هل استقلالية البنك المركزي الأميركي “خرافة”؟

بعد الفشل في إقالته من منصبه باكراً، تتكثّف الضغوط بوضوح على رئيس البنك المركزي الأميركي (مجلس الاحتياطي الفيدرالي) جيروم باول من أجل ترك عضوية المجلس مع انتهاء ولاية رئاسته الحالية رسمياً في 15 مايو/أيار 2026، في حين أن عضويته في مجلس الحكّام (Board of Governors) تنتهي في 31 يناير/كانون الثاني 2028. وفي هذا السياق، أتى مضمون مذكرة عملاً عمّمها عضو فريق مبيعات مشتقات الأسهم في جي بي مورغان تشايس، إيلان بنهامو، الخميس، يعتبر فيها أن فكرة عمل الاحتياطي الفيدرالي بمعزل عن الضغوط السياسية “خرافة”، مرجحاً أن تواصل الأسهم الأميركية ارتفاعها الحاد بفضل الرهانات على تخفيضات أسعار الفائدة، في وقت تراجعت السندات الأميركية مع تقييم المتداولين لتداعيات الضغط المتزايد على باول.
وفي مضمون مذكرته التي نقلتها بلومبيرغ، لفت بنهامو إلى أن المستثمرين سيبدأون بالتركيز على سياسات رئيس البنك المركزي الأميركي القادم مع اتضاح اقتراب نهاية ولاية باول. وأوصى عملاءه بالاحتفاظ بمؤشري S&P 500 وVIX طويلي الأجل، في رهانٍ مُزدوج على أن المستثمرين سيستثمرون المزيد من أموالهم في الأصول الخطرة، مثل العملات المشفرة والذكاء الاصطناعي، وأن التقلبات ستزداد حدة بسبب حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية والتضخم والاحتياطي الفيدرالي.
ووُضعت مسألة استقلال الاحتياطي الفيدرالي في دائرة الضوء بعد أن صعّد ترامب حملته ضد باول إلى مستوى جديد يوم الأربعاء، قبل أن يتراجع سريعاً، فيما حذر المحللون من أن إقالة ترامب لباول ستُزعزع الأسواق المالية وتُؤدي إلى مواجهة قانونية خطيرة، وقال بنهامو إن “ما يحدث أمام أعين الجميع مُضرٌّ بالتأكيد بالمؤسسة، ولكن لنكن صادقين، استقلالية الاحتياطي الفيدرالي مجرّد خرافة”، مضيفاً: “لا أعتقد أن باول سيُطرد فعلياً، لكن الأمر لا يهم في هذه المرحلة حقاً، لأن السوق سيدرك قريباً أنه خارج السلطة بشكل مصطنع وسيبدأ في تسعير ما سيفعله الرئيس التالي”.
في غضون ذلك، تراجعت سندات الخزانة الأميركية مع مواجهة الأسواق لتداعيات هجمات الرئيس دونالد ترامب الأخيرة على باول. وصعدت عوائد سندات الحكومة تدريجياً، يوم الخميس، حيث زادت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار نقطة أساس واحدة لتصل إلى 4.47%، وظلت عوائد سندات الخزانة لأجل 30 عاماً فوق 5%.
وجاء ذلك بعدما تراجعت السندات الأربعاء على خلفية تقارير تفيد باستعداد ترامب لإقالة باول، حيث ارتفعت الآجال الأقصر على خلفية احتمالية تسريع تخفيضات أسعار الفائدة، قبل أن يُعلن ترامب أنه لا يخطط لإقالته. وبينما انتقد ترامب باول مراراً وتكراراً هذا العام، أثار التصعيد الأخير قلق المستثمرين بشأن احتمال التدخل السياسي في البنك المركزي، فيما يعتقد خبراء كبار أنّ “أكبر أصول أي بنك مركزي هي مصداقيته، لذا إذا ما طُرد (باول)، فسيكون تأثير ذلك على السوق سلبياً للغاية”.