رأي

الليبرالية العظيمة

كتب احمد الصراف في صحيفة القبس.

تشترك كلمة «ليبرالي»، في اللغة الإنكليزية، في الجذر مع كلمة «الحرية»، ويمكن أن تعطي معاني كثيرة أخرى، لكن لا تعني مخالفات المسؤولية الاجتماعية، ولا تجاوز قوانين الدولة. والليبرالي، من الناحية السياسية، هو الذي يعتقد أن الحكومة يجب أن تكون نشطة في دعم التغيير الاجتماعي والسياسي، وأن تساند الحريات الأساسية، كحرية التعبير للصحافة والنشر، وحرية المعتقد الديني، والفصل بين الدين والدولة، وضمان الدولة ودستورها لحق الجميع في المساواة أمام القانون، بصرف النظر عن اللون أو الجنس أو الجنسية أو المذهب أو الدين، وأن تكون التجارة حرة، وأن تتوافر للجميع أجواء عمل سهلة، ضمن محيط شفاف، مع حق الدولة في وضع ما يتطلبه الأمر من قوانين تمنع إساءة استخدام الحريات، أو التوحش في اتباعها!

أعتبر نفسي ليبرالياً مؤمناً بأن حقوقي كمواطن، وقبلها كإنسان، لا تزيد على حقوق أي مواطن أو إنسان آخر، ضمن قوانين الدولة ونظمها. من هذا المنطلق، وكوني مسؤولاً في جمعية ليبرالية الاتجاه، فإن آرائي وآراء زملائي في مجلس الإدارة لم تمنعنا يوماً من تقديم مختلف أنواع المساعدات المادية لمن يختلفون عنا في الاتجاه السياسي أو حتى الشخصي، حيث قمنا، على مدى خمس سنوات، بتقديم مساعدات مالية سخية للعديد من المرضى المعسرين، ولأسر متعففة تواجه مصاعب مالية، خاصة في دفع رسوم تعليم أبنائها في مختلف المدارس، التي قد تكون تابعة إما لجمعيات خيرية أو يمتلكها من ينتمون لأحزاب وتيارات دينية، فهذه الأمور لا تعني لنا شيئاً، بل ننظر لصاحب الحاجة ونقدم المساعدة له، إن كان مستحقاً لها، من دون أي اعتبار آخر.

كما أن ليبراليتي لم تسمح لي بالاعتراض على انتقال أحد الكتّاب، المعارضين لنهجي وتفكيري، للكتابة في الصفحة الأخيرة، نقلاً من صفحة داخلية. وقلت للشخصية الكريمة التي استمزجت رأيي، بأنني لا أود أن أكون صاحب القرار، كما أن ليبراليتي لا تسمح لي بالاعتراض على أين يكتب غيري، وماذا يكتب! قلت ذلك مع علمي التام بأن الاتجاه الذي يمثله ذلك الشخص، ومن يماثله، لا يسمح لي ولا لغيري من الليبراليين، بزيارة مطبوعاتهم، السقيمة أصلاً، دع عنك الكتابة فيها!

الليبرالية جميلة، وتتسق تماماً مع الإنسانية، وهي ضد التعصب وضد التطرف وضد القتل وضد التعذيب، وتؤمن بحق الإنسان في الحياة، أياً كانت آراؤه أو معتقداته، وله كامل الحرية في العمل والانتقال، وقد لخص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الوثيقة الأعظم في تاريخ البشرية، مبادئ الحريات الإنسانية، كما يجب أن تكون.

تقوم جمعية الصداقة الكويتية الإنسانية، عند إقامة حفلها السنوي، بتكريم عدد من المقيمين، الذين أمضوا خمسين عاماً وأكثر في الكويت، ممن لم تصدر بحقهم أية أحكام مخلة بالشرف.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى