رأي

هوكشتاين أتى وعاد متفائلاً ليرجع في وقتٍ قصير
.. فهل يصل ملف الترسيم الى خاتمته السعيدة هذا الشهر؟!

كتبت دوللي بشعلاني في “الديار”:

أنهى الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان والعدو الإسرائيلي آموس هوكشتاين زيارته الرابعة الى لبنان بأجواء تفاؤلية أكثر من تلك التي سادت قبلها بأسابيع واعداً بزيارة «خامسة» في وقت قصير يأتي خلالها مجدّداً بالجواب الإسرائيلي على عرض لبنان الأخير، ما قد يُبشّر بإبرام اتفاقية ترسيم الحدود خلال شهر آب الجاري. وأظهر هوكشتاين تفاؤله العارم من خلال اللقاء الذي جمعه بمناسبة العيد الـ 77 للجيش اللبناني، في قصر بعبدا برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيسي مجلس النوّاب نبيه برّي ومجلس الوزراء نجيب ميقاتي في الوقت نفسه للمرة الأولى، الى جانب نائب رئيس مجلس النوّاب الياس بو صعب، ومدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، والسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا والوفد المرافق، مبدياً امتنانه للرئيس عون لحصول هذا اللقاء الذي جرت خلاله مناقشة ملف الترسيم وعرض موقف لبنان بعد أن نقل هوكشتاين الردّ الإسرائيلي على طرح لبنان الأخير.

تقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة بأنّ هوكشتاين بدا ممتناً من لقاء بعبدا الذي جمعه بالمسؤولين اللبنانيين للمرة الأولى معاً، كونه حصل على ما سمع، على موقف موحّد من ملف الترسيم، وهو ما كان يُعوّل عليه لدفع المحادثات قُدماً نحو التوصّل الى اتفاق. علماً بأنّ مواقف عون وبرّي وميقاتي كانت متوافقة خلال الزيارات السابقة، فيما تعارضت مع موقف الوفد اللبناني المُفاوض على طاولة الناقورة الذي قام بتنفيذ الأوامر أو القرارات السياسية التي أُسندت إليه. فيما حصل توافق سياسي فيما بعد على التراجع عن الخط 29 والعودة الى التمسّك بالخط 23 المودع من قبل لبنان لدى الأمم المتحدة.

ولاحظت الأوساط نفسها، غياب قائد الجيش العماد جوزف عون عن لقاء بعبدا، علماً بأنّ المؤسسة العسكرية هي المسؤولة عن حماية حدود وسيادة واستقلال الوطن، وأنّ مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش اللبناني هي التي قامت برسم الخرائط للمنطقة الحدودية المتنازع عليها بإحداثياتها الجديدة.. وقد استدعى ذلك المطالبة بتعديل المرسوم 6433، بحسب الخط 29 الجديد الذي رسمته إستناداً الى التقرير البريطاني الصادر في العام 2013. هذا الخط الذي طرحه الوفد التقني العسكري اللبناني على طاولة الناقورة خلال جولات المفاوضات غير المباشرة التي عقدت بين الجانبين، وجرى تعليقها في 5 أيّار من العام الماضي. رغم ذلك لم يتمّ شرح سبب غياب العماد عون عن هذا اللقاء رغم احتفاله قبله بقليل مع سائر المسؤولين اللبنانيين بمناسبة العيد الـ 77 للجيش اللبناني في الأول من آب.

وفيما يتعلّق بتأكيد لبنان حرصه على حقوقه في مياهه الإقليمية وثرواته الطبيعية، والتي «هي حقوق لا يُمكن التساهل بها تحت أي إعتبار، وأنّ المفاوضات غير المباشرة الجارية هدفها الأول والأخير الحفاظ على هذه الحقوق»، على ما صرّح الرئيس عون، ألمحت الأوساط نفسها الى أنّه لا يُمكن الكشف منذ الآن عمّا يُطالب به لبنان بالتفاصيل، غير أنّ ما بات معروفاً هو أنّه يتمسّك ببلوكاته الحدودية كاملة أي 8 و 9 و 10 وبحقل «قانا» كاملاً. وهذا يعني بأنّ أي خط حدودي سيتمّ التوافق عليه خلال الأسابيع المقبلة، لن يكون أي من الخطوط القائمة حالياً، والمتعارف عليها، لأنّه لن يكون مستقيماً، كما هي حالها الآن، بل متعرّجاً ليضمّ قانا «كاملاً» الى حصّة لبنان أكان منطلقاً من النقطة 23 أو من سواها.

غير أنّها رأت بأنّ ما جرت مناقشته حتى الآن، لم يتناول فرضية وجود حقول مشتركة قد تظهر بعد الترسيم، فيما قد يكون الأميركي والاسرائيلي على علم بها منذ الآن، كون هذا الأخير أجرى مسحاً شاملاً للمنطقة الاقتصادية الخالصة وحدّد الحقول النفطية ضمنها من جانبه فقط، وهذا الأمر لا بدّ وأن يكون موضع متابعة خلال زيارات هوكشتاين المقبلة. علماً أنّ موضوع تقاسم الثروات النفطية أو عائدات الحقول المشتركة، أو حتى شراء العدو الإسرائيلي للجزء الجنوبي من حقل «قانا» الذي يتخطّى الخط 23، قد وُضع جانباً بعد أن رفضه «حزب الله» بشكلً قاطع لأنّه وجد فيه نوعا من التطبيع مع العدو الإسرائيلي.

وتساءلت الأوساط عينها، كيف سيقبل العدو الاسرائيلي بالتخلّي عن مساحة الـ 445 كلم2 التي يعتبرها امتداداً لحقل «كاريش»، فيما يجدها لبنان امتداداً لحقل «قانا»، وعن الجزء الذي كان يُطالب به في البلوك 8 تسهيلاً لمدّ خط الأنابيب نحو الدول الأوروبية، لو لم يكن تراجع لبنان عن الخط 29 مفيداً له؟! يكفي أنّه منحه حقل «كاريش» كاملاً دون التوافق على أي خط آخر.

ولفتت الى أنّه في حال صدقت التصريحات التي أعلنها عدد من المسؤولين اللبنانيين، كما أتت على لسان هوكشتاين عن أنّ التقدّم الهائل والمتواصل الحاصل سيوصل ملف الترسيم الى خواتيمه السعيدة قريباً، أي الى إمكانية إبرام الإتفاق النهائي خلال آب الجاري، ما يعني قبل بدء سفينة «إنرجين باور» عملها في إنتاج الغاز في أيلول المقبل، فإنّ المشاورات اللاحقة ستكون حول نوعية الإتفاق. واستبعدت أن يتمّ التوقيع من قبل الجانبين على نسخة واحدة من الإتفاق، بل أن يُصار الى إرسال لبنان، كما العدو الإسرائيلي، كلّ على حدة، نسخة عن اتفاقية حدوده البحرية الى الأمم المتحدة. ويبقى السؤال: كيف ستضمن هذه الإتفاقية التزام العدو الإسرائيلي بها، وهو لا يتوانى عن خرق السيادة اللبنانية برّاً وبحراً وجوّاً منذ عقود رغم القرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة؟!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى