الكهرباء، همُّ اللبنانيين الأول
ما زال المواطن اللبناني يقبع تحت وطأة أصحاب الإشتراكات الذين يتحكمون بحجم التغذية الكهربائية يوميًا في ظلِّ أسعارٍ تفوق القدرة الشرائية والرواتب ولكن دون حلٍّ بديلٍ لدى المواطن الذي يعاني من غياب أي اصلاح ممكن ولو في الوقت القريب للقطاع الكهربائي فما الأسباب الأساسية التي تتحكمُ بذلك
الهيئة الناظمة
تشكيل الهيئة الناظمة كان حديثًا دائرًا طوال ٢٠ عامًا لكن دون خطواتٍ جديةٍ تُبرهن رغبة المتحكمين في القطاع لإصلاحه عبر إنشاء الهيئة التي تؤسس لذلك الإصلاح،
صدر قانون تنظيم القطاع في العام ٢٠٢٢ وينص على إنشاء الهيئة، تحت رقم 462، ولكن لم يطبق حتّى الآن على الرغمِ من اختلاف الحكومات والوزراء المتعاقبين على حقيبة الطاقة والمياة وباختلاف الطوائف والاحزاب التي ينتمون إليها، ومع إقرار ورقة سياسة القطاع في العام 2010، كان من المفترض أن تتشكّل الهيئة، لأن الورقة مَثَّلَت نقطة تحوُّل في إدارة القطاع، يُراد منها إصلاحه. ومع ذلك، لم تُشَكَّل الهيئة.
لماذا لم تُشكل الهيئة؟
كثُرت تبريرات التأخير في تشكيل الهيئة ولعلَّ إحداها حسب المسؤولين عن القطاع هي
ضرورة إدخال تعديلات على القانون 462، وهو ما استدعى إصدار القانون رقم 181، في العام 2011. ولكن القانون الأخير لم يُطبق ولم يدخل أي تعديل إضافي على القانون الأصلي، ولكن وبشكلٍ مفاجئ دعت وزارة الطاقة حَمَلة المؤهلات إلى تقديم الطلبات، وسيتم تقييمها من خلال لجنةٍ يعينها وزير الطاقة والمياه
طريق الإصلاح
طريق الإصلاح يمر عبر جهاتٍ عديدةٍ يعتبر أهمها الإصلاح الداخلي في القطاع لناحية التمويل الذي لا يستطيع تأمينه سوى مصرف لبنان، ولكن المصرف لا يريد التمويل دون ضمانة بإعادة ما أعطاه فور سلوك القطاع طريق النور وعدم الإعتماد الدائم على الإستدانة وهذا الأمر لا يتحقق سوى بطريقة جدية لجباية الفواتير من المناطق كافةً حسب التسعيرة الجديدة التي حددتها وزارك الطاقة سلفًا ونشرت بيانًا خاصًا بالموضوع، لكن مع الفراغ الرئاسي والإنقسام الحكومي وغياب من يمثل وزارة الطاقة عن عمل مجلس الوزراء يبدو الامرَ صعبًا ولا شيء يضمن أن تسير وزارة الطاقة في الحكومة المقبلة بما أقرته وزارة الطاقة الحالية لناحية الهيئة الناظمة وغيرها، لذا ما تزال الأمور في موضع غير واضح للمستقبل ولا يبنى على الحل المحلي مقتضاه الى الآن.
الحل الخارجي يكمن بما تم الاتفاق عليه مسبقًا وهو استجرار الغاز المصري والكهرباء الاردنية عبر قرض يعطيه البنك الدولي لتنمية القطاع لكن بغياب الهيئة الناظمة لن يخطوَ البنك هذه الخطوة لعلمه بعدم فاعليتها دون الاصلاح الجذري في القطاع وبخطةٍ واضحةٍ تعيد القطاع لطريقه الصحيح بعدما كبّدَ الدولة خسائر مالية ضخمة ووضعها تحت دين تجاوز ال ١٠٠ مليار دولار حتى وان لم تكن كل الديون سببها القطاع لكنه يمتلك حصة الاسد فيها.
حلٌّ ثالثٌ ورد في الأفق ولم يبصر النور الى الان وهو الفيول الايراني الذي اعلن صراحةً رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في وقت سابق أن المنحة الإيرانية سخية جدًا والعرض مغري لكنه سيراسل الادارة الأميركية لتسمح بقبول لبنان بهذه الهبة دون عقوبات تفرض عليها بسبب استيراد الفيول من ايران.
إذًا نحن أمام فرضياتٍ عدة لكن ايًا منها لم يسلك مسيره الى الان ولم يبصر النور بعد، وطريق الاصلاح الأولي يبدأ من لحظة إنشاء الهيئة الناظمة للكهرباء وهو شرط رئيسي من شروط البنك الدولي للقبول بمساعدة لبنان، والسؤال الأبرز هنا، ما الذي يمنع الوزارة من إنشاء هذه الهيئة، ولماذا يتخوف البعض من إنشائها؟
المصدر: خاص رأي سياسي