رأي

وعي جديد وآخر قديم

كتب عبد الله السويجي في صحيفة الخليج

عبدالله السويجي

جميل أن ترى الشعوب في كل بقاع الأرض تهتف بكل اللغات تأييداً لحق الشعب الفلسطيني في الوجود. من كان يظن أن تخرج تظاهرات حاشدة في نيويورك أو ستكهولم أو برلين أو لندن أو جنيف وتهتف لحرية فلسطين.

أعتقد أن أي ظلم يقع على أي شعب سيُقابل بهذه الفزعة الشعبية، رغم أن أحداثاً شنيعة ألمّت بشعوب أخرى، كشعب الروهينغا مثلاً، الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه من أكثر الأقليات التي تتعرض للظلم، وعلى الرغم من المشاهد الأليمة التي نشرتها الصحف العالمية، وتساوي تلك المشاهد التي رأيناها في غزة، إلا أن الشعوب المتحضرة لم تخرج إلى الشوارع بزخم، ربما لأنه لم يرافقها زخم إعلامي، وربما هنالك أسباب أخرى. وكمثال آخر على الظلم تلك الممارسات المتوحشة والدموية التي مارسها تنظيم داعش، من حرق وقتل وتجنيد أطفال ومتاجرة بالنساء، لم تخرج الجماهير رغم ما رافقها من حملات إعلامية، إذ كان تنظيم داعش يبث عمليات القتل وقطع الرؤوس على الهواء مباشرة، واستغل وسائل التواصل الاجتماعي استغلالاً كبيراً، ووضع أفلامهالمنتجة بدقة عالية واحترافية كبيرة على قنوات يوتيوب، وشاهدها ملايين الناس، ولم تقم إدارة التطبيق بحذفها، كما تفعل اليوم.

ورغم كل ذلك لم تخرج الجماهير إلى الشوارع غاضبة، لا في العالم العربي ولا في الغربي ولا في الشرق، هل لأن دولهم أقنعتهم أنها تحاربهم وتحارب الإرهاب؟ لن نقول إن قصف المستشفيات عمل إرهابي أيضاً كي لا ندخل في تضاريس حوار لن نخرج منه أبداً، لأن الطائرات الأمريكية، حين كانت تحارب تنظيم القاعدة وطالبان في أفغانستان، قصفت منشآت مدنية وأعراساً ومجالس عزاء، والأخبار لا زالت موجودة على الإنترنت، بحجة أن بن لادن أو قيادات تتبعه كانت في مجالس العزاء أو تلك الأعراس، والأمر ذاته يسوقونه في قطاع غزة، ويقولون إن مقاتلي حماس يتحصنون بالمستشفيات. وللعلم فإن حركة حماس لا تلقى التأييد من كل الفلسطينيين. وبالمناسبة فإن مساجد كثيرة قُصفت بذريعة أن مقاتلي حماس يتخذون منها قواعد، وبناء على هذا المنطق، يتم تبرير تدمير وحرق المدارس والمستشفيات والأفران والمساجد، ولكننا لا ندري إذا كانت حماس تلوذ بالكنائس، لأن بعضها تعرض للقصف.

في المحصّلة، هنالك وعي جماهيري وشعبي جديد لدى جيل الشباب في العالم، بل هذا الوعي موجود لدى شريحة من الشباب الإسرائيلي الذين يؤيدون حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم على أرضهم، بل إن يهوداً تظاهروا في عواصم عالمية وطالبوا بوقف الحرب وتجنيب المدنيين الموت، إضافة إلى طائفة دينية يهودية لا تؤمن بوجود كيان لهم في فلسطين، وتعدّه ضد منطق التوراة.

لقد شهد العالم حروباً مدمّرة بين الدول، وشهد حروباً أهلية دموية بين أبناء الشعب الواحد، ولم تحل أي حرب بين الدول أو أي حرب أهلية أي مشكلة خارجية أو داخلية، وتوصّل العالم إلى إنشاء الأمم المتحدة للحفاظ على السلام في العالم، وتمكين الشعوب والأقليات من ممارسة حقوقها في إدارة شؤونها الخاصة، من دون تدخل، لكن مجلس الأمن، ومعه المنظمات العديدة التابعة للأمم المتحدة، فشلت في استتباب الأمن والسلام في العالم، والبعض يقول إن الأمم المتحدة تدعم (الأونروا) للإبقاء على مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وهي مسؤولة الآن عن اللاجئين السوريين والليبيين والعراقيين والأفارقة والأوكرانيين وغيرهم وغيرهم. فمتى سيقتنع قادة الدول أن الحرب ليست الحل، ولا يمكن أن تكون.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى