وجود وحدة للترميم ضرورة ملحة في دولة الكويت

كتب د. سعود محمد العصفور في صحيفة القبس:
وجود وحدة ترميم على كفاية ودراية لها أهمية كبيرة في مجال ترميم القطع الأثرية والورقية في كل دولة تصون تراثها وتحافظ عليه، وليس الأمر هو من باب اللواحق، بل هو من أساسيات وجود المتاحف والجهات الخازنة لهذه القطع الأثرية والورقية. لذا، لا تكاد تخلو منه دولة تعتني بمتاحفها وجهاتها الخازنة.
والملاحظ أن دولة الكويت لا توجود بها مثل هذه الوحدة، سوى إدارة المخطوطات والمكتبات التي تشرفت بإنشائها وتأسيسها مديراً، بداية في وزارة الأوقاف، قبل انتقالي للتدريس في جامعة الكويت، حيث أنشأنا وحدة صغيرة لترميم المخطوطات، بالتعاون مع مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث. وأهدانا الشيخ جمعة الماجد، حفظه الله ورعاه وأطال الله بعمره، جهازاً آلياً لترميم المخطوطات، فضلاً عن تدريب بعض شبابنا من الكويتيين على الترميم اليدوي على يد خبيره المتميز الدكتور بسام داغستاني. ثم بعدها أوجدنا أجهزة للتعقيم ولواحقها.
والأمر برمته لا يكفي في ظل هذه الوحدة الصغيرة التي لا تغطي سوى ما لدى هذه الإدارة من مخطوطات ومطبوعات، فالترميم له لواحقه، خاصة إذا ما كان الأمر على مستوى المتاحف والمكتبات والجهات الخازنة للأوراق المخطوطة والمطبوعة في الدولة.
لذا، فإن للمؤسسات والجهات التي يقف على رأسها -حالياً- المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، فضلاً عن أرشيف الدولة، وجامعة الكويت، ممثلة في إدارة المكتبات، ومركز البحوث والدراسات الكويتية، ووزارة التربية، وغيرها -دورها الملح في إنشاء وحدة متكاملة على مستوى الدولة تقوم بهذا الدور اللافت.
وعدم إنشاء هذه الوحدة حالياً وتأخير الأمر له خطره وتداعياته، أولها تهالك القطع الأثرية والأوراق والكتب التي هي بحاجة ماسة للتعقيم والترميم ولواحقهما، الأمر الذي يعرضها للتلف. وثانيها عدم وجود التعقيم الدوري لهذه المواد يعرضها أيضاً للتهالك وللآفات الحشرية المنظورة والمجهرية، وهو أمر يؤدي إلى استفحال الخطر في تعرضها إلى المزيد من التلف. وثالثها أن بعض الجهات التي ذكرناها تضطر بين الحين والآخر إلى إرسال ما يحتاج إلى الترميم إلحاحاً إلى وحدات متخصصة خارجية، وهذا الأمر برمته غير مقبول ولا معقول، فالتكلفة في الغالب باهظة وفيها هدر مالي كبير، ناهيك عن تعرض هذه القطع للضياع أو التلف في ظل نقلها وطول المدة التي تحتاجها للترميم.
والأمر أيضاً ينسحب على المكتبات العامة والجهات الحكومية الأخرى الخازنة لتلك الكتب والأوراق المطبوعة، فإن الأمر يتطلب ابتداء التعقيم الدوري، فضلاً عن ترميم ما يحتاج إلى الترميم.
إن وجود مثل هذه الوحدة يتطلب أيضاً حوافز مالية وبدل طبيعة عمل للعاملين فيها، لأن تلك القطع والأوراق لا تخلو بحال من الآفات الحشرية والأتربة الناقلة والمسببة للأمراض، خاصة المرتبطة بالحساسية، لذا لابد من السير بطريق آمن يكفل للعاملين في هذه الوحدة ولواحقها حقوقهم وحوافزهم المالية في العمل والتميز.
لذا، من هذا المنبر، القبس، أوجه نداءً عاجلاً للجهات التي أشرت إليها ابتداءً، بضرورة جعل إنشاء وحدة ترميم على مستوى دولة الكويت تقوم بهذا الدور المهم، على رأس أولوياتها، فإن الأمر يتطلب السرعة والمهنية، وقد سبق أن عرضت هذا الأمر مراراً في الندوات واللقاءات العلمية أمام تلك الجهات، وقد أظهر الجميع توافقاً إيجابياً على مستوى التنظير، لكن إلى وقتنا الحاضر لا أجد تفاعلاً يرقى إلى مستوى الطموح، فهل من مجيب؟!