع بخفض المعروض من النفط إلى معدل سعري مناسب ويمنع أي نقص أو عجز في ميزانيات الدول النفطية ويغطي أيضاً تكاليف الفوائد البنكية على القروض لمواكبة والاستمرار في المشاريع الاستثمارية.
نعم «أوبك+» وصلت الى مرحلة متقدمة لمواجهة خفض أسعار النفط ونهايته.