أبرزشؤون لبنانية

افتتاحية اليوم: تخبّط نيابي

تنعقد جلسة مجلس النواب اليوم، وجدول أعمالها خالٍ من أي بندٍ يتعلّق باقتراح تعديل قانون الانتخابات لجهة تنظيم اقتراع المغتربين، ما يشير إلى استمرار التردّد النيابي في حسم هذا الملفّ الحسّاس، رغم ما له من أثرٍ مباشر على الاستحقاق الانتخابي المقبل.

ففي وقتٍ كانت كتل نيابية تنتظر وضع رئيس مجلس النواب نبيه برّي اقتراح التعديل على جدول الأعمال، ومقاربة جدّية لمسألة مشاركة المغتربين في الانتخابات، لا سيّما بعد الجدل الذي أثاره القانون الحالي، الذي يحصر اقتراعهم بستّة مقاعد مخصّصة في الدائرة الـ16، فُوجئ هؤلاء بإغفالٍ كامل لهذا الموضوع، ما أعاد طرح تساؤلاتٍ حول نيّة القوى السياسية في تأمين مشاركة فعلية للمغتربين، أم الاستمرار في تقييد دورهم الانتخابي.

ورغم التصريحات المتكرّرة من كتل نيابية وازنة حول ضرورة تعديل القانون بما يسمح للمغتربين بالاقتراع لمرشّحي الدوائر الداخلية، كما حصل في انتخابات 2018 و2022، فإنّ واقع الجلسة الأخيرة يؤشّر إلى غياب التوافق الفعلي حول الصيغة النهائية، وسط اتهاماتٍ متبادلة بين الأطراف بمحاولة توظيف الملفّ لمصالح انتخابية ضيّقة.

واللافت أنّ ملفّ اقتراع المغتربين كان مطروحًا بقوة في الأسابيع الماضية، مع تصاعد الضغوط من الجاليات اللبنانية في الخارج للمطالبة بحقّهم في التصويت الكامل، ورفض حصرهم بمقاعد رمزية لا تعكس حجمهم الانتخابي الحقيقي. لكن يبدو أنّ الخلافات حول آلية اقتراعهم، والتخوّف من تأثير أصواتهم على نتائج بعض الدوائر الحسّاسة، دفعت بالملفّ إلى التجميد المؤقّت، وربّما المتعمّد.

مصادر نيابية مطّلعة أشارت إلى أنّ إقصاء الاقتراح من جدول الجلسة لا يعني إسقاطه بالكامل، بل قد يكون انعكاسًا لمراوحة سياسية، بانتظار تبلور تسوية شاملة تشمل سلّة من التعديلات الانتخابية، في حال تقرّر إجراء الانتخابات في موعدها. غير أنّ هذا التبرير لا يبدّد الشكوك لدى شريحة واسعة من اللبنانيين، خصوصًا في الاغتراب، حول صدقيّة الطبقة السياسية في احترام حقّهم الدستوري بالمشاركة الكاملة.

وتتوقّع المصادر النيابية أن يُثار هذا الموضوع في بداية جلسة اليوم، وكما في الجلسة السابقة، لن يكون هناك من فائدة، وسيبقى الوضع على ما هو عليه.

لا شكّ أنّ غياب اقتراح تعديل قانون الانتخابات عن جلسة مجلس النواب اليوم لا يمكن قراءته إلا كإشارة إلى استمرار التخبّط النيابي في مقاربة ملفّ أساسي كاقتراع المغتربين، وسط تساؤلاتٍ مشروعة عمّا إذا كان هذا الغياب مؤقّتًا أم يعكس نيّة دفنه نهائيًّا. وفي ظلّ ما يشهده البلد من تحوّلات سياسية واقتصادية، فإنّ تغييب صوت المغترب لا يُعدّ فقط خطأً تشريعيًّا، بل خسارة وطنية في لحظة مفصلية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى